
أطلقت أسر وأصدقاء السجناء السياسيين في سجن "بدر 3"، أول من أمس الجمعة، حملة تضامن واسعة للمطالبة بفتح الزيارات، الممنوعة منذ أكثر من ثماني سنوات، والتأكيد على دعمهم الإضراب المفتوح عن الطعام الذي يخوضه عشرات المعتقلين السياسيين داخل السجن، احتجاجاً على ما وصفوه بـ"الحرمان المنهجي من الحقوق الأساسية". ودعت الحملة إلى التفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي باستخدام وسم #افتحوا_الزيارة، بالتزامن مع تسريبات متكررة من "قطاع 2" في سجن "بدر 3"، أكدت دخول 35 معتقلاً سياسياً في إضراب مفتوح عن الطعام، بينهم قيادات بارزة في جماعة الإخوان المسلمين وحكومة الرئيس الراحل محمد مرسي. وأشارت التسريبات إلى تدهور خطير في الحالة الصحية لبعضهم، وسط محاولات انتحار متتالية، ومخاوف من تنفيذ انتحار جماعي وشيك في حال استمرار تجاهل المطالب.
وضع مأساوي في سجن "بدر 3"
وقال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، لـ"العربي الجديد"، إن إعلان عشرات المعتقلين السياسيين في سجن "بدر 3" الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام، ومحاولة عدد كبير منهم الانتحار "لا يمكن تفسيره إلا بأن الوضع داخل السجن أصبح مأساوياً إلى حد لا يُحتمل"، مضيفاً أن "جميع المحاولات السابقة لوقف الانتهاكات باءت بالفشل". ولفت إلى أن "الزيارة في حياة المعتقل هي بمثابة نزهة إنسانية تمنحه بعض الطمأنينة، وتمكنه من الاطمئنان على أسرته وأطفاله، لكن استمرار منع الزيارة لما يزيد عن ثماني سنوات يُفقد المعتقل الأمل في العدالة، ويجعله يشعر بانعدام جدوى أي حديث عن دولة القانون".
خلف بيومي: المعتقلون عرضوا مظلمتهم على إحدى الدوائر القضائية لكن دون استجابة
ودفع تدهور الأوضاع في السجن، وفق بيومي، المعتقلين إلى "اتخاذ خطوة الإضراب رغم كبر سن العديد منهم وتدهور حالتهم الصحية"، مشيراً إلى أن "هؤلاء المعتقلين عرضوا مظلمتهم على إحدى الدوائر القضائية، لكنهم لم يجدوا أي تفاعل أو استجابة، ما زاد من شعورهم بالإقصاء والتجاهل التام". وأكد مدير مركز الشهاب أن المركز "يتضامن بشكل كامل مع مطالب المعتقلين المشروعة والطبيعية"، مضيفاً أن المركز قد خاطب عدداً من الآليات الأممية والدولية من أجل التدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات". وحذر بيومي من أن "الإضراب القائم قد يودي بحياة بعض المعتقلين"، مشدداً على أن "المهم الآن أن يُسمع صوتهم، وأن يجدوا تضامناً حقيقياً مع مطالبهم الإنسانية". وفي رأيه "الصمت أمام هذه الانتهاكات لا يقل أذى عن الانتهاك نفسه".
نمط ممنهج
من جهتها، قالت "لجنة العدالة"، وهي منظمة حقوقية مقرها جنيف، في بيان يوم 31 يوليو/ تموز الماضي، إن ما يجري في سجن "بدر 3" لم يعد مجرد "تجاوزات فردية"، بل "نمط ممنهج" من الانتهاكات المستمرة منذ 11 يوماً داخل قطاع 2 من السجن، تتضمن تهديدات مباشرة من مسؤولي الأمن الوطني، وانهيارات جسدية ونفسية متكررة، في ظل غياب أي رد رسمي. وكشفت اللجنة عن اجتماع جرى في 19 يوليو الماضي بين ثلاثة من كبار ضباط الأمن الوطني وبين المعتقلين أمين الصيرفي ومحمد البلتاجي، تلقيا خلاله تهديدات صريحة بالإعدام واعتقال النساء إن لم ينهوا الإضراب خلال 48 ساعة. وأضافت أن تهديدات مماثلة وُجهت لاحقاً إلى عدد من القيادات، بينها خيرت الشاطر، عمرو العقيد، وجهاد الحداد، الذي قيل إنه تلقى "أعنف" تهديد، جاء فيه: "الغلط معانا مرة واحدة، وبعد كده الرصاص هو اللي هيتكلم".
وفي سياق متصل، أفادت تقارير حقوقية متعددة، أبرزها تقرير مشترك لـ14 منظمة حقوقية (بما في ذلك لجنة العدالة)، بأن المعتقل مصطفى الغنيمي أقدم على محاولة انتحار بابتلاع خمسة شرائط دواء، نُقل على إثرها إلى العناية المركزة، تلاه المعتقل هاني شعبان بدقائق. كما سُجلت حالات انهيار صحي ونفسي لمعتقلين آخرين بينهم السفير السابق رفاعة الطهطاوي، ومحمد البلتاجي، وأسعد الشيخة، وأحمد عارف، الذي قال في آخر ظهور له: "سأواصل إضرابي حتى يعلم العالم ما يحدث... الحياة لا تستحق إن سكتنا عن جرائمكم".
ووفقاً للجنة العدالة، فقد حاول عبد السلام المليجي (65 عاماً) الانتحار، وجرى نقله إلى المستشفى مقيداً وحقنه بالمورفين، وهو الإجراء نفسه الذي طُبق على معتقلين سابقين مثل عبد الله شحاتة ورضا أبو الغيط. وفي 30 يوليو الماضي، قطع حسن البرنس شرايينه، ونُقل إلى المركز الطبي، من دون معلومات مؤكدة عن وضعه الصحي. وأفادت اللجنة بأن 15 من أصل 35 سجيناً مضرباً عن الطعام في حالة صحية حرجة، من بينهم: عبد الرحمن البر، أسعد الشيخة، أمين الصيرفي، رفاعة الطهطاوي، باسم عودة، أسامة مرسي، أسامة ياسين، أحمد عارف، خالد الأزهري، ومحمد سعد عليوة. وهدد عدد من المعتقلين، من بينهم الطهطاوي والشيخة والبرنس، بالشروع في انتحار جماعي إذا لم تُنفذ مطالبهم الأساسية، والتي تشمل فتح الزيارات، الحصول على الرعاية الطبية، والتعرض للشمس، ووقف سياسة العزل والتهديدات.
اتهمت "لجنة العدالة" السلطات المصرية بانتهاك الدستور المحلي والمواثيق الدولية
واتهمت اللجنة السلطات المصرية بانتهاك الدستور المحلي والمواثيق الدولية، بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مناهضة التعذيب، داعية إلى تدخل دولي عاجل، وفتح تحقيق مستقل، وتمكين السجناء من حقوقهم الإنسانية. وحذرت "لجنة العدالة" في ختام بيانها من "كارثة إنسانية وشيكة"، مطالبة بتحرك دولي فوري لوقف الانتهاكات قبل فوات الأوان. وخلال مؤتمر حقوقي عُقد في إسطنبول، يوم 31 يوليو الماضي، بحضور إعلاميين ونشطاء عرب وأوروبيين، طالبت منظمات حقوقية بالإفراج الفوري عن محمد البلتاجي وسجناء الرأي في قطاع 2 في سجن "بدر 3"، مشيرة إلى التدهور الخطير في حالتهم الصحية. كما دعت منظمة هيومن رايتس إيجيبت، في بيان أخيراً إلى الإفراج عن كافة معتقلي الرأي، وكشفت عن استمرار حالات الإخفاء القسري في سجون أخرى.

أخبار ذات صلة.
