تضاعف بلاغات الابتزاز الجنسي لشبان الدنمارك
عربي
منذ يوم
مشاركة

يُعتبر الابتزاز تحدياً لوحدة الجرائم الخطيرة في شرطة الدنمارك إذ ارتفعت أعداد البلاغات إلى مستويات قياسية خلال السنوات الأخيرة.

سجّلت الشرطة الدنماركية ارتفاعاً حاداً في عدد بلاغات الابتزاز الجنسي ناهز 1768 بلاغاً خلال العام الماضي، بزيادة تجاوزت ثلاثة أضعاف العدد في عام 2023، والبالغ 529 بلاغاً. وتشير أرقام أصدرتها الشرطة إلى تسجيل ما يقرب من 800 بلاغ منذ بداية عام 2025 حتى منتصف يونيو/حزيران الماضي، ما يؤكد تصاعد الظاهرة. وتستند هذه المعطيات إلى بيانات جمعتها الشرطة بناءً على طلب من صحيفة كريستلي داوبلاديت اليومية.

وأظهرت إحصاءات شرطة الدنمارك أن فئة الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً باتت عرضة للابتزاز الجنسي، إذ تضاعف عدد الذكور الذين أبلغوا عن حصول هذه الجرائم سبع مرات خلال خمس سنوات. وتوضح الشرطة أن الظاهرة لم تعد تقتصر على استهداف الإناث، بل أصبحت تهدد الشباب والفتيان.

ويرى الباحث في جامعة روسكيلد، كينيث راينيكي، أن "سبب هذا الأمر هو أن الذكور يكونون غالباً أكثر اندفاعاً وأقل حذراً في مشاركة الصور والمقاطع الحميمة، كما أنهم أسرع استجابة للطلبات، وأقل ميلاً إلى الإبلاغ عنها لاحقاً".

ويُعرف الابتزاز الجنسي، أو ما يُطلق عليه Sextortion، بأنه نوع من الجرائم الرقمية التي تعتمد على استدراج الضحايا لمشاركة صور أو مقاطع حميمة، ثم تهديدهم بنشرها إذا لم يدفعوا مبالغ مالية. ويمكن للمبتزين أن يرسلوا بريداً إلكترونياً لاصطياد الضحايا من خلال الإيحاء بأنهم يملكون صوراً إباحية لهم، ما يدخل الشك في نفوس الضحايا إذا كانوا فعلاً صوروا أنفسهم يوماً، وحدهم أو مع أحد، وتبدأ بالتالي دورة التجاوب والابتزاز.

وأحياناً أخرى يقدم المبتز نفسه على أنه شابة معجبة به، فتطلب تشغيل الكاميرا وبدء محادثة، ما يتيح تسجيل ما يجري تمهيداً لتنفيذ ابتزاز صادم لشاب يقع في هذه الفخاخ. وقد لا يكون المبتزون في الدنمارك تحديداً، بل في أي بلد في العالم يطالبون بأموال عبر آليات تحويل إلكترونية يصعب تعقبها، من بينها عملة بيتكوين، وغيرها من العملات الرقمية.

ووفقاً للشرطة الدنماركية، تبدأ الكثير من هذه الحالات عبر تواصل عادي على الإنترنت يتصاعد تدريجياً إلى طلب صور خاصة، ثم يتحول إلى عملية ابتزاز. ويكون الجناة غالباً جزءاً من شبكات رقمية منظمة تنشط خارج البلاد تُعرف بـ"مصانع الابتزاز" التي يصعب تعقّبها. وتقول الشرطة الدنماركية إن الأعداد المبلغ عنها ارتفعت من نحو 600 عام 2022 إلى أكثر من 1700 العام الماضي، في حين ناهزت 800 منذ بداية العام الحالي.

وتعتقد منظمات حقوقية عدة بأن "الأرقام المبلغ عنها لا تعكس الواقع كما هو، خصوصاً أن ضحايا كثيرين لا يتحدثون عن حالات الابتزاز التي يتعرضون لها". وتُحذر منظمة أوقفوا التحرش (غير ربحية مقرها الولايات المتحدة) من وجود نقص كبير في عدد الحالات المبلّغ عنها بسبب إحجام العديد من الضحايا عن التقدم بشكوى نتيجة شعورهم بالخجل والخوف من الوصمة الاجتماعية.

وتقول رئيسة قسم الحماية في منظمة أنقذوا الأطفال بالدنمارك، بيرنيلا سبيتز، إن "الأعداد المبلّغ عنها لضحايا الابتزاز الجنسي لا تعكس الواقع الكامل لأن كثيرين يختارون الصمت لتفادي مشاكل كثيرة قد تسيء إلى أوضاعهم الاجتماعية وعلاقاتهم وحياتهم المهنية التي تخضع لمتطلبات وضوابط كبيرة لضمان الاستمرارية والتطوير وسط تنافس صعب وتعقيدات اجتماعية قد لا تكون قليلة".

وتشير المنظمة إلى أن ضحايا الابتزاز يعانون من ضغوط نفسية شديدة تشمل القلق والأرق والعزلة، إذ يبقى الخوف من تنفيذ التهديد بنشر الصور والمقاطع عاملاً رئيسياً يمنعهم من الحديث أو طلب مساعدة.

ويصف مفوض الشرطة في مركز الجرائم الإلكترونية، فليمينغ كيرسايد، الارتفاع الكبير في أعداد بلاغات الابتزاز الجنسي بأنه "مقلق"، مؤكداً أن "طبيعة هذه الجرائم تتسم بالتنظيم والسرعة والفعاليّة في استهداف الضحايا". ويشير إلى أن "الإنترنت سهّل على المجرمين، بمن فيهم الدوليون، الوصول إلى الضحايا، خاصة من فئة الشباب".

ويوصي مجلس الوقاية من الجرائم في الدنمارك باتخاذ عدد من الخطوات المهمة عند التعرض لابتزاز، وهي التوقف عن التواصل مع المبتز، وعدم إرسال أي صور أو مقاطع إضافية، والامتناع عن الدفع، وتوثيق المحادثات والرسائل والاحتفاظ بها، والحديث مع شخص موثوق، وإبلاغ الشرطة فوراً.

وتدعو منظمة أوقفوا التحرش الحكومة الدنماركية إلى تخصيص موارد مالية إضافية لتعزيز مكافحة الابتزاز الرقمي، كما تطالب بتعاون دولي أوسع لكشف الشبكات المنظمة وتفكيكها. وتشارك الشرطة الإلكترونية في حملات توعية بالتعاون مع منظمات، مثل "أنقذوا الأطفال" و"أوضاع الأطفال"، بهدف تزويد الشباب والأهالي أدوات التعرف على "المؤشرات التحذيرية" لهذه الجرائم.

وتقول المسؤولة في الشرطة الإلكترونية، سيسه بيركيبيك، إن "الوقوع في فخ الابتزاز يشكل عبئاً نفسياً كبيراً على الضحايا، خاصة المراهقين الأكثر استخدماً للإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي خصوصاً. وليس الضحايا مسؤولين عما حدث، بل تقع الجريمة على من استغلّوها بهدف الاحتيال وتحقيق مكاسب مالية بالدرجة الأولى".
وتُبدي منظمات حقوقية ومؤسسات حكومية قلقها من إمكانية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في توليد صور مزيفة وتزوير محتوى جنسي بهدف تنفيذ ابتزاز، "ما سيضاعف خطورة الظاهرة ويزيد صعوبة مواجهتها، خصوصاً في ظل الانتشار الواسع لتطبيقات التواصل الاجتماعي بين الشباب".

وفي عام 2023، قدرت منظمات غير حكومية أن نحو 200 ألف دنماركي يتعرضون لأحد أشكال الابتزاز الرقمي سنوياً، من بينهم نسبة غير قليلة تتعرض للابتزاز الجنسي تحديداً. وتؤكد هذه الجهات أن المبلغين لا يمثلون إلا جزءاً صغيراً من العدد الحقيقي للضحايا، ما يجعل الظاهرة واحدة من أخطر تحديات العصر الرقمي. وتقول منظمة أوقفوا التحرش: "ما رأيناه حتى الآن في الدنمارك ليس إلا غيضاً من فيض، ونطالب بضرورة أن تتضافر الجهود الحكومية والمجتمعية والدولية لوضع حدّ لهذا التهديد المتصاعد الذي يهدد كثيرين وقد يتسبب في حوادث خطيرة".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية