
Arab
تشهد الساحة السياسية في العراق جدلاً متصاعداً، مع انطلاق الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية المقبلة، بعد أن كُشف النقاب عن أسماء المرشحين في بغداد والمحافظات، إذ حملت القوائم الانتخابية في طياتها عودة معظم الوجوه القديمة التي سبق أن تصدرت المشهد السياسي خلال الدورات الماضية، ما أثار موجة واسعة من الاستياء الشعبي، وسط تزايد دعوات مقاطعة صناديق الاقتراع، باعتبار أن إعادة إنتاج نفس الطبقة السياسية قد يعمّق حالة فقدان الثقة بين الشارع والقوى المتنافسة، ويضع مستقبل المشاركة الشعبية على المحك.
ويقول السياسي العراقي المستقل طلال الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إن "إعادة ترشيح معظم الوجوه التي تصدرت المشهد السياسي في الدورات البرلمانية السابقة، التي تشكل ما يقارب 90% من مجمل القوائم المعلنة في بغداد والمحافظات، يُعدّ مؤشراً سلبياً يفاقم أزمة الثقة بين المواطنين والعملية السياسية برمتها". ويبيّن أن "المشهد الحالي لا يبشّر بتجديد الدماء، ولا بإحداث تغيير حقيقي في بنية البرلمان المقبل، بل يكرس ثقافة تدوير نفس الأسماء والشخصيات التي لم تقدم حلولاً ملموسة للأزمات الاقتصادية والخدمية والأمنية التي يواجهها العراقيون منذ سنوات".
ويضيف الجبوري أن "موجة الدعوات الشعبية لمقاطعة الانتخابات تعكس حالة الإحباط المتنامي لدى الشارع، خاصة أن الطبقة السياسية مطالبة اليوم بإدراك خطورة الموقف، والعمل على فتح المجال أمام الكفاءات الجديدة والشباب، وتبني برامج إصلاحية جادة قادرة على استعادة ثقة الناخبين". ويؤكد أن "استمرار النهج الحالي في إعادة إنتاج نفس الوجوه قد يهدد مستقبل المشاركة الشعبية، ويضع شرعية العملية الديمقراطية على المحك، كما أنه قد يؤدي بالضرورة إلى زيادة نسبة المقاطعة الشعبية، ويضعف فرص المشاركة الواسعة في العملية الانتخابية المقبلة".
من جهته، يقول الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، لـ"العربي الجديد"، إنه "في ضوء ما أُعلن أخيراً عن أسماء المرشحين للانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة، وما تبين من إعادة ترشيح الغالبية الساحقة من الوجوه السابقة التي فشلت في إدارة البلاد، وأدخلت مؤسسات الدولة في دوامة الأزمات المتكررة، فهذا النهج لا يمثل سوى استهتار واضح بإرادة الشعب العراقي، وإصرار على إعادة تدوير نفس الأسماء التي ارتبطت في ذهن المواطن بالفساد وسوء الإدارة وتضييع الفرص".
ويبيّن الحكيم أن "أكثر المرشحين الذين ظهروا في القوائم هم ذاتهم من فشلوا سابقاً، وهذا يضع العملية الانتخابية أمام مأزق حقيقي، إذ إن الشارع العراقي بات أكثر وعياً وإدراكاً بأن الوجوه القديمة لا تحمل أي مشروع إصلاحي حقيقي، بل تسعى فقط إلى تثبيت نفوذها وإدامة مصالحها". ويضيف أن "إعادة إنتاج هذه الطبقة السياسية يبعث برسالة سلبية إلى المواطن، مفادها بأن الانتخابات ليست أداة للتغيير، بل مجرد مسرحية مكررة، وهو ما سيدفع شريحة واسعة من العراقيين إلى مقاطعة الانتخابات بشكل أكبر من أي وقت مضى، ويعزز فقدان الثقة بالعملية السياسية والانتخابية".
ويشدّد على أنه "على القوى السياسية الحذر من الاستهانة بالمزاج الشعبي الغاضب، فالإصرار على إعادة نفس الوجوه المرفوضة شعبياً يعني المضي بخطى ثابتة نحو اتساع الفجوة بين المواطن والدولة، وتزايد حالة الاحتقان التي قد تنفجر في أي لحظة، خاصة أن العراق اليوم بحاجة إلى تجديد حقيقي في الوجوه والبرامج، لا إلى إعادة تدوير نفس الأسماء التي أوصلت البلاد إلى هذا الانسداد السياسي والاقتصادي".
وشهد العراق بعد الغزو الأميركي، في عام 2003، خمس عمليات انتخابية، أولاها في 2005 (قبلها أجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقلّ من عام)، فيما كانت الأخيرة في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، واعتُمد قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة في النسخ الأربع الأولى. والانتخابات الأخيرة في عام 2021 أُجريت وفق الدوائر المتعدّدة، بعد ضغط قوي من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل الذي كان يعارضه "الإطار التنسيقي". وفي مارس/ آذار 2023، صوّت البرلمان على التعديل الثالث لقانون الانتخابات البرلمانية العراقية الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.

Related News

الذهب الجامح وأفراد "القطيع" والتصحيح السعري
alaraby ALjadeed
4 minutes ago

إطلاق برنامج «إعداد 100 قائد إماراتي» في قطاع الصحة
al-ain
4 minutes ago

"تشات جي بي تي" لتطوير البرمجيات الخبيثة
alaraby ALjadeed
10 minutes ago