حجة..مبادرة مجتمعية تحوّل ساحة ترابية إلى ملعب نموذجي
تقارير وتحليلات
منذ 7 ساعات
مشاركة

في مشهد يجسد الشغف الشعبي بالرياضة، وروح العمل الجماعي في الريف اليمني، نجح أبناء قرية الشنة بمديرية كعيدنة في محافظة حجة في تحويل ساحة ترابية مهملة إلى منشأة رياضية متكاملة تُعد اليوم من أفضل الملاعب على مستوى المحافظة.

ورغم الصعوبات التي تواجه كرة القدم في الأرياف، وعلى رأسها ضعف البنية التحتية وغياب الدعم المؤسسي، تمكن أبناء القرية، عبر مبادرة مجتمعية طموحة، من إنجاز المشروع الرياضي الذي تجاوز حدود الإمكانيات المتواضعة، ليصبح إنجازًا يُشار إليه بالبنان.

من حلم إلى واقع

وتحظى كرة القدم بجمهور واسع في الريف اليمني، غير أنها تواجه صعوبات جمّة، وبحسب القائمين على المشروع، بلغت تكلفة إنشاء الملعب نحو 17 مليون ريال يمني (ما يعادل نحو 32 ألف دولار)، تم جمعها على مراحل عبر تبرعات أبناء القرية من المغتربين والتجار، لتتحول المبادرة من فكرة إلى واقع يخدم الأجيال الشغوفة بالرياضة.


مواضيع ذات صلة

الرياضة في الريف: بين شاشات الدكاكين والملاعب الترابية
عن شغف كرة القدم في الريف اليمني
مواهب كرة القدم المنسية في الريف اليمني


ويقول المقاول عبدالله حسن، مشرف تنفيذ المشروع، إن “الملعب خضع لتوسعة كبيرة ليصل طوله إلى 105 أمتار، وعرضه إلى 65 مترًا، إضافة إلى بناء مدرجات متينة وبطريقة هندسية فنية تتسع لحوالي ألفي متفرج، مع تسوية الأرضية وتحسين البنية التحتية للملعب بشكل عام”.

من جهته، يصف عبده هادي، أحد المشرفين على المبادرة، الملعب بأنه “لم يعد مجرد ساحة قرية، بل بات قادرًا على استضافة بطولات على مستوى المحافظة وربما أكثر”،

ويضيف:”حلمنا بهذا المشروع سنوات طويلة، واليوم، نلعب على أرض مستوية، بمدرجات واسعة، بعدما كنا نعاني من ضيق المساحة وغياب أي مرافق مناسبة، بالتكاتف حققنا ملعب يليق بشبابنا ومواهبنا ووجه مشرف لمديريتنا”.


بحسب القائمين على المشروع بلغت تكلفة إنشاء الملعب نحو 17 مليون ريال يمني (ما يعادل نحو 32 ألف دولار)، تم جمعها على مراحل عبر تبرعات من أبناء القرية 


ويشير هادي إلى أن المشروع واجه تحديات كثيرة، لكن إصرار الأهالي وتكاتفهم كان كلمة السر في تجاوز العقبات وتحقيق الإنجاز. الذي يمثل نقلة هي الأولى من نوعها في تاريخ المديرية، بل والمحافظة ككل.

بداية الفكرة

تعود فكرة المشروع إلى عام 2023، بحسب شيخ قرية الشنة، ماجد مهاوش، الذي استلهم المبادرة بعد ليلة تتويج فريق “الوشلي” بكأس المديرية، حين لاحظ الاكتظاظ الشديد وغياب أماكن للجلوس.

يقول مهاوش في حديثه لـ”ريف اليمن”:”في تلك الليلة أدركنا حاجتنا لملعب حقيقي، وبدأنا جمع التبرعات، وكانت استجابة أبناء الشنة في الداخل والخارج رائعة، لا سيما المغتربين الذين شكلوا العمود الفقري للمشروع”.

وأشاد بدور مؤسسة منصور مهاوش التي تكفلت بأكثر من نصف تكلفة المشروع، معتبراً أن ما تحقق يمثل نموذجًا ناجحًا يُحتذى به في العمل المجتمعي مؤكدًا إمكانية تكرار هذا النجاح في مناطق أخرى بنفس الروح.

لم يقتصر المشروع على الجانب الإنشائي، بل شمل أيضًا الجوانب الفنية، حيث تم تشكيل لجنة متابعة لتطوير أداء الشباب وتنظيم الأنشطة الرياضية.

ويقول علي الباشا، مدرب فريق الوشلي:”أطلقنا أول بطولة بعد افتتاح الملعب في 16 أبريل 2025، وسميت باسم الفقيد ناصر هادي مؤمن، أحد رموز الرياضة في المنطقة، وشهدت البطولة تفاعلًا واسعًا، وساعدت في إبعاد الشباب عن المظاهر السلبية مثل القات والتدخين وغيرها”.

وأعرب مدير مكتب الشباب والرياضة في المديرية، محمد هندوان، عن فخره بالإنجاز، مؤكدًا في تصريح لـ”ريف اليمن” أن “ملعب الشنة يمثل مشروعًا استراتيجيًا يخدم قطاع الرياضة في المديرية، ويبرهن على قدرة المجتمع على التغيير متى ما توفرت الإرادة رغم كل التحديات “.

ووجّه هندوان شكره لكل من ساهم في المبادرة، وعلى رأسهم الشيخ ماجد مهاوش، ومؤسسة منصور مهاوش، وأبناء الشنة في الداخل والخارج.

من جهته، يرى الناشط الرياضي محمد المؤمن، الذي وثّق مراحل العمل، أن قصة ملعب الشنة يجب أن تُسلّط عليها الأضواء، قائلًا:”في زمن الحرب والانقسامات، تقدم قرية الشنة رسالة قوية مفادها أن التنمية ممكنة حين يوجد التكاتف والعمل الجماعي”.

قِبلة لعشاق الرياضة

أما فضل الباشا، المسؤول الإعلامي للمبادرة، فيؤكد أن المشروع لا يقتصر على كونه ملعبًا، بل هو بيئة نظيفة ومحفزة للأطفال والشباب، وفرصة لبناء مستقبل أفضل. ويضيف:”ما وصلنا إليه ليس نهاية الطموح، نخطط في المرحلة القادمة لاستكمال التشطيبات الجمالية من طلاء المدرجات وتحسين المظهر العام”.


شكل الملعب نقطة تحول حقيقية في ممارسة كرة القدم على مستوى العزلة وعلى مستوى المديرية بأكملها بعد إعادة تأهيله بمبادرة مجتمعية


وأشار إلى أن هذا المشروع أصبح قِبلة لكل عشاق الرياضة بالمنطقة، وأن طموحهم لا يتوقف عند هذا الحد، بل يسعون لتطوير جمالي أكبر للمدرجات والتشطيبات النهائية في خطواتهم القادمة.

ويقول الكابتن محمد الزيدي وهو لاعب رياضي بالمنطقة، إن ملعب الشنة شكل نقطة تحول حقيقية في ممارسة كرة القدم على مستوى العزلة وعلى مستوى المديرية بأكملها بعد إعادة تأهيله بمبادرة مجتمعية.

وأوضح الزيدي أن الملعب قبل إعادة تسويته كان غير مهيأ للعب، وكان يعيق أداء اللاعبين ويزيد من الإصابات، حتى الكرة لم تكن تستقر بسبب تضاريسه ولم يكن يتسع لجمهور بأعداد كبيرة.

ويؤكد الزيدي أن التحول الذي شهده الملعب لم يكن متوقعًا، ولم أكن أتخيل يومًا أن الملعب سيصل إلى هذا المستوى من الجمال والتنظيم خاصة أنه بمبادرة مجتمعية، لافتا  أن التحسينات التي طرأت على الملعب لم تقتصر على الشكل فقط، بل انعكست بشكل مباشر على مستوى الأداء الرياضي وتطوير المهارات لدى اللاعبين المحليين، كما أوجدت بيئة ملائمة لإقامة البطولات واستضافة الفرق من خارج العزلة.

ورغم شغف أبناء الأرياف بالرياضة وممارستهم المستمرة لها، ما تزال مناطقهم تفتقر إلى المرافق المناسبة، ويعتمدون على ساحات ترابية تُقام فيها بطولات محلية بسيطة لكرة القدم التي تحولت إلى ملاذ للهروب من ويلات الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عشر سنوات.

The post حجة..مبادرة مجتمعية تحوّل ساحة ترابية إلى ملعب نموذجي first appeared on ريف اليمن.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية