
Arab
لا تزال القروض الزراعية متوقفة حتى اليوم في أكثر من 106 فروع للمصرف الزراعي السوري المنتشرة في جميع المحافظات، وهو ما يترك القطاع الزراعي في حالة حرجة بلا أي تدخل جاد أو علاج.
ورغم أن الزراعة تشكل ركيزة الأمن الغذائي في سورية ومصدراً رئيسياً لمعيشة مئات آلاف الأسر، إلا أن هذا القطاع الحيوي يعيش اليوم واحدة من أصعب مراحله، وسط تراجع الدعم الحكومي وتوقف القروض الزراعية منذ سنوات، وفي الوقت الذي سارعت فيه الحكومة إلى إعادة تفعيل القروض الصناعية والتجارية، بقي المزارعون يواجهون أعباء الإنتاج وحدهم في ظل غلاء البذار والسماد والمحروقات.
ويعكس استمرار تعطيل التمويل الزراعي هشاشة النظرة الرسمية إلى قطاع يعد مصدر دخل أساسيا لآلاف المزارعين الذين وجدوا في الأرض والزراعة ملاذاً لمواجهة ضغوط المعيشة. وفي المقابل، أعاد المصرف الصناعي منذ فترة قصيرة تفعيل القروض الممنوحة للصناعيين، وهي خطوة لاقت استحساناً واسعاً في الأوساط الصناعية، لكنها طرحت علامات استفهام حول أسباب تجاهل المزارعين الذين يفتقرون لبرامج تمويل مشابهة.
وقال المزارع نهاد الشامي من ريف إدلب أن توقف القروض الزراعية وعدم تفعيلها يضع الفلاحين أمام خيارات صعبة، لا سيما وأنهم يواجهون أعباء متزايدة في شراء البذور والسماد والمازوت من جيوبهم الخاصة، وسط ارتفاع كبير للأسعار. وأضاف لـ "العربي الجديد"، أن الكثير من المزارعين باتوا عاجزين عن تمويل مواسمهم، ما يهدد بترك مساحات واسعة من الأراضي بورا ودون زراعة.
ويرى الشامي أن إعادة تفعيل قروض المصرف الزراعي تمثل خطوة ضرورية لإبقاء الفلاحين في أراضيهم، إذ إن استمرار غياب الدعم سيجبر الكثيرين على التخلي عن أراضيهم، وهو ما يعني تراجع الإنتاج المحلي وارتفاع الاعتماد على الاستيراد في وقت يعاني فيه السوريون أصلاً من ضغوط معيشية خانقة.
أما المزارع محمد المرسال من ريف حماة، فيشير إلى أن الموسم الشتوي يقترب بسرعة، بينما لا تزال القرارات الحكومية غائبة عن تلبية احتياجات الفلاحين.
ويؤكد لـ" العربي الجديد"، أن الزراعة لا تنتظر، فالتأخر في توفير التمويل اللازم للبذور والسماد والمحروقات يعني ببساطة خسارة موسم كامل، ما سينعكس مباشرة على لقمة عيش الناس. ويحذر المرسال من أن تجاهل دعم الفلاحين سيقود إلى تراجع حاد في إنتاج القمح والزيتون، الأمر الذي يهدد بتفاقم أزمة الخبز والزيت في الأسواق المحلية. وأن أي تقصير في دعم الزراعة اليوم سيجعل السوريين جميعاً يدفعون الثمن غداً، معتبراً أن "الزراعة هي خط الدفاع الأول عن الأمن الغذائي، وإذا انهارت فلن يبقى ما يسد رمق الناس".
من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي سالم درويش، أن أزمة القروض الزراعية ليست مجرد مشكلة مصرفية، بل قضية تمس الأمن الغذائي والاقتصاد الوطني برمته. ويقول لـ"العربي الجديد" إنه "عندما نتحدث عن تمويل الزراعة فنحن نتحدث عن استقرار أسعار الخبز والزيت والخضار، أي عن صلب حياة المواطنين اليومية، وليس عن مشاريع ثانوية يمكن تأجيلها".
ويعتبر درويش أن الحل يكمن في إعادة تفعيل القروض الزراعية بصيغة ميسرة ومرنة، مع مراقبة دقيقة لآليات الصرف والمتابعة: "لا نحتاج إلى اختراع جديد، بل إلى العودة لآليات التمويل التي كان يعمل بها المصرف الزراعي سابقاً، مع تطويرها بما ينسجم مع الظروف الحالية".

Related News

الضرب في طبل التاريخ
alaraby ALjadeed
38 minutes ago