تشهد المعابر الحدودية البرية بين تركيا وسورية منذ نحو أسبوعَين ازدحاماً كبيراً للعائدين بعد انتهاء الموسم الدراسي في تركيا، ويشتكي بعضهم من إجراءات التنظيم السيئة والانتظار الطويل. وتوجهت ريم قضماني (29 عاماً)، وهي أم لطفلتَين، إلى معبر باب الهوى لتسليم بطاقة الحماية المؤقتة والعودة مع ابنتيها إلى سورية، لكنّها انتظرت منذ الساعة السادسة صباحاً حتى الرابعة عصراً في خيمة كبيرة اكتظت بمئات العائدين وسط درجة حرارة مرتفعة.
وقالت قضماني لـ"العربي الجديد": "كان الازدحام كبيراً والإجراءات بطئية جداً من الجانب التركي، ولا مكان مناسب لانتظار الأطفال والشيوخ والنساء والمرضى. كان الجميع في نفس المكان والخيمة وتحت أشعة الشمس الحارقة، وأصابهم تعبٌ شديد. وبعدما دخلت سورية أصيبت ابنتي بتسمم حاد استدعى نقلها إلى المستشفى. لذا؛ أتمنى أن تتواصل الحكومة السورية مع نظيرتها التركية لإيجاد حلّ لهذا الوضع غير الإنساني".
وساهم تدفق سوريين كثيرين يرغبون في العودة إلى بلدهم بعد نهاية الدوام المدرسي في زيادة الضغط على جميع المعابر التركية البرية. ونقل معظم العائدين أمتعتهم ما أخّر الإجراءات. وأمام المعابر اصطفت أرتال طويلة جداً من سيارات النقل في انتظار الدخول، وبقيت بعضها يومين حتى وصل دورها.
في معبر باب السلامة الحدودي، قال أحمد خوجة الذي بقي يوماً كاملاً مع أطفاله وزوجته في العراء لإدخال أثاث منزله: "يمكن ببساطة إعطاء مواعيد للسوريين الراغبين في العودة للتوجه إلى المعابر، كما جرت العادة في نظام الإجازات، لكن ما يحدث هنا فوضى وتعب ومشقة. لا يوجد مظلة تحمي من الشمس مكان انتظار العائدين، ولا حمامات نظيفة ومياه. ومن يصل إلى هناك لا يمكنه العودة لانتظار زوال الازدحام لأنه سلّم منزله وجمع الأثاث ونقله إلى المعبر".
وتختلف معاناة السوريين الذين يملكون إقامات تركية و أوروبية والذين لا يستطيعون إلّا الدخول من معبر باب الهوى، إذ يواجهون تأخيراً كبيراً في الإجراءات، وتكراراً في تغيير القرارات الخاصة بهم. وهكذا انتظر الشاب خالد داوود (24 عاماً)، وهو سوري جاء من ألمانيا إلى تركيا، ثلاثة أيام للدخول من معبر باب الهوى بعد توقيف إدخال أصحاب الإقامات عدة أيام بسبب الضغط على المعبر. وقال لـ"العربي الجديد": "لم أتوقع أن الأمور معقدة إلى هذه الدرجة باعتبار أنني أملك إقامة في ألمانيا وجواز سفر سوري، وهذه الشروط المطلوبة للدخول، وكانت الحجة أن هناك أولويات لحالات أخرى إذ تزامن قدومي مع إغلاق رحلات الطيران بسبب الحرب بين إسرائيل وإيران، وزيادة الضغط على المعبر البري".
وتتفاوت نسبة الازدحام بين معبر وآخر، وقالت هبة بيطار التي عادت من ولاية مرسين إلى اللاذقية عبر معبر كسب لـ"العربي الجديد": "كان الازدحام مقبولاً، وانتظرت فقط ثلاث ساعات قبل الدخول ما يعني أن الإجراءات كانت سريعة". وكانت وسائل إعلام نقلت عن مصادر في وزارة الداخلية التركية أنه منذ منتصف حزيران/ يونيو تضاعفت أعداد العابرين يومياً عبر المعابر الحدودية إلى 2500 شخص، في حين ناهزت 1400 قبل هذه الفترة. وقدرت تجاوز عدد العائدين السوريين المقيمين في تركيا إلى بلدهم 300 ألف خلال الأشهر الستة الماضية.
وقبل أيام، قال مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، إنّ عودة جميع اللاجئين السوريين دفعة واحدة أمر غير ممكن، وهذا أمر غير جيّد لسورية في وضعها الراهن، فالحل الأمثل هو العودة تدريجياً. وأعلنت الأمم المتحدة منتصف مايو/ أيار الماضي أن نحو نصف مليون سوري لاجئ عادوا إلى سورية بعد سقوط نظام الأسد، معظمهم من الأردن ولبنان وتركيا والعراق ومصر.