هل من حق إسرائيل قصف المفاعلات النووية الإيرانية؟ إليك ما يقوله القانون الدولي
تقارير وتحليلات
منذ 20 ساعة
مشاركة

قال خبراء بارزون ومؤسسات حقوقية دولية متخصصة في القانون الدولي إن الهجمات التي شنتها إسرائيل على إيران، الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025، والتي استهدفت “عشرات” المواقع، بما في ذلك المنشآت النووية، والقادة العسكريين، والعلماء، تُعد غير قانونية.

وقد استندت إسرائيل في هجومها الأخير على طهران إلى مبررات “الدفاع الوقائي عن النفس”، والتي تبرر استخدام القوة ضد دولة أخرى بهدف منع هجوم متوقع في المستقبل.

إلا أن مثل هذه الحجة تتعارض مع القواعد التي تحكم استخدام القوة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك الشروط المحدودة لاستخدام القوة التي ينص عليها ميثاق الأمم المتحدة، إضافة إلى الحظر المفروض على جريمة العدوان، وفقاً لتقرير نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني.

وأوضح خبراء أن استخدام القوة لا يكون قانونياً إلا إذا كان الهدف منه صدّ هجوم وشيك أو هجوم جارٍ بالفعل.

واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الحكومة الإيرانية ببدء تصنيع رؤوس نووية، وقال إن الهجوم كان يهدف إلى “صد التهديد الإيراني لبقاء إسرائيل”، مضيفاً أن العملية ستستغرق “أياماً عديدة”.

في المقابل، وصف بيان صادر عن وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، تصرفات إسرائيل بأنها انتهاك صارخ للقانون الدولي، مشيراً إلى أنها انتهكت السيادة الوطنية الإيرانية وسلامة أراضيها، وهاجمت منشآتها النووية ومناطقها السكنية.

هل انتهكت إسرائيل القانون الدولي في هجومها الأخير ضد إيران؟

وفقاً للقانون الدولي، هناك عدة معايير يجب أخذها في الاعتبار لتقييم ما إذا كان من حق الاحتلال الإسرائيلي قصف المفاعلات النووية الإيرانية.

وتعتمد الإجابة عن هذا السؤال على تفسير عدد من المفاهيم القانونية، مثل مبدأ الدفاع عن النفس، وحقوق السيادة، واستهداف المدنيين.

1- حق الدفاع عن النفس

تنص المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة على أن من حق الدول الدفاع عن نفسها في حال تعرضها لاعتداء مسلح مباشر. وإذا اعتبرت إسرائيل أن البرنامج النووي الإيراني يشكل تهديداً وشيكاً لأمنها، يمكنها الاستناد إلى مبدأ الدفاع عن النفس، بشرط أن يكون الهجوم متناسباً مع التهديد، وأن يُنفذ في إطار الدفاع الفوري.

لكن وفقاً لخبراء في القانون الدولي، فإن الأهداف المعلنة للهجوم الإسرائيلي هذه المرة تمحورت حول منع هجوم نووي إيراني محتمل في المستقبل، ولم يكن رداً على هجوم بدأ أو هجوم وشيك الوقوع. وبما أن إيران لم تحصل بعد على أسلحة نووية، فلا يوجد تهديد وشيك يبرر لجوء إسرائيل إلى الدفاع الاستباقي عن النفس.

ووفقاً للباحث في القانون الدولي، ماركو ميلانوفيتش، هناك ثلاثة توجهات رئيسية بشأن تفسير حق الدفاع عن النفس في القانون الدولي:

  • يجيز بعضها استخدام الدفاع الوقائي عن النفس لصد تهديدات مستقبلية محتملة، وخاصة تلك التي تُعتبر وجودية.
  • ويُجيز بعضها استخدام القوة بهدف استباق هجمات وشيكة.
  • بينما لا يُجيز البعض الآخر اللجوء إلى استخدام القوة إلا بعد وقوع الهجوم فعلياً.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو/رويترز

ويؤكد ميلانوفيتش أن استخدام القوة لمنع هجوم مستقبلي، كما فعلت إسرائيل في عمليتها الأخيرة، يُعتبر “غير مقبول قانونياً” من قِبل غالبية فقهاء القانون الدولي.

وفي مقال نشره عبر موقع EJIL Talk قال:”إن استخدام إسرائيل للقوة ضد إيران، استناداً إلى الحقائق المتاحة، يُرجَّح أن يكون غير قانوني”.

وأضاف: “ما لم تتمكن إسرائيل من تقديم أدلة أكثر إقناعاً بكثير من تلك المتوفرة حالياً للعامة، فمن غير المنطقي الزعم بأن إيران كانت على وشك مهاجمة إسرائيل، أو أن استخدام القوة كان الخيار الوحيد لمنع هذا الهجوم”.

2- جريمة العدوان

وجريمة العدوان هي واحدة من الجرائم الدولية الأربع الأساسية المنصوص عليها في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب.

ويُقصد بها التخطيط أو الإعداد أو الشروع أو تنفيذ عمل عدواني، أو استخدام القوة بما يخالف ميثاق الأمم المتحدة، من قِبل شخص يشغل منصباً قيادياً، مثل رئيس دولة أو قائد عسكري كبير.

وقد اتهم عدد من الباحثين القانونيين إسرائيل بارتكاب جريمة العدوان في هجومها على إيران.

وقال البروفيسور كيفن جون هيلر، من جامعة كوبنهاغن:”قليلة هي الأفعال التي تُعد غير قانونية بشكل قاطع أكثر من الدفاع الوقائي عن النفس في غياب تهديد وشيك. لذلك، فإن هجوم إسرائيل غير قانوني وإجرامي – جريمة عدوان”.

كما وصف الباحث سيرجي فاسيلييف، من الجامعة المفتوحة في هولندا، الهجوم بأنه يندرج ضمن جريمة العدوان.

وكتب على حسابه في منصة إكس (تويتر سابقاً):”هذه العملية تمثل استخداماً غير قانوني للقوة. لم تُشكّل إيران أي تهديد وشيك لإسرائيل يبرر مثل هذا الهجوم. هذا عمل عدواني”.

3. سيادة الدول

تُعتبر سيادة الدولة من المبادئ الأساسية في القانون الدولي. وبما أن كلًّا من إسرائيل وإيران دولتان ذاتا سيادة، فإن أي هجوم على منشأة داخل دولة أخرى – حتى في ظل تهديد متصور – قد يُعد خرقاً لسيادتها، ما لم يكن هناك مبرر مشروع قائم على الدفاع عن النفس.

وتحظر المادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة “التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة”.

4. الأمم المتحدة والمجتمع الدولي

يخول ميثاق الأمم المتحدة لمجلس الأمن إصدار قرارات باستخدام القوة في حال وجود تهديد فعلي للسلم والأمن الدوليين. غير أن ذلك يتطلب عادة إجماع الأعضاء الدائمين في المجلس، وهو ما لم يتحقق في حالة الهجوم الإسرائيلي على إيران.

وفي ظل غياب تفويض دولي أو توافق داخل مجلس الأمن، تُصنّف الضربات الإسرائيلية على أنها غير مبررة قانونياً.

الهجوم الإسرائيلي على إيران
منظومات دفاع جوي إيرانية تحرس محطة نطنز النووية الإيرانية 2006/ Open source photo

5- استهداف المدنيين:

استهدفت الضربات العسكرية الإسرائيلية الأخيرة عشرات المواقع، بما في ذلك المنشأة النووية الإيرانية في نطنز، وأسفرت عن مقتل قادة عسكريين وعلماء نوويين إيرانيين بارزين.

ويُحظر بموجب القانون الإنساني الدولي استهداف المدنيين عمداً. وقد طُرحت شكوك قوية بشأن كون العلماء النوويين الذين قُتلوا جراء الهجوم من الأشخاص المحميين بموجب هذا القانون، ما يجعل من عملية استهدافهم انتهاكاً محتملاً.

وعلاوة على ذلك، أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن الهجمات على المنشآت النووية قد تتسبب في إطلاق مواد إشعاعية، مما يُلحق ضرراً جسيماً بالمدنيين والبيئة المحيطة.

وقال سعيد بن عربية، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة الحقوقيين الدولية:”لا شيء في القانون الدولي يبرر هذه الهجمات المسلحة أو الاستهداف المتعمد للمدنيين المحميين”.

أما المؤرخ والأكاديمي الأمريكي خوان كول، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط وجنوب آسيا في جامعة ميشيغان، فقد كتب:”إذا قصفت الطائرات المقاتلة الإسرائيلية مخزونات من اليورانيوم غير المخصب، فإن ذلك قد يُطلق غباراً مشعاً في الجو، مما يزيد من احتمالات الإصابة بسرطان الرئة لدى السكان المتضررين. أما إذا استهدفت يورانيوم مخصب، فسيكون ذلك بمثابة قنبلة قذرة”.

وفي مقال نشره عبر موقع Common Dreams تحت عنوان: “قصف إسرائيل غير المبرر لإيران ينتهك القانون الدولي”، أضاف كول:

“لا تشير تقديرات الاستخبارات الأمريكية إلى أن إيران تمتلك برنامجاً نووياً عسكرياً، بل برنامجاً مدنياً لتخصيب اليورانيوم. وبموجب القانون الدولي، يُسمح لها بإنتاج الوقود لمفاعل بوشهر، الذي بُنِي بدعم روسي، مع وجود خطط للتوسع. وبالتالي، فإن الهجوم الإسرائيلي يُعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي”.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية