البنك الدولي يحذر.. أفريقيا تواجه عاصفة شبابية
Arab
15 hours ago
share
سيزداد حجم القوى العاملة في أفريقيا ليكاد يتضاعف بحلول عام 2050، وتحتاج القارة بشكل عاجل إلى خلق فرص عمل واسعة النطاق لتلبية مطالب الشباب الذين أدت إحباطاتهم بالفعل إلى اندلاع احتجاجات من قبل الجيل زد. هذه خلاصة رئيسية من التقييم نصف السنوي للبنك الدولي لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء، الذي وجد أيضًا أن المنطقة تُظهر مرونة أكبر مما كان متوقعًا، إذ توقع ارتفاع النمو الاقتصادي إلى 3.8% هذا العام من 3.5% في عام 2024، وفق وكالة بلومبيرغ. ومع ذلك، سينضم أكثر من 600 مليون شخص إلى السكان في سن العمل خلال الـ25 عامًا القادمة — ما يجعلها أكبر وأسرع تحوّل ديموغرافي في التاريخ الحديث — وهو ما يعني أن على أفريقيا أن تجد نموذج نمو جديدًا لتوفير وظائف نوعية على نطاق واسع. وفي السياق، قال أندرو دابالين، كبير الاقتصاديين لمنطقة أفريقيا في البنك الدولي، لـ"بلومبيرغ"، إن "عواقب عدم حل هذه المشكلات يصعب تصورها. بالتأكيد ستكون مدمّرة جدًا، وبدأنا نرى مؤشرات إلى ذلك". وأضاف خلال مؤتمر صحافي أن الاحتجاجات الأخيرة في مدغشقر وكينيا ونيجيريا دليل على ذلك، مشيرًا إلى أن آلاف الشباب خرجوا إلى الشوارع في مدغشقر قبل أكثر من أسبوع للتعبير عن غضبهم من نقص الوظائف والفساد الحكومي، لينضموا إلى احتجاجات الجيل زد التي اندلعت في المغرب وأماكن أخرى وسط استياء من النخب الحاكمة المتقدمة في السن. وقال دابالين: "يجب أن نشعر بقلق شديد حيال ذلك، فليس من الواضح أن الوضع القائم سيستمر"، وأوضح أن خلق وظائف ذات جودة عالية يتطلب "تحولًا هيكليًا" نحو شركات أكبر يمكنها تعزيز الإنتاجية، وخفض تكاليف ممارسة الأعمال التجارية في أفريقيا، والاستثمار في القوى العاملة حتى تتمكن من الاستفادة من التقنيات الجديدة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. وقدّر البنك أن 24% فقط من الوظائف في المنطقة هي وظائف مدفوعة الأجر، ما يعني أن معظم العمال الجدد سيضطرون إلى العمل في وظائف غير رسمية ومنخفضة الأجر، ما يحد من فرص الحراك الاجتماعي، ويغذي غضب الشباب الذين يشعرون بأنهم محاصرون في الفقر. كما أشار البنك إلى أن تشجيع الاستثمار الخاص أمر مهم، مضيفًا أن كل وظيفة تُخلق في قطاع السياحة تُولّد 1.5 وظيفة إضافية في القطاعات ذات الصلة. فرص ضائعة وسوق هشّة تواجه أفريقيا قيودًا خطيرة، إذ إن 23 دولة في القارة إما في حالة ضائقة ديون أو في خطر مرتفع منها هذا العام، في أعقاب جائحة كوفيد-19. وهذا يمثل ما يقرب من نصف دول القارة — ارتفاعًا من ثماني دول فقط في عام 2014. ومع ذلك، أظهرت أفريقيا قدرتها على الصمود وتجنب الأسوأ. فقد انخفضت معدلات التضخم، واستقرت العملات بل وارتفعت أمام الدولار، كما بدأت الحكومات في إدارة المالية العامة بشكل أفضل إلى حد ما مع تقلّص المساعدات الخارجية. وأشار البنك إلى أن الحركات الاحتجاجية التي يغذيها ضعف خلق الوظائف، وارتفاع تكاليف المعيشة، وفجوات الخدمات، والإجراءات الضريبية المثيرة للجدل يمكن أن تعرقل جهود التوحيد المالي، وتؤخر الإصلاحات، وتستنزف الإيرادات، وتزيد تعقيد إدارة الديون. ومع ذلك، قال دابالين إن المتظاهرين من الجيل زد، في معظم الحالات، لا يسعون إلى تدمير بلدانهم. هناك طلب كبير من الشباب على تحسين الحوكمة. تعيش القارة الأفريقية واحدة من أكبر التحوّلات السكانية في تاريخها الحديث، إذ يُتوقّع أن يتضاعف عدد سكانها في سنّ العمل بحلول عام 2050، في وقتٍ تواجه فيه الحكومات تحديات اقتصادية خانقة نتيجة ارتفاع الديون وتباطؤ الاستثمارات وتقلّص المساعدات الخارجية. ويأتي هذا التحذير الجديد من البنك الدولي ضمن تقريره نصف السنوي حول منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، حيث أشار إلى أن القارة تحتاج بشكلٍ عاجل إلى نموذج نموٍّ جديد قادر على استيعاب الطفرة الديموغرافية المقبلة وتوفير فرص عمل لائقة لجيلٍ شابٍّ غاضب يشعر بالتهميش. يؤكد البنك الدولي أن احتجاجات جيل زد لا تهدف إلى تدمير بلدان المحتجين بقدر ما تعكس رغبةً حقيقية في التغيير والإصلاح، وأن تجاهل مطالب الشباب سيُدخل القارة في حلقة مفرغة من الغضب والفقر والاضطرابات. ويبدو أن مستقبل أفريقيا الاقتصادي يعتمد اليوم على قدرة حكوماتها على التحوّل من إدارة الأزمات إلى إدارة التنمية، من خلال الاستثمار في التعليم، وتسهيل بيئة الأعمال، واحتضان التقنيات الحديثة بوصفها وسيلة للنهوض من ضائقة البطالة إلى عصرٍ جديد من الإنتاجية والنمو.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows