لعنة الحرب تلاحق الإسرائيليين حول العالم.. ملاحقات جنائية للجنود وسياحهم غير مرغوب فيهم
تقارير وتحليلات
منذ 13 ساعة
مشاركة

تتواصل الجهود الدولية الرسمية وغير الرسمية بشأن الملاحقة القضائية لجنود الاحتلال في الخارج بسبب مشاركتهم في حرب الإبادة الجماعية في غزة، حيث أطلقت الشرطة الفيدرالية الكندية تحقيقاً جنائياً مع عدد من الجنود الإسرائيليين ممن يحملون الجنسية الكندية أيضاً، للاشتباه في ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في القطاع الفلسطيني المحاصر.

ويشكل التحقيق الكندي الأخير حلقة في سلسلة التحقيقات التي طالت جنوداً إسرائيليين شاركوا في حرب الإبادة الجماعية في غزة، وشهدت دول غربية من بينها السويد وسويسرا وبيرو والبرازيل فتح تحقيقات مماثلة.

ولا تقتصر الجهود الدولية لملاحقة جنود جيش الاحتلال المتورطين في الحرب على غزة على التحقيقات القضائية، بل إن لعنة الحرب تلاحق حتى السياح الإسرائيليين في الخارج.

وضمن الجهود الدولية لملاحقة جنود الاحتلال في الخارج، برزت أسماء مؤسسات حقوقية عدة تشرف على هذه الجهود وفي مقدمتها مؤسسة “هند رجب”، وهي مؤسسة حقوقية تأسست في فبراير/شباط 2024 وتتخذ من العاصمة البلجيكية بروكسل مقراً رئيسياً لها.

طلب عاجل لمحكمة العدل -محكمة العدل الدولية تفتح ملف حصار غزة.. خطوة رمزية أم بداية لتحقيق العدالة؟
قضاة محكمة العدل الدولية/رويترز

وتقدمت “هند رجب” بطلبات اعتقال لـ1000 جندي إسرائيلي مزدوج الجنسية في 8 دول.

ولطالما سعى الاحتلال لحماية جنوده من الملاحقة القضائية في الخارج، وأصدر عدداً من التوجيهات التي شمل البعض منها تعليمات لجنود الاحتياط بتجنب السفر خشية صدور مذكرات اعتقال بحقهم.

يأتي ذلك بينما تواجه إسرائيل محاكمات دولية بسبب الحرب على غزة أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية التي أصدرت العام الماضي مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة، مما أثار غضباً في إسرائيل.

ما هي أبرز الملاحقات القضائية التي طالت جنوداً إسرائيليين؟

1- كندا: تحقيق جنائي في جرائم ضد الإنسانية بحق جنود مزدوجي الجنسية شاركوا في حرب غزة

  • أطلقت الشرطة الفيدرالية الكندية، الثلاثاء 3 يونيو/حزيران، تحقيقاً جنائياً مع عدد من الجنود الإسرائيليين ممن يحملون الجنسية الكندية أيضاً، للاشتباه في ارتكابهم جرائم ضد الإنسانية في غزة، حسب وسائل إعلام كندية.
  • ووفقاً للتقرير الذي نشرته صحيفة تورنتو ستار، فإن هذه هي المرة الأولى التي تتخذ فيه السلطات الكندية مثل هذا الإجراء الذي أثار قلقاً وجدلاً في أوساط الجاليتين اليهودية والإسرائيلية في كندا.
  • وتُجري شرطة الخيالة الملكية الكندية (RCMP) تحقيقاتٍ مع مواطنين كنديين خدموا في جيش الاحتلال الإسرائيلي، سواءً ضمن الخدمة النظامية أو كجنود احتياط، خلال حرب غزة. 
  • وورد أن التحقيق بدأ عام 2024، لكنه ظلّ طيّ الكتمان حتى الآن. ويشمل التحقيق جمع الأدلة، وتبادل المعلومات مع الهيئات الدولية، وربما حتى توجيه اتهامات على الأراضي الكندية.
  • وصنّفت الشرطة الفيدرالية الكندية هذه الجهود ضمن ما يعرف باسم “التحقيقات الهيكلية”، وهو مصطلح يُستخدم للإشارة إلى التحقيقات في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. 
  • وتندرج هذه التحقيقات ضمن برنامج الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب الكندي (CAHWCP)، الذي يُدار بشكل مشترك من قِبل شرطة الخيالة الكندية، ووزارة العدل، ووكالة خدمات الحدود الكندية، وهيئة الهجرة والجنسية في البلاد.

2- بيرو: تحقيق رسمي ضد جندي إسرائيلي شارك في إبادة غزة

  • وفي مايو/أيار، أعلنت مؤسسة “هند رجب” أن جمهورية بيرو فتحت تحقيقاً “رسمياً” ضد جندي إسرائيلي متهم بالمشاركة في حرب الإبادة في غزة.
  • واتخذت بيرو قرارها بناءً على شكوى قانونية قدمتها مؤسسة “هند رجب”، دعمتها بوثائق سمعية وبصرية ومعلومات استخباراتية مفتوحة المصدر، وطالبت فيها ليما بتفعيل مبدأ الولاية القضائية الدولية.
  • وقالت المنظمة إن التحقيق يطال جندياً في سلاح الهندسة القتالي في جيش الاحتلال الإسرائيلي ويُزعم أنه “لعب دوراً مباشراً في التدمير المنهجي والممنهج للأحياء المدنية في قطاع غزة” خلال العام الأول من الحرب 2023 – 2024.
  • وفي السياق، اتهمت المؤسسة في شكواها القانونية الجندي بـ”ارتكاب ممارسات تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة جماعية”.
  • وقدمت المؤسسة الشكوى إلى السلطات في جمهورية البيرو عبر المحامي البيروفي في مجال حقوق الإنسان خوليو سيزار أربيزو، والذي يعمل أيضاً مستشاراً قانونياً للمؤسسة.

3- بريطانيا: مطالبات باعتقال وزير خارجية إسرائيل بلندن

  • وفي أبريل/نيسان الماضي، تقدمت مؤسسة “هند رجب” بطلب للسلطات البريطانية، تدعوها فيه لاعتقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، خلال زيارته للندن؛ بتهمة ارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين بقطاع غزة.
  • وقالت “هند رجب” في بيان: “بدعم من أطباء، قدمت الشبكة العالمية للإجراءات القانونية (GLAN) ومؤسسة “هند رجب”، طلباً رسمياً إلى المدعي العام ومدير النيابة العامة في المملكة المتحدة لإصدار مذكرة اعتقال بحق ساعر”.
  • وتابعت: “تجري مساعٍ لإصدار مذكرة اعتقال عاجلة بحق ساعر، العضو في المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)”.
  • المنظمة، أكدت أن ساعر، “ساعد وشجع على ارتكاب التعذيب والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي في فلسطين، بما في ذلك التعذيب والقتل العمد والتدمير الواسع النطاق للممتلكات”.

4- اليابان: جرائم الحرب تلاحق السياح الإسرائيليين في اليابان 

  • وفي مايو/أيار، فرضت شركة تشغيل فنادق في مدينة كيوتو اليابانية على عملائها الإسرائيليين التوقيع على تعهد بعدم التورط في جرائم حرب قبل السماح لهم بالإقامة.
  • ونقلت وكالة الأناضول عن مدير الشركة، كيشي إيس، إن القرار جاء كرد فعل شخصي وإنساني على المجازر التي ترتكبها إسرائيل في غزة، مشيراً إلى أن صور الأطفال تحت الأنقاض دفعته للتفكير في وسيلة احتجاج قانونية داخل اليابان، حيث يُمنع التمييز ورفض العملاء.
  • ووصف كيشي الذي يعمل في إدارة الفنادق منذ نحو 10 سنوات، المجازر الإسرائيلية في غزة بأنها “غير مقبولة على الإطلاق”، و”تتعارض مع القانون الدولي”.
  • وأردف كيشي: “كنت أتساءل ماذا يمكنني فعله، ففي اليابان لا يُسمح بالتمييز ورفض العملاء، لذا قمنا باستحداث إجراء خاص بتوقيع هذا التعهد، وهذا أقصى ما يمكننا فعله في إطار القانون”.
  • وأشار إلى أن إدارة الفندق فرضت على زبائنها الأجانب تقديم تعهد بعدم التورط بارتكاب جرائم حرب، لأن القانون يحظر رفض العملاء.

5- السويد: مطالبات باعتقال وزير خارجية إسرائيل بلندن

  • وفي يناير/كانون الثاني الماضي، تقدمت مؤسسة “هند رجب” بشكوى لدى السلطات السويدية ضد عسكري احتياط إسرائيلي مُقيم في أراضيها، بتهمة المشاركة سابقاً في جرائم إبادة جماعية بقطاع غزة.
  • وقالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي إن مؤسسة “هند رجب” تقدمت بشكوى ضد عسكري احتياطي في السويد، لدى السلطات في ستوكهولم.
  • ووفق الإذاعة، فإن المؤسسة تقول إن العسكري المتهم شارك في جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، دون تفاصيل أخرى.
النيابة العامة الإسرائيلية
رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو – رويترز

ما هي الإجراءات التي اتخذها الاحتلال لحماية جنوده من الاعتقال في الخارج؟

  • في ديسمبر/كانون الأول الماضي، نشرت مواقع عبرية من بينها صحيفة يديعوت أحرونوت تعليمات أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي لجنوده الاحتياطيين الذين خدموا في غزة شملت تجنب السفر خشية صدور مذكرات اعتقال بحقهم.
  • طُلب من بعض الضباط والجنود في نهاية العام الماضي مغادرة البلدان التي زاروها فوراً، خوفاً من الإجراءات القضائية ضدهم.
  • طالب جيش الاحتلال أيضاً الضباط والجنود عدم تحميل صورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم  التي تُظهر مشاركتهم في الحرب على غزة في الخارج.
  • شكلت حكومة الاحتلال فريقاً مشتركاً بين الوكالات الحكومية لتقييم المخاطر القانونية التي قد يتعرض لها الجنود والاحتياطيين في الخارج. 
  • أصدرت وزارة الخارجية مؤخراً تحذيراً عاماً للإسرائيليين بأن منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي قد تستخدم لرفع دعاوى قانونية ضدهم في بلدان أخرى.
  • استعانت إسرائيل كذلك بخدمات قانونية من محامين محليين في عشرات من دول العالم، ليقوموا برصد التغيرات في التشريعات والأحكام في هذه الدول فيما يتعلق بإسرائيل وقوانين الحرب المحلية.
  • فيما يتعلق بجنود الاحتياط الذين خدموا في غزة ويريدون السفر إلى الخارج، أوصى جيش الاحتلال الإسرائيلي أولاً بالتحقق من مستوى المخاطر في الدولة التي يرغبون في التوجه إليها مع غرفة العمليات في وزارة الخارجية.

ما هي المخاطر التي تشكلها ملاحقة جنود الاحتلال الإسرائيلي في الخارج؟

1- خيارات قليلة: لدى حكومة الاحتلال خيارات قليلة للتعامل مع ملاحقة جنودها الذين شاركوا في حرب الإبادة الجماعية في غزة، وحتى هذه الخيارات لا يتم استخدامها بشكل صحيح حالياً، وفق ما نقلته صحيفة هآرتس العبرية عن مصدر رفيع المستوى في الخارجية الإسرائيلية.

2- قرار الجنائية الدولية: يقدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت سيعطي زخماً للاعتقالات والإجراءات الجنائية الأخرى في جميع أنحاء العالم ضد كبار الضباط في الجيش.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت إن الوضع سيكون أكثر صعوبة بعد نهاية الحرب في غزة وتراجع حدة القتال وفتح المنطقة أمام جولات منظمات حقوق الإنسان والصحفيين الأجانب بحرية.

3- مبدأ الولاية القضائية العالمية: وهو أحد مبادئ القانون الدولي التي تسمح نظرياً لأي محكمة وطنية بمحاكمة المتهمين في جرائم ذات تداعيات جسيمة بغض النظر عن مكان ارتكابها.

وقد اعتمدت دولة الاحتلال نفسها على هذا المبدأ القانوني لمحاكمة أدولف آيخمان، وهو مسؤول نازي كبير، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أثناء الهولوكوست.

دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة
دبابات إسرائيلية على حدود قطاع غزة – رويترز

وتعزز وسائل التواصل الاجتماعي بجانب التكنولوجيا الرقمية الآن الأدلة التي يمكن تقديمها بالاعتماد على مبدأ الولاية القضائية لتقديم شكاوى جنائية ضد جنود وضباط الاحتلال ممن شاركوا في الحرب على غزة، سواء من المستويات العليا في الجيش أو المستويات الأدنى.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن يوفال شاني، أستاذ القانون الدولي في الجامعة العبرية في القدس المحتلة، قوله: “تأتي التكنولوجيا لسد الفجوة، لأنه بمجرد تصويرك وتوثيقك لنفسك أثناء ارتكاب جريمة حرب، يصبح من الأسهل بكثير مقاضاتك، حتى في محكمة بعيدة في نصف الكرة الأرضية الآخر”.

4- الحصانة الدبلوماسية: على النقيض من القادة الأكثر خبرة، لا يتمتع جنود الاحتلال من المستويات الأدنى عادة بالحصانة الدبلوماسية، أو الموارد اللازمة للبحث في الولايات القضائية التي قد تجعلهم عرضة لشكاوى جرائم الحرب، وفق نيويورك تايمز.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية