السلطات المصرية تواصل التحقيق لفك لغز وفاة 6 أطفال ووالدهم في دلجا
عربي
منذ 12 ساعة
مشاركة

ما زالت قرية دلجا الواقعة في أقصى جنوب محافظة المنيا بمصر، تئن تحت وطأة مأساة لم تهدأ منذ أيام، بعد أن خطف الموت ستة أطفال ووالدهم من بيت واحد في ظروف غامضة، وسط صدمة واسعة وحزن عارم خيّم على الأهالي، وتحقيقات متواصلة دون أن تتضح حتى اللحظة الحقيقة الكاملة لما جرى. ولليوم الثالث على التوالي، تواصل أجهزة الأمن والنيابة العامة تحقيقاتها في فاجعة "بيت الحزن"، كما يسميه أهل القرية الآن، إذ تتركز الأنظار على الأم التي فقدت أبناءها الستة واحداً تلو الآخر، قبل أن يلحق بهم والدهم بعد أيام، في مشهد مأساوي صعب التصديق.

وتحت إشراف اللواء حاتم ربيع، مدير إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن المنيا، والعقيد علاء جلال، رئيس فرع البحث لجنوب المحافظة، يقود فريق بحث جنائي رفيع المستوى عمليات مكثفة لفكّ لغز هذه الواقعة، التي لا تزال تفاصيلها يكتنفها الغموض، بينما تمضي التحقيقات في أكثر من اتجاه في محاولة لتجميع خيوط الحادث. وفي تطوّر جديد، جرى اصطحاب كل من والدة الأطفال الستة، وزوجة والدهم، إلى مركز شرطة ملوي، إذ خضعتا لجولة جديدة من التحقيقات الدقيقة، وسط حضور من النيابة العامة وضباط البحث الجنائي. وتُعد هذه الجلسات امتداداً لتحقيقات بدأت منذ ثلاثة أيام متواصلة، دون أن تُعلن حتى الآن أي نتائج حاسمة.

كما وخضعت والدة الأطفال لتحليل طبي بمقرّ مصلحة الطب الشرعي، إذ سُحِبت عينة منها ضمن الإجراءات الجنائية المعتادة في مثل هذه القضايا، وذلك بعد ساعات من وفاة زوجها، الذي فارق الحياة فجأة بعد أبنائه، وسط علامات استفهام عديدة بشأن أسباب الوفاة وظروفها.

النيابة تأمر باستخراج جثمانَين من ضحايا دلجا للتشريح 

وأصدرت النيابة العامة تعليماتها، مساء الجمعة، باستخراج جثمانَين إضافيَين من بين الأطفال الستة الضحايا، بعد أن كانت قد أمرت سابقاً باستخراج جثمانَي طفلين آخرين، لإعادة تشريحهم بواسطة الطب الشرعي، في محاولة لتحديد المادة السامة التي تسببت في وفاتهم، ومدى وجود شبهة جنائية من عدمه، كما وجرى سحب عينات من جثمان الأب الذي توفي مؤخراً على نحوٍ مفاجئ، وذلك لمقارنتها بما عُثرَ عليه في جثث الأطفال، وربط الأسباب ببعضها إن وُجدت دلائل كيميائية أو بيولوجية مشتركة.

الواقعة التي بدأت تسمماً غامضاً لأطفال صغار، تحولت الآن إلى واحدة من أكثر القضايا التي شغلت الرأي العام المحلي في صعيد مصر

وفي إطار توسيع دائرة التحري، انتقلت فرق من المباحث إلى منازل الأسرة في قرى متفرقة بمحافظة بني سويف، تحديداً إلى منزل عائلة الأم، وكذلك منزل أهل زوجة الأب، إذ جرى تفتيش دقيق للمكانين، ومراجعة شاملة لما حولهما من كاميرات مراقبة، بحثاً عن أي تحركات مثيرة للريبة أو مشتريات قد تشير إلى وجود مادة سامة أو مبيد حشري. وشملت التحريات المرور على عدد من محلات بيع المبيدات الزراعية والحشرية داخل قرية دلجا والقرى المجاورة، في محاولة لتعقب أي عمليات شراء جرت خلال الأيام التي سبقت الحادث، سواء من الأم أو زوجة الأب أو أي من أقارب الأسرة، لكن دون نتائج حاسمة حتى الآن.

كما عملت الأجهزة الأمنية على تفريغ كاميرات المراقبة في المحيط الحيوي لبيت الأسرة، وفي مداخل المحلات التي تبيع المبيدات، على أمل رصد أي مشاهد توثق شخصاً يشتري مبيداً حشرياً مشبوهاً. وجرى استجواب أصحاب المحالّ مباشرةً بشأن أي تعاملات غير معتادة أو مريبة، خاصة مع أي سيدة من أسرة الأطفال المتوفين، إلا أن أصحاب المحلات لم يسجلوا، حتّى اللحظة، معلومات تؤكد أو تنفي احتمالية شراء مادة سامة من أحد أفراد العائلة. ورغم تشعّب التحقيقات وتوسعها في أكثر من اتجاه، لا تزال الأجهزة المعنية تتحرك في حقل من الأسئلة دون إجابات قاطعة، إذ لم تظهر نتائج المعمل الكيميائي النهائية حتّى الآن، كما لم تؤكد النيابة أي شبهة جنائية رسمياً، لكنها في الوقت نفسه لا تستبعدها، خاصة مع تتابع الوفيات على نحوٍ غير مألوف، وفي فترة زمنية متقاربة. 

الواقعة التي بدأت تسمماً غامضاً لأطفال صغار، تحولت الآن إلى واحدة من أكثر القضايا التي شغلت الرأي العام المحلي في صعيد مصر، بسبب الغموض الذي يحيط بها، والمأساة التي رسمت ملامحها على وجه أم فقدت ستة من فلذات كبدها وأباهم خلال أسبوع واحد، وسط شكوك تحوم حول الجميع بلا استثناء. وبينما تتواصل التحقيقات الرسمية، تظلّ قرية دلجا مكلومة، تسير في شوارعها جنازات الحزن اليومية، وتغلق أبوابها مع حلول الليل مبكراً، كأنّ القرية قرّرت أن تنسحب من الحياة لحين معرفة الحقيقة. يتحدث الأهالي في همس، والأعين تترقّب سيارات الشرطة والنيابة وهي تدخل وتخرج، فيما تحتضن الأمهات أبناءهنَّ في خوف، ولا يعرفن من التالي، ولا كيف يمكن للبيت أن يتحول فجأة إلى مقبرة تضم كل من فيه، دون أن يطرق أحد باب الحقيقة بعد.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية