
مشروع مسام
خمج أبكر.. قصة مهندس يعمل بنصف جسد
على موعد مع العذاب والقهر، وجد يمنيون أبرياء أنفسهم عزلاً في وجه أعداد مهولة وعشوائية من الألغام في اليمن، تتفنن على مدار الساعة بالفتك بكل من يقع في مصائدها الدموية، فيهلك منهم من يهلك، ومن يبقى على قيد الحياة، يجد نفسه مرغماً على طي صفحة حياته ما قبل إعاقته بسبب الألغام للأبد، وهذا ما حدث فعلاً مع المهندس اليمني خمج أبكر.
في الثاني من أبريل 2020، عاد المهندس الميكانيكي خمج أبكر إلى مزرعته ومنزله بقرية “الخضراء” بمديرية حيران شمال محافظة حجة بعد تحريرها، حاملاً معه آمالاً كبيرة، بعد سنوات من النزوح قسراً بعيداً عن داره التي تعز عليه.
ولم يتوقع أبكر أن آلة الموت الخفية من ألغام ميليشيا الحوثي تترصده تحت سقف بيته، الذي ظن أنه بات آمناً ومستعداً لاستقباله كما كان في السابق بعد مغادرة الميليشيا له، لكن ما إن خطى خطواته الأولى في بيته حتى نال منه أحد هذه الألغام التي دست هناك وطرحه أرضاً وشلّ نصف جسده بلا ذنب، في حادثة دموية هي الأكثر قتامة ووجعاً بالنسبة له، وما إن أفاق من وجعه المبرح حتى أدرك أبكر أن كل شيء تغير في حياته للأبد.
فصول المأساة
وصل المهندس أبكر إلى قريته المحررة بفرحة غامرة بعد فترة قاسية من النزوح والمعاناة مع أفراد عائلته لأكثر من 4 أعوام في العراء داخل أسوار وطنه المحروث بالألغام.
وفعلاً وفت الألغام ميليشيا الحوثي بوعدها الدموي الذي قطعته على نفسها، وكسرت فرحة أبكر في اللّحظات الأولى التي لامست فيها قدماه أرض منزله، وتحوّل لقاءه المرتقب إلى نكسة نتيجة مصابه الدامي والمفزع وفقد أطرافه بسبب لغم غادر.
وفي هذا السياق، قال أبكر في تصريح خاص لمكتب مسام الإعلامي: “أصبت في المزرعة داخل البيت، فقد كنت خارجاً من باب الغرفة، فإذا بلغم فردي ينفجر بي.. وما إن إنجلى غبار الانفجار، حتى تبينت أني مبتور الطرفين بالكامل.. لقد أهلكتنا الألغام ودمرت حياتنا”.
وهنا سكت أبكر لوهلة كأنه يبتلع مرارة المشهد الذي عاد لذهنه، ثم قال: “كنتُ أعمل سابقاً ميكانيكي تصليح سيارات، وبعد أن بت مبتور الطرفين تأثرعملي وظروف أسرتي نفسياً ومعيشياً، لكن لا أزال أُمارس مهنتي كمهندس رغم الصعوبات والتحديات التي تواجهني بسبب إعاقتي”.
ورغم مصابه الجلل، بقي المهندس أبكر قوياً صامداً، يكافحُ للعمل في مهنته القديمة في إصلاح السيارات ولم ينهزم أمام نكبة فقده كلتا رجليه بسبب الألغام، ليكتب بصموده سطراً ناصعاً في معركة تمسك اليمنيين بالحياة رغم ما اقترفته الألغام بحقهم من جرائم بشعة، وهنا قال أبكر خاتماً حديثه: “سنبقى صامدين من أجل أبنائنا ووطنا وسنصمد أكثر مادام هناك مشروعاً إنسانياً رائعا اسمه مسام يكافح الألغام ويعمل على تأمين حياتنا من زحفها”.
The post خمج أبكر.. قصة مهندس يعمل بنصف جسد appeared first on مشروع مسام.
Related News

