
اتفق المغرب وتركيا، خلال اجتماع رسمي في العاصمة أنقرة، على اتخاذ سلسلة من الخطوات العملية تهدف إلى إعادة التوازن للمبادلات التجارية بين البلدين، في ظل اتساع الفجوة المسجلة في الميزان التجاري لصالح الجانب التركي. ويأتي هذا التفاهم في إطار أعمال الدورة السادسة للجنة تتبع تنفيذ اتفاقية التبادل الحر، الموقعة عام 2006، والتي ترأسها كل من عمر حجيرة، كاتب الدولة المغربي المكلف بالتجارة الخارجية، ومصطفى توزكو، نائب وزير التجارة التركي. وشهد الاجتماع مناقشة معمقة لمجموعة من الإكراهات التي تعوق التوازن التجاري، وفي مقدمتها محدودية الصادرات المغربية نحو السوق التركية، مقابل ارتفاع مطرد في الواردات التركية، خصوصاً في قطاعات النسيج، والتجهيزات المنزلية، والحديد، ما أسهم في تسجيل عجز تجاري هيكلي للمغرب خلال السنوات الأخيرة.
وأكد البيان المشترك الصادر عقب الاجتماع، أمس الاثنين، أن الجانبين اتفقا على تعزيز التعاون لتطوير الصادرات المغربية، ولا سيما الزراعية والصناعية، إلى جانب تنظيم فعاليات ترويجية مشتركة، ولقاءات بين رجال الأعمال، وإنشاء خط اتصال مباشر لحل الإشكالات التقنية التي تعترض المصدرين والمستوردين من الطرفين. ولم يتناول الاجتماع إعادة التفاوض في اتفاقية التبادل الحر بين البلدين. وتؤطر العلاقات التجارية بين البلدين اتفاقية للتبادل الحر منذ 2006، حيث جرت مراجعتها بطلب من المغرب في 2021، في سياق متسم بتدهور العجز التجاري للمغرب في علاقته بتركيا.
وكان توقيع اتفاقية التبادل الحر مع تركيا بهدف الوصول إلى تراكم قواعد المنشأ بما يتيح ولوج السوق الأوروبية بسهولة. غير أنه يلاحظ أن الجانب التركي الذي يتوفر على اقتصاد مندمج، غيّر أهداف الاتفاقية. وقد اشتكى العديد من المنتجين المغاربة في السنوات الأخيرة من عدم إحداث توازن في العلاقة بين البلدين، حيث كان مصنعو النسيج قد طالبوا بتطبيق تدابير وقائية، التي طبقت منذ سبتمبر 2018. وعبر المنتجون في المغرب عن انزعاجهم من اتفاقية التبادل الحر، ما فرض مراجعتها قبل أربعة أعوام، وقبلت تركيا بفرض رسوم جمركية على 1200 منتج مستورد في قطاعات النسيج والألبسة والجلد والسيارات والكهرباء والحديد والخشب.
وانعقد اجتماع أمس الاثنين في فترة يعاني فيه المغرب من عجز تجاري هيكلي، مرده إلى انخفاض قيمة الليرة التركية وتوفر ذلك البلد على قاعدة صناعية متطورة في قطاعات الألبسة والنسيج والتجهيزات المنزلية. وقد قفزت واردات المغرب من تركيا منن 1,44 مليار دولار في 2014 إلى 4 مليارات دولار العام الماضي، بينما ارتفعت صادرات المملكة إلى تركيا خلال تلك الفترة من 460 مليون دولار إلى 1.16 مليار دولار. وتناول الاجتماع بحسب البيان المشترك، التحديات والعوائق التي تعترض المبادلات التجارية الثنائية، خصوصاً تلك المتعلقة بعدم التوازن في الميزان التجاري. وشهد الاجتماع التقني مناقشة عميقة وتحليلاً دقيقاً للمبادلات التجارية وحصيلة التعاون في مجال التجارة وسبل تطويرها والصعوبات التي تواجه المصدرين.
وجرى التشديد على ضرورة إقامة علاقات تجارية تفضيلية متوازنة، مع تأكيد تعزيز التعاون بهدف رفع حجم التجارة الثنائية الذي يقترب من 5 مليارات دولار إلى مستويات أعلى، مع الأخذ بالاعتبار التكامل بين الصناعات التحويلية في البلدين. واتفق الطرفان على تنظيم مؤتمرات واجتماعات للترويج لفرص الاستثمار المشترك للشركات المغربية والتركية، مع وضع خط اتصال مباشر لإزالة العوائق بين البلدين بهدف تحسين الميزان التجاري. واتُّفِق على العمل على طلب المغرب الحصول على الأفضلية لتوسيع نطاق منتجاته الزراعية إلى السوق التركية مع تنظيم فعاليات ترويجية مشتركة ولقاءات ثنائية بين رجال الأعمال عبر وفود تجارية قطاعية.
