
عندما ضربت الولايات المتحدة إيران السبت الماضي في عملية أسمتها "مطرقة منتصف الليل"، استعانت بسلاح فريد لم يستخدم من قبل، وصُمِّم قبل نحو عقدين من الزمن لمثل هذه المهمات، وهو قنابل GBU-57، حيث ألقت الطائرات الشبحية B-2 حسبما أعلن البنتاغون 14 قنبلة خارقة للتحصينات على المواقع النووية في إيران.
وشاركت في إلقاء القنابل 7 طائرات شبحية B-2، تصل تكلفة الواحدة منها إلى 2.1 مليار دولار، ما يجعلها أغلى طائرة عسكرية على الإطلاق، وهي الطائرات الأميركية الوحيدة التي يمكنها حمل هذه القنابل، بينما حلق عدد آخر من الطائرات الشبحية للتمويه، ما يعني أن معظم مخزون الولايات المتحدة من طائرات B-2 الذي يقدر بـ21 طائرات شارك في هذه العملية. بينما بلغ إجمالي الطائرات المشاركة أكثر من 125 طائرة، حسبما أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كين، من بينهما طائرات من الجيلين الرابع والخامس، ومقاتلات وطائرات تزود بالوقود وطائرات استخبارات ومراقبة واستطلاع، إضافة إلى الغواصات.
ماذا نعرف عن قنبلة GBU-57؟
ويطلق على هذه القنبلة الخارقة للتحصينات GBU-57، وتعرف أيضاً باسم MOP، وهي مصممة لمهاجمة المنشآت المدفونة تحت الأعماق والمخابئ والأنفاق المحصنة، وفقاً للقوات الجوية الأميركية، وهي موجهة بنظام تحديد المواقع العالمي GPS العسكري، ومصممة للوصول إلى الأهداف وتدميرها في المنشآت المحمية جيداً. وشرعت القوات الجوية الأميركية في تصميم هذا النوع من القنابل في 2004، لتكون قادرة على اختراق طبقات الصخور والفولاذ والخرسانة. واستلهم الأميركيون تصميمها -حسبما ذكرت مجلة القوات الجوية- من إمكانية استهداف الأسلحة النووية أو الكيميائية في منشآت محصنة ومدفونة على عمق كبير، في إشارة إلى "بناء كل من كوريا الشمالية وإيران مثل هذا النوع من المخابئ تحت الأرض". وقد حصلت شركة بوينغ على عقد إكمال القنبلة في 2009.
ويبلغ وزن القنبلة نحو 30 ألف رطل (نحو 13.6 طنًا)، بما في ذلك حوالى 5.300 رطل من المواد المتفجرة، وطبقاً لسلاح الجو الأميركي، تفوق قوتها التفجيرية قوة سابقتها BLU-109 بأكثر من 10 أضعاف. ويبلغ طول القنبلة نحو 20.5 قدماً، وقطرها نحو 31.5 بوصة. وتستطيع أجهزة الاستشعار داخل القنبلة اكتشاف عدد الفراغات والطبقات التي تمر عبرها ثم تنفجر عند المستوى المحدد للتفجير. وصممت هذه القنبلة لاختراق ما يصل إلى 200 قدم تحت الأرض أو 60 متراً من الخرسانة قبل أن تنفجر، ويُغلف الرأس الحربي بسبيكة خاثة من الفولاذ، ما يمكنها من حمل هذه الحمولة المتفجرة الكبيرة مع الحفاظ على سلامة غلاف الاختراق في أثناء الاصطدام، طبقاً لسلاح الجو الأميركي. ويتيح طول السلاح البالغ أكثر من 6 أمتار (20.5 قدماً) ونظام الاستهداف الدقيق والتوجيه في تنفيذ ضربات دقيقة للغاية ضد المنشآت تحت الأرض الأكثر حماية في العالم.
لا يعرف بالضبط عدد قنابل MOP التي صُنِّعَت، إذ تشير السجلات العامة إلى شراء 20 قنبلة طبقاً لتعاقد لشركة بوينغ مع شركة صناعة الطيران والفضاء الأميركية، غير أن ما يقرب من هذا الرقم استُخدِم بالفعل في الاختبارات، حيث أجريت اختبارات لإسقاطها من طائرات B-2 في الفترة من 2014 إلى 2016، كذلك اختبرت 4 منها في 2017، فيما جرت آخر الاختبارات لأحدث ترقية في 2024، وذلك طبقاً لما نشرته مجلة القوات الجوية. وبينما يسود الغموض حول تكلفة إنتاجها، كانت "وول ستريت" قد أشارت في تقرير سابق لها إلى أنه يقارب من نصف مليار دولار للقنبلة الواحدة.
غير أنه في مايو/أيار 2024، كشف تقرير لشبكة بلومبيرغ عن توسعة مصنع ذخيرة أميركي في أوكلاهوما (كان من المتوقع الانتهاء منه في خريف العام الماضي) بهدف زيادة إنتاج أكبر قنبلة غير نووية في البلاد MOP التي استخدمت في هذا الهجوم على إيران. وأشار التقرير إلى أن الولايات المتحدة كانت تنتج قنبلتين فقط شهرياً من طراز GBU-57، أي 24 قنبلة سنوياً، وأن من المتوقع أن تؤدي توسعة المنشأة إلى زيادة الإنتاج إلى ما بين 6 و8 قنابل شهرياً، بما قد يؤدي إلى رفع إنتاج المعدل السنوي ليراوح بين 72 و96 وحدة. يعني ذلك أن القنابل التي ألقيت على إيران هي أكثر من نصف الإنتاج السنوي للولايات المتحدة من هذا النوع من القنابل حتى 2024.
طائرة B-2 تظهر في الرادار بحجم طائر
نظراً لحجم هذه القنابل، تعد الطائرة الشبحية B-2، الوحيدة في سلاح الجو الأميركي المجهزة لحملها. والطائرة B-2 من أهم سماتها القدرة على التخفي والتهرب من الدفاعات الجوية والوصول إلى الأهداف شديدة التحصين، ويمكن لكل طائرة حمل قنبلتين MOP، وهي تتمتع بحرية عالية في التحليق على ارتفاعات عالية، وصممت بطرق سرية تمكنها من تجاوز الأشعة تحت الحمراء والصوتية والكهرومغناطيسية والرادارية مع طلاءات خاصة وتصميم أجنحة يجعل من الصعوبة على أكثر أنظمة الدفاع تطوراً اكتشافها وتتبعها، إذ يقال إنها تظهر في مقاطع الرادار في حجم طائر، ما يجعلها غير مرئية تقريباً.
وتمتلك الولايات المتحدة 21 طائرة فقط من طائرات B-2 بعد تقليص برنامج إنتاجها مع سقوط الاتحاد السوفييتي. ويمكن لطائرات B-2 أن تحلق لنحو 6000 ميل بحري (11 ألفاً و112 كم) دون إعادة التزود بالوقود، وحلقت أول مرة عام 1989 في كاليفورنيا. وفي الوقت الحالي تعد قاعدة وايتمان الجوية في ميزوري الوحيدة التي تحتوي على هذا النوع من الطائرات. وقد استخدمت الطائرة في غارات جوية في حرب كوسوفو وأفغانستان والعراق. وتُعَدّ أيضاً عنصراً رئيسياً في النظام النووي الأميركي، إذ يمكنها حمل نحو 16 قنبلة نووية B83.
وإلى جانب قدرة الطائرات على التخفي وحمل حمولة ثقيلة، يسمح رادارها برسم خريطة ثلاثية الأبعاد للمنطقة المستهدفة بدقة عالية وإطلاق ذخيرة بدقة متناهية على نقاط وأهداف محددة للغاية مثل فتحات التهوية أو غيرها، كذلك تولد راداراتها إحداثيات للأهداف "عادة ما تكون أكثر دقة مما توفره المعلومات الاستخبارية"، وذلك حسبما نقلت مجلة القوات الجوية عن طيار سابق لهذا النوع من الطائرات.

أخبار ذات صلة.
