تعريض عبوات مياه الشرب للشمس يهدد صحة الليبيين
عربي
منذ يوم
مشاركة

يعبّر ليبيون وجهات حكومية عن القلق حيال ظاهرة عرض قنينات مياه الشرب أمام المحالّ التجارية أو نقلها مكشوفة على متن سيارات إلى مراكز البيع تحت الشمس الحارقة التي تفوق في فصل الصيف الأربعين درجة مئوية. 
ورغم تحول الظاهرة إلى أمر اعتيادي، إلّا أنها تعكس تجاهل التجار لصحة المواطنين وللمواصفات القياسية الحكومية، إذ يتسبب الأمر في أضرار صحية جسيمة قد تتفاقم مع طول فترة تعرض العبوات البلاستيكية لأشعة الشمس المباشرة، ما جعلها تلفت انتباه سلطات الرقابة المعنية بالصحة والأغذية.
وخلال الأسبوع الجاري، أطلق المركز الوطني للرقابة على الأغذية والأدوية "حكومي" تحذيرَين؛ الأول موجه إلى أصحاب المحال التجارية، حذرهم فيه من خطورة عرض قنينات المياه أمام المحالّ تحت أشعة الشمس، وأكد أنّ هذه الممارسة تمثل مخالفة صريحة للمواصفة المعتمدة المعلنة منذ سنة 2015، الخاصة بمياه الشرب المعبأة، وشدد المركز على أن تعريض العبوات البلاستيكية لساعات طويلة للشمس يؤدي إلى تفاعلات كيميائية تضر بصحة المستهلكين، ملزماً التجار بالتقيّد بمعايير سلامة العرض والتخزين التي تضمن حماية المنتج من الحرارة. 
أما التحذير الثاني، فركز على وسائل نقل المواد الغذائية، وشدّد على ضرورة توفر شروط صارمة تشمل تخصيص مركبات مغلقة ومبردة مزودة بمقاييس للحرارة والرطوبة، مع ضمان عدم تعرض البضائع للشمس أو الرطوبة، والالتزام بالمواصفات الخاصة بعمليات التحميل والنقل السريع.
ويروي مواطنون وقائع يومية تكشف عن فداحة الإهمال، فبحسب شهادة محمد صميدة، فإن المحالّ التجارية في حي الهواري بمدينة بنغازي، حيث يسكن، تضع العبوات تحت أشعة الشمس من الصباح حتى المساء، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "شاحنات نقل المياه إلى المحالّ التجارية تسير لمسافات طويلة تحت الشمس، وتنقل قنينات المياه كأيّ بضاعة عادية من دون أدنى رقابة، وينبغي أن تفرض السلطات عقوبات رادعة على أصحاب المحالّ وسائقي الشاحنات المخالفين، خاصّة في ظل ندرة البدائل الآمنة للمواطن الذي أصبح رهينة مصانع المياه الخاصة التي تفتقر إلى الإشراف والرقابة الكافية".

وقبل عامين، نفذت فرق الحرس البلدي رفقة موظفي مركز الرقابة زيارات مفاجئة إلى مصانع تكرير وتعبئة المياه، كشفت عن مخالفات جسيمة. وفي سنة 2022، قرّرت النيابة العامة إغلاق 39 معملاً لتكرير المياه بعد حملات تفتيش مشتركة مع مركز مراقبة الأغذية والحرس البلدي، مشيرةً إلى أن التحقيقات كشفت أن 37 معملاً منها تفتقر لأبسط الاشتراطات الصحية في التعبئة والتخزين والعرض. وذكرت النيابة، أنها قامت بسحب عينات لفحص "الخصائص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية" للمياه، واستدعت القائمين على تلك المعامل.
من جانبه، يحذر أستاذ التغذية، محسن سلامة، من أن المواد الكيميائية مثل "الأنتيمون" و"الفثالات" تتسرب من العبوات البلاستيكية عند تعرضها للحرارة إلى المياه، ما قد يسبب أضراراً تراكمية تصل إلى اضطرابات الغدد الصماء وأمراض الكلى.
ويقول سلامة لـ"العربي الجديد": "التحذيرات وحدها لا تكفي، ويجب أن تتحول إلى حملات تفتيش مفاجئة، مع غرامات باهظة، وسحب تراخيص. هناك ثغرات عدّة في القوانين الخاصة بضبط عمليات تكرير المياه، ومنها أن دليل المواصفات القياسية لمياه الشرب لم يتطور منذ عام 2018، رغم تقدم صناعة البلاستيك وتقنيات التكرير عالمياً، ما يسمح باستخدام مواد خطرة لم تعد مستخدمة في غالبية دول العالم".

وفي ظل تراجع اعتماد المواطنين على المياه الجوفية في الشرب لعديد من الأسباب، من بينها ارتفاع منسوب التلوث فيها، وتباعدها بانخفاض منسوبها الجوفي، بات الاعتماد أكبر على ما تنتجه مصانع تكرير المياه التي تبيع منتجاتها للمحالّ التجارية.
ويتساءل محمد سويلم، من طرابلس، عن مدى الثقة في نقاء المياه التي تنتجها تلك المعامل والمصانع في ظل تراجع الرقابة عليها، ويعبر لـ"العربي الجديد"، عن مخاوف من أن يكون نقاء المياه مشكوكاً فيه من المصدر، قبل أن يضاف إلى ذلك خطر عرضه للبيع تحت أشعة الشمس.
ويؤكد سويلم أن "الكثير من المواطنين كانوا يعتمدون على الماكينات المنزلية الخاصة لتكرير المياه الواصلة إلى البيوت عبر أنابيب منظومة النهر الصناعي، الذي يمثل مصدر المياه الأول في البلاد، لكن غالبية المواطنين تراجعوا عن فكرة تكرير المياه في المنازل بعد أن لاحظوا ارتفاع نسبة ملوحتها، ما يجعل أجهزة التكرير المنزلي غير قادرة على تحليتها أو تنقيتها".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية