كارولين شبطيني... تجرّأت على الحلم ودخلت "غينيس" بنفاياتها البلاستيك
عربي
منذ يوم
مشاركة

قبل سنوات قليلة، تجرّأت فنانة إعادة التدوير اللبنانية كارولين شبطيني على الحلم، ودخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية خمس مرات، من خلال تحويل النفايات البلاستيكية إلى أعمال فنية

أحياناً، يقول بعض الناس لفنانة إعادة التدوير اللبنانية، كارولين شبطيني (43 عاماً)، إنها يجب أن تتجول في الشوارع مع حراس بعدما أصبحت قدوة لكثيرين. تضحك، وتكتفي بالقول: "أنا مجرّد امرأة بسيطة". مع ذلك، لا تتردّد في اعتبار نفسها بطلةً بيئية. وليس في قولها هذا غرورٌ، بعدما سجلت اسمها في موسوعة غينيس للأرقام القياسية خمس مرات عن مشاريع بيئية تقوم على تحويل أطنان من النفايات والقناني البلاستيكية إلى أعمال فنية. والبطولة بالنسبة إليها ليست في عدد النفايات البلاستيكية التي جمعتها لتصنع منها لوحات أو مجسمات فنية، بل في دورها التغييري والتوعوي للأجيال الجديدة لإعادة التدوير والاستدامة. وفي الوقت الحالي، تستعد لتحقيق رقم قياسي جديد من خلال تصميم أكبر منحوتة لشجرة أرز في العالم.
والفن كان اللغة التي استخدمتها للتواصل مع الأطفال، بعدما أدركت ضجرهم من المقاربة البيئية التقليدية بالحثّ على ضرورة الفرز. أضافت للواجب البيئي بعداً فنياً جعل الأطفال يتابعون إعلاناتها عن إطلاق مشاريع جديدة بشغف، تقول: "بمجرد أن أعلن على وسائل التواصل الاجتماعي عن مشروع جديد، يباشرون في جمع النفايات البلاستيكية والتواصل معي، وهذا دليل على مدى تأثّرهم بالحملات التوعوية في هذا الإطار".
لم يكن لدراستها علاقة بالبيئة، بل درست المحاسبة وعملت تقنيةً لفحص النظر. بدأت علاقتها بالقناني البلاستيكية من خلال طبيبتها التي نصحتها بالإكثار من شرب المياه لتذويب الدهون عند البطن. ولم تكن من الذين لا يأبهون لرمي البلاستيك. وهنا كانت لحظة انطلاقها... وقبل ستّ سنوات، فكرت في صنع شجرة ميلادية من البلاستيك. وكانت المرة الأولى التي تلاحظ فيها أنها ربما تملك موهبة في إعادة التدوير.

في تلك اللحظة، أعادت اكتشاف نفسها؛ امرأة مطلقة في السابعة والثلاثين من عمرها، تعيش في بلدة مزيارة شمالي لبنان، تملك موهبة تحويل النفايات إلى فن. اعتنقت مبدأين قاداها إلى الأمام: "أنا أستطيع" و"أجرؤ على الحلم".
هذه الجرأة حوّلتها من امرأة مهمّشة بعدد متابعين لا يتجاوز الـ 200، إلى أخرى قوية استطاعت إشراك مشاهير مثل الفنانات اللبنانيات مايا دياب، ونانسي عجرم، ونجوى كرم، في حملات جمع القناني البلاستيكية. وفي عام 2019، بنت شجرة ميلاد من 140،000 قنينة بلاستيكية في بلدة شكا شمال لبنان، لتدخل "غينيس" للمرة الأولى. وحصلت على جائزة "غينيس" الثانية بعدما صنعت هلالاً من أغطية العبوات البلاستيكيّة بمناسبة شهر رمضان، وذلك خلال جائحة كورونا. 
وبعد انفجار مرفأ بيروت في الرّابع من أغسطس/ آب 2020، وفي خطوة منها لإيصال رسالة أمل إلى اللبنانيين، صنعت أكبر علم دولة في العالم من أغطية العبوات البلاستيكية، لتدخل "غينيس" للمرة الثالثة.
والجائزة الرابعة (2022) كانت بعد عملها مع شركة "سوني" في دبي من خلال لوحة موزاييك 2D من الأغطية البلاستيكية لتسويق منتج جديد لهم "PlayStation5"، بلغت مساحتها 260 متراً مربعاً. والجائزة الأخيرة كانت بعد صنعها أكبر كرة بلاستيكية باستخدام أكثر من 500,000 غطاء قنينة وموادّ قابلة لإعادة التدوير (2022).
في مزيارة، كان بعض السكان يلقّبونها بـ"أبو إبراهيم"، وهو اسم جامع نفايات البلدة، وكانت تردّ مازحة: "نادوني بأم إبراهيم على الأقل". اليوم، لم تعد الأرقام القياسية هدفها الأساسي، بل أصبحت الرسالة هي الأهم. تقول: "البعض يراني قدوة، وهذا يعني أنني لا أستطيع التوقف. هذا شغفي. عدم وجود مشروع جديد يشعرني وكأنني أموت".

لا تروي كارولين قصتها فنانةً فحسب، بل بصفتها امرأةً بدأت من جديد، في عمر الـ37، مطلّقة في مجتمع لا يسهّل على النساء الوقوف من جديد. اليوم، اسمها في "غينيس"، وهي متزوجة من جديد، وأم لطفل، وتواصل بناء حياة على طريقتها الخاصة، رسالتها بسيطة: "يمكنككِ أن تبدئي من جديد. يمكنكِ أن تحلمي من جديد. ويمكنكِ أن تصبحي كلّ ما قالوا إنك لا تستطيعين أن تكونينه".
تعرب كارولين عن قلقها من الوضع البيئي في لبنان، تقول: "ما زلنا من بين الأسوأ في ما يتعلق بالتلوّث. أحياناً أتساءل: ماذا تفعل المنظمات البيئية فعلياً بينما أجمع شخصياً ما بين خمس وستِّ أطنان من النفايات البلاستيكية سنوياً، إما لإعادة التدوير أو لبناء شيء ذي معنى؟".
ورغم أنها كان يمكن أن تصبح مؤثرة على وسائل التواصل الاجتماعي وتستغلّ شهرتها، إلّا أن حلمها مختلف. تقول: "أريد أن أترك بصمة لبنانية في كل بلد حول العالم".
*(أنتجت هذه القصة ضمن ورشة عمل دولية نظمتها مؤسّسة "تاز بانتر" الألمانية)

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية