
ودّع لبنان، اليوم الاثنين، الفنان زياد الرحباني بمأتم أقيم في كنيسة رقاد السيدة في بلدة المحيدثة - بكفيا شمال شرق بيروت، بحضور حشد من الأصدقاء والمحبين والشخصيات الفنية والسياسية والثقافية والإعلامية، ومشاركة رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام ممثّلاً الرئيس جوزاف عون. قلّد سلام باسم رئيس الجمهورية الرحباني وسام الأرز برتبة كوماندور، وهو أرفع وسام في الجمهورية اللبنانية.
وعلى الخطّ الأمامي في الكنيسة، مع بدء مراسم الدفن، جلست السيدة فيروز إلى جانب ابنتها ريما وشقيقتها هدى حداد، وهي تنظر إلى الجثمان مغطية رأسها بدانتيل أسود اللون، مرتدية نظارتها السوداء، محاولةً إخفاء دموعها، فكانت تسارع إلى مسحها بمنديل لم يفارق يدها منذ الصباح.
وصلت السيدة فيروز نحو الساعة الحادية عشرة صباحاً إلى الكنيسة برفقة نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب وزوجته الفنانة جوليا بطرس، إذ جلست في صالون المعزين مع ابنتها وشقيقتها وأبناء منصور وإلياس الرحباني وأفراد العائلة، إلى جانب الممثلة كارمن لبس، رفيقة زياد الرحباني، التي كانت من أول الواصلين.
وعلى الرغم من عدم إعلان الدولة اللبنانية اليوم حداداً رسمياً، غصّ صالون الكنيسة بالوفود التي توالت لتقديم واجب التعازي برحيل زياد، وتوجه بعضهم نحو السيدة فيروز وانحنوا معزّيين إياها برحيل شخصية استثنائية بالنسبة إليهم.
وانتهت مراسم العزاء في الكنيسة، ليُحمل نعش الرحباني مغادراً الكنيسة، متّجهاً إلى محطّته الأخيرة في مدافن العائلة.
وعبّر المشاركون في وداع زياد عن حزنهم الكبير لرحيل شخصية استثنائية كانت بالنسبة إليهم الرفيق، والصديق، والمعلّم، والملهم، وحامل القضايا الوطنية والقومية والاجتماعية.
وقال الأمين العام للحزب الشيوعي حنا غريب لـ"العربي الجديد" إن زياد الرحباني هو علم من أعلام لبنان ورمز من رموزه ومركز اعتزاز وفخر لكل لبناني وعربي وأممي، "وقد ربط قضيته الوطنية بقضيته الوطنية القومية وقضية فلسطين وقضية الإنسانية وتحررها، وتحرر الطبقة العاملة والشعوب المضطهدة من الاستعمار والاستغلال والفقر والظلم، كبر لأن قضيته كانت كبيرة". وأضاف: "هذه النوعية من المبدعين والعباقرة الذين تحدوا المشكلة الكبيرة أتوا كباراً ويرحلون كباراً".
من جهته، قال جورج وديع الصافي لـ"العربي الجديد": "زياد كبير ابن كبار، خسرناه بالجسد لكننا ربحنا أعماله التي لا تموت. كنا نأمل إعلان الحداد الرسمي على وفاته، لكن يبدو أن المعنيين لا يقدّرون الكبار مثل زياد الرحباني".
وقال الاعلامي نيشان ديرهاروتيونيان: "أتينا إلى بكفيا كي نقف إلى جانب عائلة زياد والسيدة فيروز. هذا عزاء مشترك لكل اللبنانيين برحيل المبدع العبقري زياد الرحباني. الاسم يكفي والكنية ستبقى لصيقة بالوطن. كلما قلنا لبنان نقول وطن فيروز وطن عاصي، وطن منصور وإلياس، وزياد الرحباني".
أما الممثل حسين قاووق فقال لـ"العربي الجديد": "نأمل ألا يخسر الجيل الجديد زياد الرحباني، ويبقى مواكباً له ولموسيقاه وأعماله مدى العمر".
ومع انتهاء مراسم الدفن، حمل المشاركون نعش زياد الرحباني إلى السيارة على وقع تصفيق المعزين، الذي استمر أكثر من دقيقتين دفعة واحدة، وترداد أغانيه، ملقين عليه تحية الوداع الأخيرة، بدموع انهمرت على وجوههم.
وقال رئيس مجلس الوزراء نواف سلام: "أتكلّم حيث تختنق الكلمات. أقف بخشوع أمام الأم الحزينة، والعائلة، والأصدقاء.. ولبنان كله شريك في هذا الحزن الكبير. زياد المبدع العبقري، كنتَ أيضاً صرخة جيلنا الصادقة، الملتزمة قضايا الإنسان والوطن. وقد قلتَ ما لم يجرؤ الكثيرون منّا على قوله. أما "بالنسبة لـبكرا شو" فللأجيال القادمة، ستبقى يا زياد، صوت الجمال والتمرّد، وصوت الحق والحقيقة حين يصير السكوت خيانة".

أخبار ذات صلة.
