الحرائق في ليبيا تتمدد... مكافحة هزيلة وخسائر فادحة
عربي
منذ 5 ساعات
مشاركة

تركزت أحدث الحرائق التي اندلعت في ليبيا، قبل أيام، في مناطق الجنوب الشرقي، بدءاً من مدينة الكفرة في أقصى الجنوب الشرقي، حيث أفادت بلدية المدينة في بيان لها بتكرر الحرائق منذ أسابيع بسبب ارتفاع درجات الحرارة القياسية، لافتة إلى عجز شبه كامل بموارد البلدية التي لا تمتلك سوى سيارتي إطفاء فقط، إحداهما هِبة من المؤسسة الوطنية للنفط والأخرى من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فيما ذكر أنها لم تحصل على أي دعم من الجهات الرسمية المختصة، بخاصة هيئة الدفاع المدني بحكومتي البلاد، حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس وحكومة مجلس النواب في بنغازي.

وأشار البيان إلى معاناة أخرى تتمثل في انتشار المزارع وترامي أطرافها على جوانب المدينة، مما يشكل عائقاً كبيراً أمام وصول فرق الإطفاء المحدودة أصلاً إلى بؤر النيران، وأدى ذلك لتفاقم الخسائر. وطالبت البلدية بشكل عاجل بالحصول على المزيد من سيارات الإطفاء والمعدات المتخصصة، وتعزيز الكوادر البشرية، محذرة من أن التعامل مع الحرائق في ظل الإمكانات الهزيلة الحالية أصبح "صعبًا للغاية" وسط توسع رقعة الدمار يوماً بعد يوم.
ولم تقتصر النار على الكفرة وحدها، بل امتدت إلى المنطقتين المحاذيتين لها، العوينات وتازربو. ففي العوينات، أنقذت فرقة إطفاء تابعة لشركة نفطية تعمل قريباً من المنطقة الأهالي الذين اندلعت الحرائق في مزارعهم، لكن في تازربو كانت الخسائر أوسع.
وفي الوقت نفسه شهدت مناطق الجنوب الغربي من البلاد، تحديداً في مدينة غات، حرائق واسعة، حيث وجد الأهالي أنفسهم وحيدين في مواجهتها، بينما كانت فرق الإطفاء المحلية عاجزة بسبب الفقر الحاد في الإمكانات والمعدات اللازمة للمواجهة.
ولم تفلح مشاهد اللهب وهي تلتهم الأشجار والمزارع في لفت انتباه السلطات، في مشهد يكرر مأساة سابقة شهدتها مناطق أخرى، أبرزها مدينة الأصابعة، جنوبي العاصمة طرابلس، التي تشهد منذ فبراير/ شباط من العام الجاري تكرر ظاهرة الحرائق في منازل المواطنين بشكل غامض دون أي معالجة جذرية من الحكومة التي لم تصل إلى فهم أسبابها الحقيقية أو تقديم حلول ناجعة لوقفها، مما يزيد من حيرة الأهالي وقلقهم.

ولم تكن حرائق الجنوب الحالية سوى حلقة متكررة في سلسلة طويلة، فقد سبقتها بأقل من شهر حرائق مدمرة أخرى طاولت مناطق الشمال الشرقي، امتدت بين بنغازي ودرنة، وتحديداً في القبة ومسة وبلغرى ووردامه والغريقة والعويلية والمرج ووادي الكوف، حيث خلفت وراءها أضراراً واسعة في الغابات ومزارع المواطنين. وفي صيف العام الماضي، التهمت الحرائق 400 شجرة في غابات شحات شرقي البلاد، وأحرقت ثماني مزارع بكامل محتوياتها في جالو وسط الجنوب، كما التهمت عدداً من المزارع في الكريمية جنوب غرب طرابلس.
تكرار الحرائق على مدار سنوات، بخاصة في الجنوب، يجعل الثروة الزراعية مهددة، كما يؤكد طاهر القزون، صاحب مزرعة، إذ يلفت في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن أكثر من 250 ألف نخلة وأشجاراً أخرى في مناطق الجنوب الشرقي مهددة فعلياً بالحرائق، مشيراً إلى أن ظاهرة حرائق الجنوب، خاصة في الكفرة وتازربو، تتكرر منذ ما يزيد على عقد ونصف دون أن تعد الحكومات المتعاقبة أي خطط استباقية أو استراتيجيات فعالة لمواجهتها.
وأضاف القزون أن واقع العجز الرسمي دفع أهالي مناطق الجنوب إلى التعامل مع الحرائق بوصفها "أمراً واقعاً" لا مفر منه، والاعتماد كلياً على أنفسهم ومواردهم المحدودة لحماية ما تبقى من ممتلكاتهم، موضحاً أنهم يلجؤون إلى وسائل بدائية مثل نقل المياه والتراب بالسيارات الخاصة، أو محاولة الاستعانة بمعارفهم الشخصية لدى الموظفين في الشركات النفطية العاملة بالمنطقة للحصول على أي دعم محتمل، في غياب تام لأي دعم حكومي منظم.

وحيال هذا الإهمال المستمر، انتقد الناشط المدني رمزي المقرحي بشدة عدم اهتمام السلطات بوضع حد لهذه الظاهرة التي يصفها بـ"الخطيرة" على الاقتصاد وممتلكات المواطنين وصحتهم، مشيراً الى أن ظاهرة الحرائق بات التعامل معها بطرق علمية حديثة في العديد من الدول، ويمكن للسلطات الليبية الاستعانة بهذه الخبرات الدولية.
ويلفت المقرحي في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى التغير المناخي الذي تمر به المنطقة، وعليه يجب أن تُجرى دراسات علمية معمقة لظاهرة الحرائق للتعرف إلى أسباب تكرارها الحقيقية، قائلاً: "هناك أسباب معتادة، مثل الإهمال من المواطنين كترك الوقود قريباً من الأشجار أو إقامة مصانع الفحم وغيرها من الأسباب، لكن ربما يكون وراء الحرائق أسباب مناخية لا يمكن تركها دون بحث".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية