شبان سوريون يستعيدون الأمل بعد إلغاء التجنيد الإلزامي
عربي
منذ 13 ساعة
مشاركة

بدأ الكثير من الشبان السوريّين اللاجئين العودة إلى بلادهم بعد التخلّص من كابوس الخدمة العسكرية الإلزامية، والتي كانت سبباً رئيسياً لانقطاعهم عن التعليم والعمل، ولجوئهم إلى المنافي. وشكّل التجنيد الإجباري، فضلاً عن سنوات الاحتياط المفتوحة بلا أفق على مدى عقود، عائقاً أمام استقرارهم، وبالتالي ابتعادهم القسري عن الحياة المدنية. 
مطلع عام 2025، أعلنت الحكومة السورية رسمياً إلغاء الخدمة العسكرية الإلزامية، في خطوة وصفت بأنها "تاريخية"، وتحول جذري في علاقة الدولة بشبابها. وأثار القرار ردود فعل متباينة، بين الفرح والأمل والريبة والتساؤلات، ولقي صدى أكبر بين الشبان داخل البلاد وفي الشتات.
كان القرار بمثابة طوق نجاة طال انتظاره بالنسبة إلى عبد الرحمن الكردي (27 سنة)، خريج كلية الهندسة المعلوماتية في جامعة دمشق. يقول الشاب الذي تخرج في عام 2020: "لم أصدق في البداية. شعرت وكأنه أفرج عني بعد سنوات من السجن غير المرئي"، هو الذي كان يخشى سوقه إلى الخدمة العسكرية. يضيف: "لم أستطع العمل، أو السفر، أو حتى مواصلة دراستي. كنت مقيداً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وعشت سنوات من الحظر الذاتي داخل منزلي في ريف دمشق، شأني شأن آلاف الشبان السوريين الذين أحجموا عن التخطيط لحياتهم خشية الملاحقة العسكرية".
حتى أواخر عام 2024، كانت الخدمة الإلزامية مفروضة على كل شاب بلغ الثامنة عشرة من عمره، بمدة رسمية تصل إلى 18 شهراً في القوات البرية، و21 شهراً في الجوية والبحرية، وامتدت إلى أكثر من ذلك بسبب ظروف الحرب المستمرة منذ عام 2011. أما الاحتياط، فشكل الهاجس الأكبر، إذ كانت المدة غير محددة، بل إن عودة المجندين أشبه بالمجهول.
ترك سامر العرب مدينة حلب إلى لبنان في عام 2015 بعد استدعائه للاحتياط، لكنه عاد أخيراً لاستكمال الدراسة، ويخطط للالتحاق ببرنامج الماجستير. يقول: "أعرف شباناً التحقوا بالجيش في عام 2012، ولم يسرحوا حتى عام 2020، وبعضهم اختفى، وبعضهم قتل".
لم يكن أمام آلاف الشبان سبيل سوى الفرار، أو التخفي والتخلي عن أحلامهم، فيما ظل آخرون عالقين بين تأجيل مؤقت وخوف دائم، من بين هؤلاء محمد الموسى (25 سنة)، والذي راجع شعبة التجنيد في حلب عشرات المرات للحصول على تأجيل دراسي.
عمل يزن النجار (29 سنة) في إسطنبول لمدة ثماني سنوات في مجال التصوير، من دون إقامة قانونية. ويقول: "لم أكن أتخيل أنني سأعود إلى سورية من دون أن أخشى التجنيد أو الاعتقال. عدت إلى دمشق في إبريل/نيسان الماضي، ولحظة خروجي من مطار دمشق كانت بمثابة ولادة جديدة".

أما علي خضير، فقد قضى سنوات في مخيم الزعتري في الأردن، بعدما اضطر إلى ترك جامعته بسبب الحرب. ويقول لـ "العربي الجديد": "كنت أعمل في الزراعة والبناء، وعدت في إبريل الماضي، وسمح لي بإعادة التسجيل في كلية الاقتصاد ضمن برنامج خاص بالعائدين. في السابق، كنا نحاول فقط أن ننجو، والآن نحاول أن نعيش. نحن جيل خطف منه الزمن، لكننا عدنا، ولو متأخرين، لنبدأ من جديد".
ومع صدور القرار، سارعت الجامعات السورية إلى استقبال العائدين والمنقطعين عن الدراسة. تقول ريم الحموي، وهي موظفة إدارية في جامعة دمشق، إن "عدد الطلبات فاق التوقعات، والجامعة أعادت تفعيل الملفات كأن الانقطاع لم يحدث".
من جهته، يحذر الخبير القانوني محمود أبو ريا من أن إلغاء الخدمة الإلزامية لا يعني إغلاق ملف التجنيد كلياً، خاصة في ظل غياب ضمانات قانونية واضحة للعائدين. ويقول لـ"العربي الجديد": "هناك حاجة إلى تشريع يحصن القرار، ويمنع استخدامه لاحقاً كأداة انتقائية. رغم الفرح الكبير في أوساط الشباب، يبقى القلق من أن يعاد فرض التدنيد لاحقاً، وإن كان سيطبق القرار على الجميع، خصوصاً أن الخدمة العسكرية كانت دائماً أداة سيطرة، ومصدر دخل للدولة من خلال ما يعرف ببدل الخدمة".

ويرى أبو ريا أن "القرار يمثل تحولاً جذرياً في العلاقة بين الدولة والفرد، ويعيد الاعتبار للشباب عنصراً منتجاً في المجتمع، لا وقوداً للحروب. العودة إلى الحياة الطبيعية بداية إصلاح أوسع يجب أن يشمل النظام التعليمي، وسوق العمل، والحريات العامة. إلغاء الخدمة الإلزامية فتح نافذة أمل واسعة أمام جيل كامل عاش في الظل، وخسر سنوات من عمره في الانتظار أو الهرب، واليوم يحاول هؤلاء الشبان إعادة بناء حياتهم من جديد".
وكشف وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، أن "1672 شخصاً يعودون إلى سورية يومياً منذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر/ كانون الأول، وهذا من تركيا وحدها، فضلاً عن العائدين من بقية دول اللجوء العربية والأوروبية، وبدأ بعضهم بالفعل مشاريع صغيرة تهدف إلى إعادة إحياء الحياة في المدن السورية".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية