
حزبي
كانت ولازالت تعز باقية في موقعها المشرِّف الذي اختارته كرافعة مهمة للنظام الجمهوري منذ انطلاق ثورة 26سبتمبر المجيدة، ولاحقاً بوقوفها ضد الانقلاب المليشاوي الحوثي حين أراد استزراع نسخة جديدة من النظام الكهنوتي الإمامي الذي ذهبت به الثورة السبتمبرية إلى مزبلة التاريخ، ومع انطلاق مشروع مقاومة واسقاط الانقلاب تحمَّلت تعز بكامل اختيارها جزءً كبيراً من هذه المسؤلية التاريخية، وصبرت على تبعات هذا الموقف دافعة الثمن من أرواح وجراح أبنائها، وعانت الحصار والقنص والقصف، وسلسلة طويلة من الجرائم التي مارستها مليشيا الحوثي الارهابية منذ العام 2014 وحتى اليوم، ومع كل هذا الثمن الباهض تمسكت هذه المدينة بالجمهورية والشرعية التي أُسقِطت في صنعاء وعادت إليها الروح في تعز.
مع عودة مؤسسات الشرعية للعمل بشكل تدريجي ظلت معاناة المدينة حاضرة بقوة، وتمثَّلت بغياب أو ضعف الخدمات الأساسية كالماء والكهرباء والصحة والتعليم ، ولعل مرد كل ذلك إلى وجود خلل بنيوي في قيادة السلطة المحلية بالمحافظة، والتي لم تكن عند مستوى المسؤلية الإدارية والخدمية، وأدارت ملف الخدمات بطريقة بيروقراطية مملة ترتكز على تدوير قيادات فاشلة وغير مشهود لها بالكفاءة والنزاهة، وعدم تفعيل مبدأ الشفافية، وغياب المساءلة والمحاسبة، والتستر على الجهات أو الأشخاص المتورطين في تعطيل الخدمات أو التلاعب بها طوال السنوات الماضية، وكانت ثالثة الأثافي الذهاب إلى مكايدات سياسية مغرضة لا منطقية وغير مقنعة، وتحرف مسار المسؤلية القانونية والأخلاقية التي من الطبيعي أن يتحملها كل ذي منصب من أي حزب كان.
إضافة إلى ذلك فإن ظاهرة غياب محافظ المحافظة المتكرر تركت فجوة ليست بالبسيطة ، وحالت دون ممارسة الدور الرقابي على أداء المؤسسات الخدمية، وفتحت الباب واسعاً أمام لوبيهات الفساد المالي والإداري التي أمِنت المحاسبة فاستمرت في استنزاف الموازنات والاعتمادات المركزية والإيرادات المحلية لتحقيق ثراء شخصي لا يمت لحاجات التعزيين وحياتهم بصلة، ومع أن هذه الموارد التي تذهب لغير الصالح العام ليست كافية لسد كامل احتياج السكان من الخدمات، لكن حسن إدارتها ونجاتها من "الابتلاع" بإمكانه أن يسد جزء من الفجوة الحاصلة.
بالمقابل ومع ندرة الخدمات التي تعبّر عن صورة مؤسسات الشرعية وتواجدها، فمن العدل والإنصاف التأكيد أن المؤسسة العسكرية والأمنية في تعز تمثل "ما تبقى من الدولة" بشكل يبعث على الفخر والاعتزاز، ورغم المعاناة والتي تشمل قلة الموارد، وضعف الرواتب، والحرمان من الاكراميات والاعتمادات، ومعاناة الجرحى وأسر الشهداء، إلا أن جهود القيادات والأفراد أثمرت جيداً في حماية المدينة وضبط الحالة الأمنية، وصد تغول المليشيات الحوثية الإرهابية ومحاولاتها المستمرة والفاشلة لإحداث خروقات عسكرية وأمنية، وتمثل هذه الحالة نموذج ايجابي ينبغي دعمه وتعزيزه والمحافظة عليه.
صحيح اننا لا نستطيع عزل التدهور الخدمي القائم عن سياق الحرب والحصار واسقاط مقومات الدولة الذي تتحمل مسؤليته جماعة الحوثي الإرهابية، لكن ذلك لا يعني التصالح مع الحالة القائمة والاستمرار فيها تحت هذا المبرر، بل لابد من تحرك السلطة المحلية لايقاف هذا التدهور المريع، وإعادة تأهيل البنى التحتية الضرورية لتوفير الخدمات الأساسية ، وحسن توجيه الموارد سواء المحلية او المركزية لسد الفجوة الخدمية وبحسب أولويات الاحتياج.
دمتم سالمين .
أخبار ذات صلة.

الموجز اليومي | 2025-7-28 |
alrshad press
منذ 9 ساعات