
اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي قرية خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، جنوبي الضفة الغربية، صباح اليوم الأحد، وأبلغت سكانها بأن المنطقة تعتبر "عسكرية مغلقة" لمدة 24 ساعة، ويمنع الوجود فيها بأي شكل من الأشكال لأحد من خارج القرية، وذلك بعد أن حضرت وفود أجنبية ومحلّية إلى المنطقة وشاركت في التضامن مع السكّان الذين يتعرضون للتهجير القسري.
وكانت قوّات الاحتلال قد اقتحمت خلّة الضبع في الخامس من الشهر الماضي، ونفّذت فيها عملية هدم طاولت أكثر من 25 منشأة ما بين منازل سكنية، وغرف زراعية، وحظائر، وخلايا شمسية، وآبار مياه، ما جعل نحو 120 شخصاً من سكان القرية في العراء، لكنّهم رفضوا حينها ترك أرضهم وشرعوا بحفر كهوف جديدة سكنوا فيها على أرضهم، ونصبوا خياماً؛ كي لا يستولي عليها المستوطنون.
وبحسب ما قال الناشط ضد الاستيطان في مسافر يطا، أسامة مخامرة، في حديث مع "العربي الجديد"، فإن قوات الاحتلال اقتحمت القرية وأبلغت السكّان بمنع وجود أحدٍ من المتضامنين معهم داخل الأراضي، لا سيّما بعد تنفيذ جولات لوفود أجنبية ومحلّية وإطلاعهم على أوضاع خلة الضبع والتهجير الذي يجري بحقّ سكّانها، وكذلك بعد أن أقيمت خيمة تضامنية يتوافد إليها سكّان المسافر من مختلف المناطق في سياق التضامن الشعبي لمنع تهجير السكان حتى لو استمرّوا في البقاء والعيش داخل كهوف تفتقر لأدنى مقوّمات الحياة.
ويلفت مخامرة إلى أن قوات الاحتلال طردت، أمس السبت، متضامنين أجانب حضروا إلى خلة الضبع لتوثيق انتهاكات الاحتلال والتضامن مع السكان الذين يتعرضون للتهجير، كما حاول المستوطنون استفزاز المتضامنين الأجانب والمحليين عبر مركبات الدفع الرباعي التي يقودونها بطريقة متهورة للترهيب والتخويف.
وأكد مخامرة أنّ الشرطة الإسرائيلية تعمل على إخراج مستوطنين كانوا قد اقتحموا الخلّة في السادس والعشرين من الشهر الماضي، واعتدوا على كهف المواطن عبد الله دبابسة (62 عاماً) وأقاموا خيمة استيطانية فوق الكهف، وحين حاول حينها الدبابسة تقديم شكوى لدى الشرطة الإسرائيلية ضد المستوطنين اعتُقِل لساعات وأُفرِجَ عنه بغرامة مالية، ومنذ ذلك الحين ما زال المستوطنون يقيمون على سقف كهفه ويمارسون اعتداءات يومية بحقّ أهله وجيرانه، ويطلقون مئات رؤوس الأغنام والمواشي لتخريب محاصيل السكان التي تعتبر مصدر رزقهم.
وقدم مجلس قروي التوانة (باعتبار خلّة الضبع تابع إليه) اعتراضاً لدى المحكمة الإسرائيلية يقضي بعدم قانونية وجود أي بؤر استيطانية داخل الخلّة، وذلك بعد عملية هدم الخلة قبل نحو شهر، وفق رئيس مجلس قروي التوانة، محمد ربعي، الذي يؤكد في حديث مع "العربي الجديد" أن اعتبار المنطقة عسكريةً مغلقةً يُمنع الوجود فيها إلا لسكّانها "يثبّت وجودهم فيها، لكنه ينذر بمخاطر محتملة من اعتداءات للمستوطنين مرتقبة".
ويلفت ربعي إلى أن قوات الاحتلال اعتقلت أمس متضامنَين اثنين أجنبيَّين، وأبعدتهما عن منطقة مسافر يطا بالكامل خلال تضامنهما مع سكّان خلّة الضبع التي حاول 5 مستوطنين ومعهم مجموعات أخرى إقامة بؤرة استيطانية فيها بعد هدم منزل المواطن عبد الله دبابسة، وطرده لاحقاً من الكهف الذي يسكنه وعائلته، وسرقة كل ما في الكهف من محتويات ومقتنيات، وحتى الملابس الشخصية. ويشير ربعي إلى أن سلطات الاحتلال طلبت أسماء جميع السكان الذين يعيشون داخل الخلّة؛ لحصر عددهم، واقتصار الحركة من الخلة وإليها على السكان فحسب، وذلك ضمن إجراءات التضييق عليهم ومنع استقبالهم للوفود الأجنبية.
ويأتي القرار، وفق ربعي، رداً على توافد متضامنين ودبلوماسيين أجانب إلى الخلّة وتوثيق محاولات الاحتلال تهجيرهم عبر الهجمات الاستيطانية وهدم المنازل التي تأويهم، لكنه استطرد قائلاً: "المؤشرات الإيجابية الأولية، هي طرد المستوطنين من الخلّة ومنع إقامة بؤرة استيطانية، وموقف الأهالي بالثبات فيها وعدم مغادرتها".
ويسكن في خلّة الضبع نحو 120 فلسطينياً، بينهم أطفال وكبار سن ونساء، وجميعهم مهددون بالتهجير القسري بعد إجبارهم على الرحيل من الخلّة، لكنهم رفضوا ذلك، رغم أن قوّة كبيرة إسرائيلية من جرّافات عسكرية وحفّارات وأدوات هدم دمّرت كل ما في القرية دون سابق إنذار مطلع الشهر الماضي؛ بهدف طردهم تحت قوّة السلاح، وفق ربعي. ويؤكد ربعي أن "نجاح الاحتلال في تهجير سكّان الخلّة يعني أن إخلاء مسافر يطا وتجمّعاتها البدوية سيكون مسألة وقت كون الخلة حلقة الوصل بين جميع مناطق المسافر".
واعتبرت منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، في بيان صحافي، قرار الاحتلال "تصعيداً خطيراً يستهدف أهالي القرية، وأن طلب قائمة بأسماء المواطنين الذين يعيشون في القرية يعتبر محاولة للسيطرة الكاملة على سكان القرية، وأن القرار يبدو أنه يمهد الطريق للمستوطنين للسيطرة على المنطقة في سياق مخططات تهدف إلى تهجير أهالي القرية من منازلهم بهدف توسيع المستوطنات والاستيطان في المنطقة، خصوصاً بعد أن قامت سلطات الاحتلال بهدم القرية كلياً في فترات سابقة". ودعت المنظمة، في بيان، المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية إلى "اتخاذ خطوات عاجلة للضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء هذا الحصار ووقف الاعتداءات على أهالي القرية"، مؤكدة "حقَّ السكان في العيش بأمان والحفاظ على ممتلكاتهم وأراضيهم دون تهجير أو تمييز".
وتعتبر خلّة الضبع تجمعاً من بين 12 منطقة سكنية تتبع لمسافر يطا المحاطة بعدد من المستوطنات والبؤر، أبرزها "كرمئيل، وماعون، وأفني حيفتس"، وقد رفضت المحكمة الإسرائيلية في 4 مايو/ أيار 2022 استئنافها ضد القرار القاضي بإغلاق التجمعات الـ12 وإعلانها "مناطق إطلاق نار"، ما يعني قراراً عملياً بتهجير سكّان المسافر.

أخبار ذات صلة.
