
كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، عن أن برنامج التعاون العسكري المتنامي بين مصر وتركيا لا يقتصر على مشروع مقاتلة الجيل الخامس "قآن" فقط، بل يشمل مجالات أوسع في التصنيع العسكري، من بينها تفاهمات مبدئية لتوطين إنتاج الطائرات المُسيّرة الهجومية من طراز "بيرقدار"، التي تُعدّ من أبرز المنتجات الدفاعية التركية الحديثة.
وبحسب المصادر، فإن القاهرة أعربت عن اهتمامها بتصنيع الطائرة "بيرقدار تي بي 2" محلياً، أو تطوير نسخة معدّلة منها داخل المصانع الحربية المصرية، نظراً إلى حاجتها المتزايدة إلى هذا النوع من السلاح في ظل التحديات الأمنية على جبهات متعددة، ولا سيما في سيناء والمناطق الحدودية الغربية والجنوبية. وكشفت وسائل إعلام تركية عن موافقة أنقرة من حيث المبدأ على انضمام مصر شريكاً مطوّراً في مشروع إنتاج المقاتلة التركية من الجيل الخامس "قآن "(TAI Kaan)، وذلك في خطوة غير مسبوقة نحو شراكة تقنية وصناعية استراتيجية بين البلدين، في قطاع الصناعات الدفاعية.
وذكرت تقارير تركية أن مشاركة مصر في البرنامج تفتح الباب لتعزيز التعاون العسكري والتقني بين أنقرة والقاهرة، بما يعكس مساراً متصاعداً من التقارب بين الجانبين في السنوات الأخيرة. وبحسب هذه التقارير، فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عبّر عن اهتمام بلاده بالانضمام إلى البرنامج خلال زيارته الرسمية إلى أنقرة في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، وهي الزيارة الأولى له إلى العاصمة التركية رئيساً.
وجاءت الخطوة التركية عقب زيارة ميدانية أجراها وفد من القوات الجوية المصرية إلى منشآت شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية "توساش"، اطّلع خلالها على النموذج الأولي للطائرة وخطوط الإنتاج، حيث تخضع المقاتلة حالياً لسلسلة من التجارب الجوية والاختبارات الفنية. ومن المتوقع، بحسب المصادر، توقيع مذكرة تفاهم رسمية بين الجانبين قبل نهاية عام 2025، تمهيداً لتعاون أوسع يشمل نقل التكنولوجيا والتصنيع، وربما الإنتاج المشترك مستقبلاً.
وتُعرف "قآن" أيضاً باسم "الطائرة القتالية الوطنية"، وهي مقاتلة شبحية من الجيل الخامس بمحركين، مصممة للعمل في جميع الظروف الجوية، وتطمح تركيا إلى أن تحل محل أسطول مقاتلات إف-16 في سلاحها الجوي، كما تسعى إلى تصدير الطائرة إلى الأسواق الدولية. وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة تركية أوسع لتطوير قدراتها في مجال الصناعات الدفاعية، وضمن طموحها للانضمام إلى نادي الدول المنتجة لطائرات الجيل الخامس، الذي يضم الولايات المتحدة وروسيا والصين فقط.
ووفقاً للمواصفات الفنية، تتمتع "قآن" بقدرات متقدمة في مهام التفوق الجوي، والحرب الإلكترونية، والضربات الدقيقة، وتصل سرعتها إلى 1.8 ماخ، بقدرة طيران تفوق 55 ألف قدم. كما تُجهّز بمنظومات تسليح محلية تشمل صواريخ "بوزدوغان" و"غوكدوغان" جو-جو، وصواريخ كروز من نوع SOM، وقنابل موجهة من طراز HGK، إضافة إلى أنظمة تشويش إلكترونية متطورة.
ويعكس انضمام مصر إلى البرنامج، رغبة القاهرة في التحول من دولة مستوردة للسلاح، إلى شريك صناعي فاعل في مشاريع عسكرية كبرى. ويقول مراقبون إن التعاون الدفاعي المتنامي مع تركيا يأتي ضمن توجه مصري لتوسيع التصنيع المحلي للأسلحة، في ظل فاتورة استيراد ضخمة وأوضاع اقتصادية صعبة. وبحسب مصادر مطلعة، فإن منشآت الإنتاج الحربي في مصر تصنّع حالياً مجموعة متنوعة من المعدات والأسلحة، وقد تم عرض العديد منها في معرض مصر الدولي للدفاع EDEX ومعارض أخرى دولية.
ورغم محدودية المعلومات المتوفرة حتى الآن حول مدى المشاركة المصرية التقنية في تطوير الطائرة، وإمكانية مساهمة المعاهد والهيئات البحثية المصرية في التصميم أو الإنتاج، إلا أن التقارير التركية تعتبر موافقة أنقرة على إشراك القاهرة في البرنامج خطوة رمزية قوية باتجاه بناء شراكة استراتيجية أوسع في المجال العسكري.
وفي هذا السياق، يُذكر أن رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق أحمد خليفة، زار تركيا مرتين خلال أقل من ستة أشهر، التقى خلالهما نظيره التركي متين جوراك، ومسؤولين آخرين في وزارة الدفاع التركية، في مؤشر على جدية الجانبين في تعزيز العلاقة العسكرية. كما تبدي القاهرة اهتماماً متزايداً بمنتجات الدفاع التركية، مثل الطائرات بدون طيار، وأنظمة الدفاع الجوي، والصواريخ الذكية، ما يعزز فرص توسيع الشراكة في برامج تسليحية أخرى خلال السنوات المقبلة.
ويرى خبراء عسكريون أن مشاركة مصر في برنامج "قآن" من شأنها أن تعيد رسم موازين القوى الجوية في الشرق الأوسط، وتفتح أمام القاهرة بوابة تكنولوجية جديدة تُمكّنها من امتلاك قدرات تصنيعية متقدمة على المدى المتوسط.

أخبار ذات صلة.
