
يبدو أن شركات النفط الصخري في الولايات المتحدة لن تستجيب لدعوة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة بـ"حفّر يا حبيبي، حفّر"، حيث تفضل هذه الشركات حالياً تأمين إيراداتها المستقبلية من خلال التحوط المالي بدلاً من زيادة الإنتاج، رغم التصعيد العسكري الأميركي ضد إيران، وذلك وفقاً لتقرير أوردته شبكة بلومبيرغ اليوم الاثنين.
ويحذر محللون من أن شركات النفط الأميركية لا تزال متوجسة من تكرار تجارب سابقة لانطلاقات وهمية في أسواق النفط العالمية، ما يدفعها إلى استخدام عقود التحوط لتثبيت الأسعار بدلاً من استثمار مبالغ ضخمة في عمليات حفر جديدة، بحسب الشبكة التي ذكرت أن ترامب كان قد دعا في وقت سابق اليوم، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إلى زيادة عمليات التنقيب في الولايات المتحدة، بهدف كبح ارتفاع أسعار النفط.
إلا أن سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط انخفض بنسبة 4% ليصل إلى 71.92 دولاراً بحلول الساعة 12:47 ظهراً بتوقيت نيويورك، بعد تلاشي مكاسب حققها في وقت سابق من الجلسة، علماً أن الولايات المتحدة تنتج نحو 13.4 مليون برميل يومياً، وهو ما يتجاوز إنتاج السعودية وإيران مجتمعين. وتمتلك شركات النفط الصخري الأميركية القدرة على زيادة الإنتاج بسرعة خلال فترة تتراوح بين ستة إلى تسعة أشهر إذا كانت الأسعار مشجعة.
لكن هذه الشركات بدأت في تقليص أنشطتها، وخفّضت عدد الحفارات والعمال، في ظل تراجع أسعار النفط بسبب مخاوف من تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، وزيادة المعروض من دول أوبك. وتنقل بلومبيرغ عن أستاذ التمويل الطاقي في جامعة تكساس المسيحية توم سينغ قوله: "لا يمكنك تطبيق سياسة 'حفّر يا حبيبي، حفّر' بين ليلة وضحاها. يجب أن نشهد أسعاراً مرتفعة لعدة أشهر قبل أن تعود الشركات لزيادة عدد الحفارات".
ورغم تعافي الأسعار منذ أن بلغت أدنى مستوياتها في أربع سنوات في إبريل/نيسان الفائت، وارتفاعها مجدداً مع بداية هذا الأسبوع بعد الضربات الأميركية لمواقع نووية إيرانية، إلا أن مديري الشركات النفطية في ولايات تكساس وداكوتا الشمالية ونيو مكسيكو لا ينوون تعديل ميزانياتهم الرأسمالية استجابة لتحركات سعرية مفاجئة، وفقاً لما نقلت بلومبيرغ عن المحلل في شركة "ثيرد بريدج" (Third Bridge) الأميركية بيتر مكنالي.
وأوضح مكنالي أن الإنتاج الأميركي ظل شبه ثابت هذا العام، مع تحذيرات بعض الشركات من أن إنتاج النفط الصخري ربما بلغ ذروته أو اقترب منها، مضيفاً أن "المسألة ليست فقط في السعر، بل في استدامته، ويحتاج المنتجون الأميركيون إلى ستة أشهر من الأسعار المرتفعة المستقرة لتغيير مستويات النشاط بشكل ملموس".
بدوره، كيرك إدواردز، الرئيس السابق لجمعية حوض بيرميان للبترول، والذي يدير الآن شركة إنتاج نفط صغيرة، قال لشبكة بلومبيرغ: "سيتفرغ المنتجون الأميركيون هذا الأسبوع لتحصين إنتاجهم من خلال عقود التحوط، خاصة إذا ما استقرت أسعار العقود الآجلة حول 70 دولاراً للبرميل خلال الأشهر الـ12 المقبلة"، مضيفاً أن "بعض الشركات تكبّدت خسائر فادحة بسبب انخفاض الأسعار في إبريل، لذا تعتبر هذه فرصة ثانية لهم لحماية إنتاجهم".
