
وجد عدد من النجوم في الأندية الأوروبية الكبرى أنفسهم أمام معضلة حقيقية خلال سوق الانتقالات الصيفية الجارية، وذلك بعدما خرجوا تماماً من حسابات مدربيهم رغم النجومية الكبيرة التي حققوها في السنوات الأخيرة، إذ يواجهون جحيم الجلوس على مقاعد البدلاء في الموسم الكروي الجديد، الذي تتخلل نهايته إقامة نهائيات كأس العالم المقررة في صيف العام المقبل في الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك، وهو ما يزيد من تعقيد موقفهم مع منتخباتهم الوطنية، ورغم رغبة العديد منهم في الرحيل للبحث عن دقائق لعب أكثر، فإن الرواتب المرتفعة التي يتقاضونها شكلت حاجزاً أمام انتقالهم، حيث لم يجدوا أندية مستعدة لدفع القيمة نفسها أو تحمل عقودهم المليئة بالمكافآت الضخمة، ولذلك أصبح مستقبلهم غامضاً بين خيار البقاء على مقاعد الاحتياط أو التضحية بجزء من رواتبهم.
رواتب تمنع النجوم من الرحيل
أصبحت قضية الرواتب الضخمة للاعبين من أبرز الملفات التي تشغل الأندية في كل فترة انتقالات، إذ يجد العديد من النجوم أنفسهم أسرى لعقود باهظة تحول دون عودتهم للعب بانتظام، فيما تواجه الأندية صعوبة كبيرة في بيعهم أو حتى إعارتهم من دون تحمل جزء كبير من رواتبهم، وهذه العقود، التي كانت في وقت سابق مصدر فخر ودليل على قيمتهم، تحولت اليوم إلى قيود ثقيلة تمنعهم من الرحيل إلى فرق جديدة، ومن أبرز الأمثلة، جناح فريق تشلسي الإنكليزي رحيم ستيرلينغ (30 عاماً)، الذي يسعى للمغادرة نهائياً بعدما لعب الموسم الماضي معاراً في فريق أرسنال من دون أن يفعّل الأخير خيار الشراء، ويبحث ستيرلينغ الآن عن تحدٍّ جديد بعيداً عن تشكيلة المدرب الإيطالي إنزو ماريسكا، رغم اهتمام يوفنتوس الإيطالي وباير ليفركوزن الألماني بخدماته.
ويعيش النجم البرتغالي جواو فيليكس (25 عاماً) الوضع نفسه، فقد عاد إلى صفوف نادي تشلسي بعد تجربة إعارة مع فريق ميلان الإيطالي، لكن راتبه الضخم يشكل عقبة أمام أي صفقة بيع أو إعارة طويلة الأمد، على الرغم من اهتمام نادي بنفيكا البرتغالي باستعادته من جديد خلال فترة الانتقالات الصيفية الحالية، وتعكس هذه الأوضاع حجم التحدي الذي يواجهه اللاعبون الذين وقعوا عقوداً ضخمة في وقت ازدهار السوق، ليجدوا أنفسهم أسرى هذه العقود مع انخفاض قيمتهم السوقية أو ابتعادهم عن المستوى المطلوب، رغم أنه بات قريباً من الانتقال إلى النصر السعودي بحسب ما يذكره العديد من التقارير الصحافية.
والوضع ليس أفضل حالاً بالنسبة لجناح مانشستر يونايتد الإنكليزي جادون سانشو (25 عاماً)، الذي عانى سابقاً من أزمة ثقة وتوتر علاقته بالمدرب السابق الهولندي إريك تين هاغ، قبل أن يتنقل معاراً إلى فريقي بوروسيا دورتموند الألماني وتشلسي على التوالي، من دون أن يقنع أي فريق بالتعاقد معه بشكل دائم، فيما تربطه التقارير الإعلامية في الوقت الحالي باحتمال انتقاله إلى صفوف نادي يوفنتوس، لكن الصفقة لا تبدو سهلة بسبب راتبه المرتفع، وفي مانشستر سيتي، يعيش مواطنه جاك غريليش (29 عاماً) سيناريو مشابهاً، إذ فقد بريقه خلال منافسات الموسم الماضي وخرج من حسابات المدرب الإسباني بيب غوارديولا، الذي استبعده حتى من قائمة الفريق السماوي التي خاضت غمار بطولة مونديال الأندية، ورغم اهتمام نابولي الإيطالي بضمه، فإن راتبه الضخم يعرقل أي تقدم في المفاوضات، ليظل مصيره معلقاً حتى الآن.
أندية عاجزة عن التخلص من أعباء النجوم
في جانب آخر من الأزمة، تعاني الأندية نفسها من مأزق مشابه، بعدما أصبحت عاجزة عن التخلص من اللاعبين أصحاب الرواتب الضخمة رغم خروجهم من خطط المدربين، وتضاعفت أزمة هذه العقود بسبب الإصابات وتراجع الأداء، فالأندية تجد نفسها مضطرة لدفع رواتب ضخمة لأسماء غير مؤثرة على أرضية الملعب، وبينما تبحث بعض الفرق عن صفقات تبادل أو إعارات مع تحمّل جزء من الرواتب، فإن قلة الأندية القادرة على تحمل هذه التكاليف تجعل الوضع شبه مستحيل، ونادي برشلونة الإسباني مثال واضح، إذ لم يعد مارك أندريه تير شتيغن (33 عاماً)، يحظى بالمكانة السابقة، خاصة بعد التعاقد مع الإسباني خوان غارسيا وتجديد عقد البولندي فويتشيك تشيزني، ورغم ذلك، يرفض الحارس الألماني الرحيل ويصر على البقاء من أجل إثبات نفسه تحت قيادة المدرب مواطنه هانسي فليك.
أما في ريال مدريد، فتبدو الصورة أكثر تعقيداً مع المدافع النمساوي ديفيد ألابا (33 عاماً)، الذي يتقاضى ثالث أعلى راتب في الفريق الأبيض بواقع 22.5 مليون يورو صافية سنوياً، ولا يتفوق عليه سوى المهاجم الفرنسي كيليان مبابي (32 مليون يورو) والجناح البرازيلي فينيسيوس جونيور (30 مليون يورو)، مع الإشارة إلى أن ألابا، الذي انضم إلى صفوف النادي الملكي في عام 2021 لتعويض رحيل سيرجيو راموس، كان عنصراً أساسياً تحت قيادة المدرب السابق الإيطالي كارلو أنشيلوتي، لكن إصابته بتمزق في الرباط الصليبي في ديسمبر/كانون الأول 2023 قلبت الموازين، ومنذ ذلك الحين، تراجع دوره ليصبح الخيار الخامس في خطط المدرب الإسباني تشابي ألونسو، ما جعله عبئاً مالياً وفنياً على الميرينغي.
تخفيض الرواتب.. الحل الوحيد للخروج
أمام هذه المعضلة، يبدو أن الحل الوحيد أمام اللاعبين الراغبين في الخروج من جحيم الاحتياط هو تخفيض رواتبهم والتنازل عن جزء من امتيازاتهم المادية مقابل الحصول على فرصة جديدة لإحياء مسيرتهم الكروية، وهناك أمثلة كثيرة من لاعبين فضلوا التضحية بالجانب المالي من أجل مصلحة مسيرتهم الرياضية، وهو ما شجع بعض النجوم على التفكير بخطوات مماثلة، وعلى سبيل المثال، وافق الإنكليزي ماركوس راشفورد (27 عاماً)، أخيراً، على خفض راتبه السنوي، الذي كان يُقدّر بـ18 مليون يورو، بنسبة 30%، ليكتفي بمبلغ 12.6 مليون يورو فقط، مقابل الانتقال من مانشستر يونايتد إلى صفوف نادي برشلونة، وكذلك هو الحال مع المدافع الفرنسي كليمون لونغليه، الذي فسخ عقده مع النادي الكتالوني للانتقال إلى صفوف نادي أتلتيكو مدريد الإسباني بشكل دائم، والأمر نفسه مع زميله السابق الإسباني أنسو فاتي، بعدما جدّد عقده مع برشلونة لموسم إضافي، لأسباب تتعلق بقانون اللعب المالي النظيف، من أجل الانتقال إلى تشكيلة فريق موناكو على سبيل الإعارة مع خيار الشراء.

أخبار ذات صلة.


