
Arab
بعد أكثر من ثلاث سنوات على حظر الإجهاض في 14 ولاية أميركية، وتفكيك سابقة تتجاوز 50 عاماً، برز تعهّد مدّعين عامين يمثلون مقاطعة كولومبيا و19 ولاية، بضمان توفير دواء إجهاض أمرت إدارة ترامب بمراجعة سلامته.
لا تزال قضية الحق في الإجهاض تثير جدلاً واسعاً في الولايات المتحدة الأميركية، بعد أكثر من ثلاث سنوات على إلغاء المحكمة العليا الأميركية الحق الدستوري بالإجهاض في يونيو/ حزيران 2022. ووفقاً لتقرير نشرته الأمم المتحدة في يونيو 2023، فإن حظر الإجهاض ترافق مع تآكل مطّرد وسريع للحق في الخصوصية، حيث تعتمد الشرطة الأميركية والمحققون الجنائيون الآخرون بشكل متزايد على البيانات لتعقب الساعيات إلى عمليات الإجهاض أو من يساعدونهنّ. ويمكن الوصول إلى الكثير من هذه البيانات من دون أمر قضائي، بحسب خبراء أمميين حثّوا الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات على اتخاذ إجراءات لسنّ تدابير إيجابية تضمن الوصول إلى إجهاض آمن وقانوني.
ومؤخراً في 30 سبتمبر/ أيلول 2025، تعهّد تحالف من المدّعين العامين في ولايات أميركية، بحماية الوصول إلى دواء "ميفيبريستون" المستخدم في غالبية حالات الإجهاض في الولايات المتحدة. وتأتي هذه الخطوة في وقت أفادت تقارير صحافية بأن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرت بإجراء مراجعة لسلامة الدواء، في ما وصفته العديد من منظمات حقوق الإجهاض بأنه محاولة صارخة لحرمان كثيرات من الحصول على الرعاية الصحية التي يحتجن إليها.
ويُستخدم دواء "ميفيبريستون" منذ 25 عاماً في الولايات المتحدة الأميركية، وهو الطريقة الأكثر شيوعاً للرعاية في حالات الإجهاض التلقائي المبكر، وكذلك لإنهاء الحمل في بدايته.
وجاء في بيان صادر عن التحالف أن "قرار إعادة النظر في الوصول إلى هذا الدواء اتُّخذ رداً على رسالة لا تستند إلى أي أساس علمي، كما أنه تجاهل عقوداً من الأبحاث التي تثبت أن دواء ميفيبريستون آمن وفعال". وأفاد التحالف الذي يضم 20 من المدّعين العامين، بينهم المدّعية العامة لنيويورك، ليتيشا جيمس، بأن "الأجدر أن تُترك القرارات الطبية للمرضى وعائلاتهم ومقدّمي الرعاية الصحية، وأن تُسترشد بالعلم، وليس بالأجندات السياسية". وأضاف البيان أنه "إذا مُنع الوصول إلى دواء ميفيبريستون، سنتّخذ إجراءات لحمايته".
ومثّل الموقّعون ولايات أريزونا، وكاليفورنيا، وكولورادو، وكونيتيكت، وديلاوير، وهاواي، وإلينوي، وماين، وميريلاند، وماساتشوستس، وميشيغن، ومينيسوتا، ونيوجيرزي، ونيو مكسيكو، وأوريغون، ورود آيلاند، وفيرمونت، وواشنطن، ومقاطعة كولومبيا.
وأفادت تقارير صحافية بأن وزير الصحة، روبرت إف. كينيدي جونيور، ومفوّض المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي)، مارتي ماكاري، سلّما رسالة إلى 22 مدّعياً عاماً جمهوريين، يفيدان فيها بأن المراكز تُجري مراجعة للدواء على أساس دراسة لم تخضع لمراجعة الأقران، ولم تُنشر على موقع إلكتروني، ولا في مجلة علمية. وأجرى الدراسة مركز الأخلاقيات والسياسات العامة (EPPC) المحافظ الذي يقول إن أولوياته تشمل "مواجهة الأجندة التقدمية المتطرفة، مع بناء توافق في آراء المحافظين".
وتحت عنوان "حظر الإجهاض في الولايات المتحدة يُعرّض ملايين النساء والفتيات للخطر"، نشرت الأمم المتحدة في 3 يونيو 2023، تحذير خبراء أمميين في مجال حقوق الإنسان من أن ملايين النساء والفتيات في شتى أنحاء الولايات المتحدة عانَين من تدهور مقلق في الوصول إلى الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية، في أعقاب قرار المحكمة العليا الأميركية بإلغاء الحق الدستوري بالإجهاض في يونيو 2022. ولفتت إلى أنه منذ بداية عام 2023، جرى حظر الإجهاض في 14 ولاية أميركية، وترددت أصداء عواقب القرار على صعيد المنظومة القانونية والسياسية بأكملها، وفقاً لما جاء في بيان صادر عن خبراء مستقلين.
وقال الخبراء حينها إن "الموقف الرجعي الذي اتخذته المحكمة العليا من خلال تفكيك سابقة عمرها 50 عاماً من حماية الحق في الإجهاض في البلاد، يُعرّض ملايين النساء والفتيات لخطر جسيم". وتحدثوا عن انتهاكات بحق القانون الدولي لحقوق الإنسان، نجمت عن القرار التاريخي الذي ألغى القرار المعروف باسم "رو ضد ويد" الصادر عام 1973، وأعاد قانون الإجهاض إلى المجالس التشريعية للولايات.
وبحسب الأمم المتحدة، تسبّب الحظر في تعذر الوصول إلى خدمات الإجهاض إلى حد كبير، وحرمان النساء والفتيات من حقوقهنّ الإنسانية الأساسية في الرعاية الصحية الشاملة، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية. وحذّر الخبراء حينها من أن هذا الأمر قد يؤدي إلى انتهاك حقوق المرأة في الخصوصية، والسلامة الجسدية والاستقلالية، وحرية التعبير، وحرية الفكر، والوعي، والدين أو المعتقد، والمساواة وعدم التمييز، وعدم التعرّض للتعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. ونبّهوا إلى التأثير غير المتناسب لهذا الحظر على النساء والفتيات اللواتي يعانين من الحرمان، وخصوصاً النساء والفتيات من المجتمعات المهمشة، والأقليات العرقية والإثنية، والمهاجرين، والنساء والفتيات من ذوات الإعاقة، أو اللواتي يعشن على دخل منخفض، أو في علاقات مسيئة أو في المناطق الريفية.
وأشار الخبراء المستقلون إلى أن الاستثناءات الموجودة في بعض الحالات، من أجل إنقاذ حياة الأم، أو الحمل الناجم عن الاغتصاب أو سفّاح المحارم، وعلى الرغم من كونها ضيقة، فقد ثبت أنها غير قابلة للتطبيق من الناحية العملية. وأعربوا عن قلق خاص من التقارير المتزايدة بشأن التهديدات التي تطاول حياة مقدّمي خدمات الإجهاض في شتى أنحاء البلاد. وقالوا إن المثير للقلق بشكل خاص أن بعض العيادات تمتنع عن تقديم الخدمات المتعلقة بالإجهاض، حتى في الولايات التي لا يزال فيها الإجهاض قانونياً.
وفي 23 يونيو 2025، نشرت صحيفة "ذا غارديان" أن حالات الإجهاض في الولايات المتحدة ارتفعت بعد ثلاث سنوات من إلغاء القرار المعروف باسم "رو ضد ويد"، بما في ذلك في بعض الولايات التي تحظر هذا الإجراء. وكشفت أن مقدّمي خدمات الإجهاض في الولايات المتحدة أجروا 1.14 مليون عملية إجهاض عام 2024، وفقاً لتقرير WeCount# التابع لجمعية تنظيم الأسرة الذي يتتبّع توفير الإجهاض منذ عام 2022، وهو أعلى رقم مسجل في السنوات الأخيرة.
وقالت أوشما أوبادياي، الرئيسة المشاركة للجنة التوجيهية لـWeCount# والأستاذة بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، إن "حظر الإجهاض لم يمنع الحاجة إلى خدمات الإجهاض، بل زاد من صعوبة الحصول عليها".
وأضاف تقرير الصحيفة ذاتها أن معظم حالات الإجهاض الموثقة في تقرير WeCount# أُجريت حضورياً، إلا أن عدداً متزايداً منها يُجرى عن بُعد، بما في ذلك لمقيماتٍ في إحدى الولايات التي تحظر كل عمليات الإجهاض تقريباً. وفي حالات الإجهاض عن بُعد، عادة ما تتواصل النساء مع مقدّمي الرعاية الصحية افتراضياً قبل استلام حبوب الإجهاض عبر البريد. وبحلول ديسمبر/ كانون الأول 2023، بلغت نسبة حالات الإجهاض عن بُعد 19%، لكن بحلول ديسمبر 2024، ارتفعت هذه النسبة إلى 25%.

Related News

راشد الماجد يطرح أغنية «من عرفتك» بطابع رومانسي جديد
al-ain
12 minutes ago

ديوكوفيتش يتأهل رغم الانهيار بسبب الحرارة
al-ain
15 minutes ago