
قالت صحيفة غلوبال تايمز الصينية الحكومية في افتتاحيتها، اليوم الاثنين، إنه باستخدامها قنابل خارقة للتحصينات لتحقيق ما عجزت عنه إسرائيل، عمدت الولايات المتحدة إلى تصعيد مستوى الأسلحة المستخدمة، ما أجج نيران الحرب ودفع الحرب الإيرانية الإسرائيلية نحو حالة من الفوضى. وأضافت أن القنابل الأميركية "أثّرت على أساس النظام الأمني الدولي"، مشيرة إلى أنه بمهاجمتها منشآت نووية مقامة بموجب ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية "أرست واشنطن سابقة خطيرة، إذ إن هذا الإجراء، في جوهره، يتجاوز كلاً من مجلس الأمن الدولي، وإطار عمل الوكالة، في محاولة لحل القضية النووية الإيرانية من جانب واحد بالقوة".
وتابعت غلوبال تايمز: "يُعد هذا انتهاكًا خطيرًا لمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ورفضًا للموقف المبدئي للمجتمع الدولي، بما في ذلك الصين والاتحاد الأوروبي الذي تعامل مع القضية النووية الإيرانية من خلال مفاوضات متعددة الأطراف لسنوات عديدة، كما أن تباهي واشنطن بالتعاون الوثيق مع إسرائيل باعتبارهما فريقًا واحدًا يؤكد طبيعتها المتمثلة في جرّ حليفتها ضد الأخلاق الدولية والتعددية". وفي السياق، ذكرت الصحيفة الصينية أن ادعاء الولايات المتحدة بشأن الهجوم "الناجح للغاية" على ثلاثة مواقع نووية إيرانية لا يزال بحاجة إلى التحقق، مشيرة إلى أن منشأة فوردو النووية تقع على عمق يقارب 100 متر تحت الأرض، ما يجعل تدميرها بالكامل بضربة أو ضربتين فقط، حتى باستخدام القنابل الخارقة للتحصينات، أمرًا بالغ الصعوبة.
ونقلت عن خبير الشؤون العسكرية تشانغ جون شي قوله إن الموجة الأولى من الضربات الأميركية "ربما لم تكن كافية لتدمير المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض". ويضيف "على سبيل المثال، يقع موقع فوردو على عمق أكثر من 90 متراً تحت الصخور الصلبة، ما يجعله شديد المقاومة. وبينما تعتبره إسرائيل هدفًا رئيسيًا، إلا أنها تفتقر إلى الوسائل اللازمة لضربه بفعالية، في حين استخدمت الولايات المتحدة قاذفات بي-2 المُجهزة بقنابل GBU-57 الخارقة للتحصينات، التي تزن 30 ألف رطل، والتي يُعتقد أنها لا تخترق سوى حوالي 65 متراً".
وأشار الخبير الصيني إلى أنه "من الناحية النظرية، قد تكون هناك حاجة لاستخدام قنبلتين متتاليتين، لكن هذا التكتيك لم يُختبر علنًا قط، لذا لا يزال نجاح الضربة الأولى غير مؤكد"، لافتاً إلى أن هذا "يُظهر بشكل أكبر الصعوبة التي يواجهها الجيش الأميركي في تدمير المواد النووية الإيرانية"، وأوضح أنه "بغض النظر عما إذا كانت منشأة فوردو قد دُمرت بالكامل في الموجة الأولى من الضربات، فمن الواضح أن الغارات الجوية الأميركية ألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية النووية الإيرانية".
وكانت الصين قد أدانت بشدة الهجمات الأميركية على إيران وقصف المنشآت النووية المقامة بموجب ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال فو كونغ، الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، في الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي، وفقًا لبيان نُشر على الموقع الإلكتروني للبعثة الدائمة للصين لدى الأمم المتحدة أمس الأحد، إن تصرفات الولايات المتحدة "تنتهك بشكل خطير مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، فضلاً عن سيادة إيران وأمنها وسلامة أراضيها"، كما أدت إلى "تفاقم التوترات في الشرق الأوسط، ووجهت ضربة قوية لنظام منع الانتشار النووي الدولي". وأضاف أنه "يجب على المجتمع الدولي دعم العدالة وبذل جهود ملموسة لتهدئة الوضع واستعادة السلام والاستقرار".
وأكد فو على ضرورة التزام الأطراف المعنية بالقانون الدولي، وكبح جماح استخدام القوة، وتجنب تفاقم النزاعات وتأجيجها، ودعا إلى حماية فعالة للمدنيين، مشيراً إلى أن الضحايا النهائيين لجميع النزاعات هم الأبرياء، وقال "في الوقت الحالي، لم تُستنفد الوسائل الدبلوماسية لمعالجة القضية النووية الإيرانية، ولا يزال هناك أمل في حل سلمي، وينبغي على الأطراف الالتزام بحزم بالتسوية السياسية للقضية النووية الإيرانية، والعمل على إعادتها إلى مسار الحل السياسي من خلال الحوار والتفاوض، بهدف التوصل إلى اتفاق مقبول من جميع الأطراف".
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية الصينية بشدة الهجمات الأميركية على إيران، وقالت إن هذا الإجراء الأميركي، الذي ينتهك بشكل خطير مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، لا يؤدي فقط إلى تفاقم التوترات في الشرق الأوسط، بل يُخاطر أيضًا بإشعال أزمة أوسع نطاقًا.
أيضًا، أفادت السفارة الصينية في طهران بأنه، حتى نهاية الأسبوع الماضي، جرى إجلاء الغالبية العظمى من الرعايا الصينيين في إيران بأمان، بينما تجنب العدد القليل المتبقي المناطق عالية الخطورة. وأضافت السفارة في بيان لها نُشر على موقعها الإلكتروني، أنها تتواصل وتتعاون بشكل وثيق مع وزارة الخارجية الصينية وسفاراتها في الدول المجاورة، بما في ذلك تركيا وأرمينيا وأذربيجان وتركمانستان والعراق، للمساعدة في عملية الإجلاء منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية.
