كأس العالم للأندية: فرق تسعى لكسر الهيمنة الأوروبية واللاتينية
عربي
منذ 12 ساعة
مشاركة

مع اقتراب انطلاق النسخة الموسّعة من كأس العالم للأندية لكرة القدم بمشاركة 32 فريقاً تمثل مختلف القارات، تتجدد التساؤلات حول هوية المرشح الأوفر حظاً للقب، وهل سيواصل ممثلو أوروبا وأميركا الجنوبية فرض هيمنتهم التاريخية، أم يفتح النظام الجديد الباب لسيناريوهات مختلفة، قد تشمل مفاجآت من قارات أخرى؟

ومنذ انطلاق البطولة بصيغتها الحالية في مطلع الألفية، اقتصرت قائمة الأندية المتوّجة باللقب على ممثلي القارتين الأقوى كروياً، فقد تُوجت الأندية الأوروبية بـ16 لقباً من أصل 20 نسخة، يتقدّمها ريال مدريد بخمسة ألقاب، يليه برشلونة بثلاثة، وبايرن ميونخ بلقبين، إلى جانب أندية أوروبية أخرى. وفي المقابل، حققت أندية أميركا الجنوبية أربعة ألقاب، جميعها من نصيب الأندية البرازيلية: كورينثيانز بلقبين، ساو باولو وإنترناسيونال بلقب واحد لكل منهما.

ولم ينجح أي نادٍ من آسيا أو أفريقيا أو أميركا الشمالية في كسر هذا الاحتكار، رغم بعض المحاولات اللافتة التي بلغت النهائي، كما فعل تي بي مازيمبي من الكونغو الديمقراطية عام 2010، والرجاء البيضاوي المغربي عام 2013، وكاشيما أنتلرز الياباني في 2016، إلى جانب تألق العين الإماراتي في 2018، وتيغريس أونال المكسيكي في 2020، وآخرهم الهلال السعودي في نسخة 2022.

وستُقام النسخة الأولى من كأس العالم للأندية بصيغتها الجديدة في الولايات المتحدة، هذا الصيف، والتي تُشبه من حيث الهيكل "كأس العالم للمنتخبات"، إذ يشارك 32 نادياً يتم توزيعهم على مجموعات، ومن ثم الأدوار الإقصائية، ويأتي هذا التطور في سياق سعي الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" لتوسيع نطاق المسابقة تجارياً وجماهيرياً، ومنحها بُعداً عالمياً أكثر وضوحاً.

ورغم توسيع قاعدة المشاركة في النسخة الجديدة من كأس العالم للأندية، إلا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" منح أولوية واضحة للأندية الأوروبية، إذ تشارك القارة العجوز بـ 12 فريقاً، ما يعكس هيمنتها الحالية على كرة القدم العالمية، وتُعد أندية أوروبا القوة الضاربة في هذا العصر، بفضل ما تملكه من موارد مالية هائلة، بنى تحتية متطورة، وأجهزة فنية عالية الكفاءة، ولاعبين من الطراز العالمي، كما أنها معتادة على مستوى تنافسي مرتفع بشكل أسبوعي في بطولات قوية مثل الدوري الإنكليزي الممتاز، والليغا الإسبانية، والبوندسليغا الألمانية، والكالتشيو الإيطالي.

وتأتي أندية أميركا الجنوبية في المرتبة الثانية من حيث عدد الفرق المشاركة، حيث تمثّلها ستة أندية، وتتميّز هذه الفرق بشغف جماهيري كبير وأسلوب لعب قتالي يعكس تاريخاً طويلاً من التنافس العالمي، ورغم اتساع الفارق الفني والمادي مع أوروبا في السنوات الأخيرة، إلا أن فرقًا مثل ريفر بليت وبوكا جونيورز من الأرجنتين، وفلومينينسي وفلامنغو من البرازيل، لا تزال قادرة على مقارعة الكبار، خاصة في مباريات الكؤوس التي تُلعب بنظام الإقصاء المباشر، حيث تلعب الخبرة والحماس دوراً حاسماً.

أما القارتان الأفريقية والآسيوية، فلكلٍ منهما أربعة ممثلين فقط، مما يُصعّب من مهمتها في إزاحة أندية أوروبا عن عرش "الموندياليتو"، ورغم ذلك، ستسعى هذه الفرق إلى استغلال عوامل ظرفية قد تصبّ في صالحها، من بينها كثافة الجدول الأوروبي والإرهاق الموسمي، خاصة أن البطولة تُقام في نهاية موسم طويل وشاق، حيث قد تصل الأندية الأوروبية منهكة أو تُعاني من غيابات بسبب الإصابات أو الإرهاق البدني.

وتُعوّل هذه الأندية من خارج القارتين المهيمنتين على الجاهزية البدنية الأفضل والتحضير الهادئ، مقارنةً بالمنافسين المنخرطين في صراع محلي وقاري مزدحم. كما أن الانتقالات الصيفية قد تلعب دوراً مفصلياً، إذ تأمل فرق آسيا وأفريقيا وأميركا الشمالية في الاستفادة من حركة اللاعبين.

وتتسلّح الأندية القادمة من خارج القارتين المتوجتين سابقاً، بتجارب ناجحة أثبتت قدرة المنتخبات والأندية من بقية القارات على مقارعة الكبار وفرض منطقها في المحافل العالمية، ويتصدر هذه القائمة المنتخب المغربي، الذي حقّق إنجازاً تاريخياً في مونديال قطر 2022 بوصوله إلى نصف النهائي، بعد إقصائه منتخبي إسبانيا والبرتغال، وهما من المرشحين التقليديين للتتويج.

وتعكس تجارب سابقة مثل منتخب غانا في كأس العالم 2010، وكوريا الجنوبية في مونديال 2002، أن الفوارق قد تضيق في المواعيد الكبرى، وأن كرة القدم لا تعترف دائماً بالترشيحات. وعلى صعيد الأندية، تبرز محطات مشرّفة لأندية غير أوروبية أو لاتينية، بلغت نهائي كأس العالم للأندية، على غرار الرجاء البيضاوي المغربي وتي بي مازيمبي الكونغولي من أفريقيا، والهلال السعودي والعين الإماراتي من آسيا.

وتسعى أندية أميركا الشمالية لتسجيل حضور قوي، بقيادة إنتر ميامي الأميركي، الذي يُراهن على ترسانة من النجوم بقيادة الأسطورة الأرجنتينية ليونيل ميسي، إلى جانب الإسبانيين جوردي ألبا وسيرجيو بوسكيتس والأوروغوياني لويس سواريز، ضمن مشروع طموح للمنافسة على أعلى مستوى، ولا يختلف الحال لدى مونتيري المكسيكي، الذي تعاقد مع الإسباني سيرجيو راموس تحضيراً للبطولة، مع وعود بصفقات إضافية تعكس رغبة حقيقية في إحداث المفاجأة وتحدي الهيمنة التقليدية.

وتُعلّق الجماهير الأفريقية آمالاً كبيرة على الأندية الممثلة للقارة في النسخة الموسعة من كأس العالم للأندية، في ظل تطور ملحوظ في مستوى بعض الفرق من الناحية الفنية والتنظيمية، ويتصدر المشهد القاري نادي الأهلي المصري، الذي يمتلك رصيداً وافراً من التجربة والخبرة في المسابقات القارية، بعد سيطرته اللافتة على دوري أبطال أفريقيا في السنوات الأخيرة. ويأمل الأهلي في استثمار هذه الخبرة وتقاليد اللعب في البطولات الكبرى لمقارعة عمالقة أوروبا وأميركا الجنوبية، أما الترجي الرياضي التونسي، فيدخل البطولة بطموح كتابة اسمه في سجل المنافسة العالمية، والسعي لتجاوز أدوار الشرف إلى مرحلة المنافسة الحقيقية، ويُراهن الفريق التونسي على شخصيته القارية القوية، وتاريخه الكبير في إفريقيا، لإثبات حضوره بين الكبار.

ورغم صعوبة المهمة، إلا أن كرة القدم عودتنا على المفاجأة على مر التاريخ، وقد تشهد البطولة ظهور بطل جديد، رغم أن الفوارق المالية والبشرية واضحة، لكن عوامل مثل الإعداد الجيد، والتوقيت، والروح الجماعية، والتحفيز قد تُغيّر المعادلة في بعض المواجهات. فالكرة لا تُلعب بالأرقام فقط، بل أيضًا بالعزيمة والتكتيك والانضباط.

من جهته، يُعد ماميلودي صن داونز الجنوب أفريقي من أكثر الفرق جاهزية على المستوى الفني واللوجيستي، إذ يمتلك إمكانات مالية وبشرية ضخمة، جعلته في السنوات الأخيرة أحد أبرز القوى الصاعدة في الكرة الإفريقية، ويبدو الفريق مرشحاً لإحداث المفاجأة، خاصة إذا ما تمكّن من المحافظة على استقراره الفني واستغلال عامل المفاجأة، أما الوداد الرياضي المغربي، فرغم تراجع مستواه أخيراً مقارنة بالسنوات الماضية، إلا أن طموحه يبقى قائماً في استعادة بريقه القاري، والسير على خطى غريمه التقليدي الرجاء البيضاوي، الذي قدّم واحدة من أفضل مشاركات الأندية الأفريقية في نسخة 2013، حين بلغ النهائي أمام بايرن ميونخ.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية