الصين لا تعوّل على الحلفاء في أي صراع محتمل حول تايوان
عربي
منذ 3 ساعات
مشاركة

أثير الكثير من التكهنات أخيراً حول أي من القوى الفاعلة في منطقة المحيطين قد تتدخل في حال اندلاع حرب بين الصين والولايات المتحدة في مضيق تايوان، خصوصاً عقب تواتر تقارير بأن الولايات المتحدة تضغط على اليابان وأستراليا لتوضيح دورهما في مثل هذه الحالة. وكان وكيل وزارة الدفاع الأميركية لشؤون السياسات، إلبريدج كولبي، قد دفع بهذه المسألة خلال محادثات جرت في الآونة الأخيرة مع مسؤولي الدفاع في كلا البلدَين. وذكر كولبي على منصة إكس (تويتر سابقاً)، أن وزارة الدفاع تركز على تنفيذ سياسة "أميركا أولاً" التي يتبعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لاستعادة الردع بما يتضمن "حثّ الحلفاء على زيادة إنفاقهم الدفاعي وغير ذلك من الجهود المتعلقة بدفاعنا الجماعي".

حلفاء الصين

في تعليقها على ذلك، اعتبرت وسائل إعلام صينية، أن الدول التي تقف إلى جانب الصين قليلة. وذكرت أن كوريا الشمالية هي الحليف الوحيد للصين بموجب معاهدة تاريخية. وتُلزم المعاهدة التي أُقرّت في عام 1961 الجانبين باتخاذ جميع التدابير اللازمة لمواجهة أي دولة أو تحالف دول يهاجم أياً منهما. أيضاً وصفت باكستان بأنها الأخ الحديدي للصين. ولفتت تلك الوسائل إلى أنه نظراً لعلاقتها غير القابلة للإصلاح تقريباً مع الهند، قد تُفكر باكستان جدياً في الاستعانة بالصين من أجل المساعدة في مواجهة الهند في أسوأ السيناريوهات. ومع ذلك، اعتبرت وسائل إعلام صينية أن انضمام باكستان إلى حرب لمساعدة الصين ضد الولايات المتحدة، وهي مُقدِّم رئيسي للمساعدات لباكستان، أمرٌ مستبعدٌ للغاية. أيضاً أشارت إلى روسيا باعتبارها الشريك الاستراتيجي الأكثر فائدة للصين. ويتجلى تقارب البلدين في مناوراتهما الجوية والبحرية المنتظمة. ولكن لماذا قد تختار روسيا التورط في صراع في مضيق تايوان إذا لم تقدم الصين لها مساعدة عسكرية في حرب أوكرانيا؟

لين وي: الصين لديها الكثير من الحلفاء والأصدقاء لكنها لا تعول عليهم في أي حرب

وتتزامن هذه التساؤلات مع فشل التصويت على عزل نواب المعارضة الموالين للصين في برلمان تايوان، إذ رفض الناخبون في تايبيه، نهاية الأسبوع الماضي، حملة سحب الثقة الجماعية التي استهدفت نواب المعارضة في المجلس التشريعي التايواني، مما يمثّل انتكاسة كبيرة للزعيم التايواني وليام لاي تشينغ تي، وحزبه الديمقراطي التقدمي الحاكم، بينما يمنح حزب كومينتانغ فرصة في تعزيز حضوره وتأثيره في المشهد السياسي بالجزيرة. أيضاً يأتي ذلك عقب تصعيد الجيش الصيني مناوراته العسكرية حول تايوان، وتهديداته المباشرة والصريحة لقادة الجزيرة بالسحق في حال أصروا على فكرة الانفصال عن البر الرئيسي الصيني.

في السياق، يقول الباحث في معهد جيانغ شي للدراسات السياسية لين وي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الصين لديها الكثير من الحلفاء والأصدقاء سواء في محيطها أو في العالم الخارجي، لكنها لا تعول عليهم في أي حرب قد تخوضها من أجل استعادة تايوان، لأنها تدرك أن لكل دولة حساباتها الخاصة، وهي لا تجبر أحداً على الدخول في لعبة الاستقطاب بين القوى الكبرى. ويوضح بأن الصين هي الدولة الوحيدة التي لم توقع على اتفاقية دفاع مشترك مع أي دولة أخرى، وهذا يبرز العقلية الصينية التي لا تؤمن بالحروب ولا تسعى لها، وتدعو بشكل دائم ومتكرر إلى حل الخلافات بين الدول عبر قنوات الحوار. ولكن في الوقت نفسه، تعزز الصين قدراتها الدفاعية والهجومية، وقد تمكنت خلال العقد الأخير من تطوير ترسانتها العسكرية بما يتناسب مع الحروب العصرية القائمة على الكفاءة والقدرات التكنولوجية.

ولفت إلى أن الصين مع وصولها إلى هذا المستوى من التطور العسكري والتقني، لا تعول على أحد، ولا تربط أهدافها بمواقف دول أخرى. على سبيل المثال: في ما يتعلق بتايوان، حددت بكين مبكراً الخطوط الحمراء في هذه المسألة، وهي تعتبر أن إعلان الانفصال من قادة الجزيرة في أي وقت، يعد إيذاناً ببدء حرب لاستعادة تايوان بالقوة، بغض النظر عن من يدعمها أو يقف إلى جانبها.
في توضيح طبيعة التحالف بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية، يرى الباحث في الشأن الكوري بجامعة تايبيه الوطنية فيكتور وانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، أن دعم الصين لكوريا الشمالية باعتبار الأولى شريان الحياة الاقتصادي لبيونغ يانغ في ظل تشديد الحصار وفرض العقوبات الأممية عليها بسبب برنامجها النووي، لا يعني بالضرورة أن تحرّك كوريا الشمالية جيشها للقتال إلى جانب الصين، وإن كانت الأخيرة قد فعلت ذلك في خمسينيات القرن الماضي، عندما أرسل الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ، جيشه للدفاع عن الشيوعيين ضد القوى الرأسمالية في الحرب الكورية (1950 ـ 1953).

فيكتور وانغ: الصين كان لديها تحفظ شديد على إرسال جنود كوريين شماليين للقتال إلى جانب الجيش الروسي

خلافات بكين وبيونغ يانغ

ويضيف وانغ أنه على الرغم من إشادة كلا البلدين بصداقتهما التاريخية في كل مناسبة، واعتبارها صداقة الدم، ولكن في الحقيقة هناك الكثير من الخلافات بين الجانبين، وغالباً ما تقع العلاقة بينهما فريسة للحسابات الداخلية والجيوسياسية، وكذلك المصالح الخاصة. وعادة ما تتجلى هذه الخلافات في مقاربة المسألة النووية في شبه الجزيرة الكورية، أيضاً الصين كان لديها تحفظ شديد على إرسال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، جنوده للقتال إلى جانب الجيش الروسي في حربه ضد أوكرانيا.

أما في ما يخص روسيا، فالأمر ببساطة قائم على مصالح استراتيجية لها علاقة بالحسابات الجيوسياسية، وبالرغم من متانة العلاقات بين بكين وموسكو لكنها لا ترتقي إلى حد الدفاع المشترك، الصين لم ترسل جيشها إلى روسيا، واكتفت بدعم نظام بوتين عبر القنوات الدبلوماسية والاقتصادية. ومع ذلك حافظت بكين على هامش من الحياد في بعض الملفات المتعلقة بالحرب. وبالطبع سوف تتصرف موسكو بالمثل في حال خاضت الصين حرباً لاستعادة تايوان.

يشار إلى أن تسجيلات صوتية مسرّبة منسوبة لترامب، حصلت عليها شبكة سي أن أن الأميركية، أخيراً، كشفت أنه هدّد الصين خلال حملته الانتخابية في أحد اللقاءات الخاصة التي عقدها مع عدد من كبار المتبرعين لحملته. وقال إنه وجّه تهديداً للرئيس الصيني شي جين بينغ، بأنه في حال أقدمت الصين على شنّ هجوم ضد تايوان، فإن الولايات المتحدة ستقصف بكين ردّاً على ذلك"، وأضاف: "أعتقد أنّني مجنون لكنّنا لم نواجه أي مشاكل".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية