
Arab
أصدرت الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب في سورية، أمس الأحد، تعميماً دعت فيه جميع الفلسطينيين المقيمين في سورية وغير المسجلين في قيودها إلى المبادرة بالتسجيل في سجلات وقيود الهيئة، وهو ما يحلّ مشكلات مستعصية عانى منها عشرات آلاف الفلسطينيين المقيمين في سورية منذ عقود.
وجاء في التعميم، الذي حمل رقم 1135/ص بتاريخ 28 سبتمبر 2025، أن الهدف منه هو تمكينهم وعائلاتهم من الحصول على الوثائق الفلسطينية السورية الرسمية، وأوضحت الهيئة التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في سورية أن تقديم طلبات التسجيل يجب أن يجري أصولاً إلى الهيئة العامة للاجئين أو دوائرها في المحافظات، مع إرفاق كل المستندات والوثائق المطلوبة لقبول الطلب، كما أشارت إلى أن الطلبات يمكن تقديمها عبر مديرية الشؤون القانونية في الهيئة أو من خلال المراكز التابعة لها في المحافظات، باستخدام النموذج الرسمي المرفق. ويمثل هذا القرار فرصة مهمة للفلسطينيين غير المسجلين للحصول على الدعم القانوني والوثائق الرسمية اللازمة لضمان حقوقهم في سورية.
خطوة ضرورية
وأوضح المحامي الفلسطيني أيمن أبو هاشم لـ"العربي الجديد" أن هذا القرار يشمل الفلسطينيين الذين لا يحملون وثائق سفر فلسطينية سورية، سواء جاؤوا بعد حرب يونيو/حزيران 1967 أو أحداث الأردن في سبتمبر/أيلول 1970 ولا يملكون أوراقاً رسمية، وأكد أنّ "التعميم عالج إحدى المشكلات القانونية المستعصية التي كانت تحول دون حصول آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين لجأوا إلى سورية في مراحل زمنية متعاقبة، بعد نكبة العام 1948، على الوثائق الفلسطينية السورية والحقوق المدنية، الواردة في القانون 260 الصادر عام 1956 (الذي يساوي بين المواطن السوري واللاجئ الفلسطيني فيما عدا الحقوق السياسية)، والتي كان المستفيدون منها وفق التفسير والتعامل المخالف للقانون نفسه في عهد النظام السابق، هم فقط الذين لجأوا إلى سورية ما بين عام 1948 وعام 1956. ونجم عن ذلك حرمان آلاف العائلات من تلك الحقوق، وبصورة محدّدة ممن لجأوا إلى سورية إثر حرب حزيران، ومن جاؤوا بعدهم عشية أحداث الأردن الدامية، ومن تلاهم من أعداد أخرى في السنوات والعقود اللاحقة".
وأضاف أبو هاشم أنه بموجب التعميم الأخير الصادر عن الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب، بات بإمكان هذه الفئات التي عانت الكثير من المصاعب والقيود بسبب هذا الاستثناء الجائر، أن تُسجل في قيود الهيئة أصولاً، وأن يشملها القانون 260، وهي "خطوة ضرورية طال انتظارها، وتستحق الثناء، وتصدي إدارة الهيئة لها يُعتبر من صلب واجباتها ومسؤولياتها"، ولفت أبو هاشم إلى ضرورة سد بعض الثغرات الواردة في التعميم بما يحقق الغاية منه، مثل اشتراط أن يكون لدى المتقدم للتسجيل بطاقة إقامة صادرة عن وزارة الداخلية السورية سارية المفعول، موضحاً أن هذا الشرط يحرم غالبية المتقدمين من التسجيل، لأن قلة قليلة منهم لديهم هذه البطاقة، معتبراً أنه يكفي أن يكون لديهم سند إقامة مرفقاً مع المستندات الأخرى.
كما لفت إلى أن هناك فئات ممن ينطبق عليها التعميم كانت من المهجّرين في مناطق الشمال السوري، وكانوا يحصلون على وثائق الأحوال المدنية من المجالس المحلية التي كانت قائمة في تلك المناطق، والتي تقوم بتثبيت حالات الزواج لدى المحاكم هناك، ولذلك يجب الاعتراف بتلك الوثائق الصادرة عن تلك الجهات واعتمادها أصولاً لتشميل أصحابها بالقرار الجديد.
وأضاف أبو هاشم: "هناك فئات اضطرّت بسبب الحرب للجوء إلى لبنان وتركيا، وبعضهم لا يستطيع العودة إلى سورية بسبب القيود على الفيزا والعودة لمن ليس لديه وثائق فلسطينية سورية، ولذلك يتوجب أخذ ظروف هذه الفئة بعين الاعتبار، وتيسير عملية تسجيلها في قيود الهيئة من خلال رابط إلكتروني لا يلزمها بالحضور فيزيائياً، كي تستفيد من هذه الفرصة بصورة عملية"، وحثّ أبو هاشم إدارة الهيئة، التي قامت وفق تعميمها بتكليف المكتب القانوني بمتابعة عملية تسجيل المستفيدين من التعميم، على إنهاء عمل المكلف بمهمة مدير المكتب القانوني في الهيئة، الذي قال إنّه عمل لسنوات طويلة في زمن النظام البائد ذراعاً لرئيس الهيئة الأسبق علي مصطفى الذي كان يعمل على نحوٍ وثيق مع أجهزة النظام الأمنية، وفق تعبيره.
وقال أبو هاشم إنّ لديه وثائق مسربة "سيجري إبرازها للجهات المعنية، عن الدور الأمني السابق لمن أداروا الهيئة لخدمة أجهزة مخابرات النظام السابق، لا بوصفها مؤسسةً في خدمة شعبهم، عدا عن أدوارهم في عرقلة تلك الفئات المحرومة، من تسجيلها في قيود الهيئة العامة"، وطالب إدارة الهيئة الجديدة بوضع موظف مؤهل ومؤتمن على حقوق من هم أحوج إلى المساعدة.
ارتياح في أوساط الفلسطينيين في سورية
وقد أثار القرار ارتياحاً واسعاً لدى المشمولين به في سورية، وخارجها، وقال أبو هاني عبد الرحمن، وهو من الفلسطينيين الذي وفدوا إلى سورية عام 1970 بعد أحداث الأردن، إن القرار بقدر ما هو مفرح، يثير في نفسه حزناً عميقاً، وأوضح عبد الرحمن لـ"العربي الجديد" أنه بسبب عدم تسوية وضعه القانوني في سورية، مثل آلاف آخرين مع أولادهم وأحفادهم، فكر في دفع ابنه للذهاب إلى الأردن، حيث يجري هناك مصالحة، وقد يسجن لبعض الوقت، ثم يطلق سراحه، لكن تجري تسوية وضعه القانوني، ويكون لديه أوراق قانونية، قد تساعد بقية أفراد عائلته على تسوية أوضاعهم أيضاً.
وأضاف عبد الرحمن أنه في منتصف تسعينيّات القرن الماضي، حاول ابنه ماهر (19 عاماً)، الوصول إلى الأردن، ولم يكن أمامه سوى طريق التهريب عبر الحدود السورية الأردنية لأنه لا يحمل أيّ أوراق تمكّنه من مغادرة سورية. ولكن النتيجة كانت مفجعة، إذ قُتل ماهر على الحدود من جانب حرس الحدود الأردني "ولم نتمكّن حتى من استعادة جثمانه. دُفن هناك دون وجود أحد من عائلته".
وتقول أم ضرغام، وهي في الأصل من فلسطينيّي غزة، إن كل أولادها ابتعدوا عنها طيلة العقود الماضية بسبب محاولتهم الحصول على أوراق وقيود من أي مكان، وتضيف أم ضرغام لـ"العربي الجديد" إن زوجها قُتل في لبنان خلال ثمانينات القرن الماضي خلال خدمته مع المقاومة الفلسطينية، وبعد أن تراجع الوجود الفلسطيني في لبنان، وانتهى تقريباً الوجود الفصائلي هناك، عاد ابنها ضرغام إلى سورية، وبسبب عدم امتلاكه لأيّ أوراق استطاع عبر منظمة التحرير السفر إلى الصين للدراسة، لكنه لم يتمكّن من العودة حتى الآن (منذ أكثر من 20 عاماً). اما ابنها الآخر جهاد فقد عاد إلى الضفة الغربية ليعمل شرطياً لدى السلطة الفلسطينية، ولم تره أيضاً منذ ذلك الوقت. وتضيف أن بقية أولادها عانوا أوضاعاً صعبة، ما اضطرهم للهجرة غير الشرعية بعد اندلاع الثورة في سورية عام 2011، ولم يبق عندها أحد سوى ابنتها المتزوجة في سورية.
وقال سلامة الحسن الذي قدمت أسرته إلى سورية بعد حرب 1967 إنه يعاني طوال الوقت من مشكلات شتى تتعلق بافتقاده للأرواق الرسمية المعترف فيها في سورية، ويضيف لـ"العربي الجديد" أنّه يحمل عشرات الأوراق والثبوتيات، وكلها لا تفيد في شيء. بعضها من السفارة الفلسطينية في سورية وأخرى من السفارة الأردنية في دمشق، وأوراق من السلطة الفلسطينية في رام الله ومن مؤسّسة اللاجئين في سورية وغير ذلك، لكن أياً من هذه الأوراق لا تخوله التقدم للعمل في مؤسسات الدولة أو الدراسة في الجامعة مجاناً مثل بقية السوريين أو مَن في حكمهم، ولا تمكّنه من الحصول على وثيقة سفر يمكنه من خلالها مغادرة سورية والعودة إليها مرة أخرى.
ويشكل القرار نقلة في التفكير الرسمي تجاه اللاجئين الفلسطينيين في سورية، وربما يعد باكورة عمل اللجنة التي جرى تكليفها مؤخراً من الحكومة السورية بإعادة النظر في القوانين الناظمة للوجود الفلسطيني في سورية، كما شكلت الرئاسة السورية قبل أيام (18/9) لجنة لدراسة إدراج تعبير "من في حكمهم" في القرارات والمراسيم الرئاسية، وقال القرار رقم 610 الصادر عن معاون الأمين العام للرئاسة السورية السيّد علي كدة، والقاضي بتشكيل لجنة برئاسة معاون وزير الداخلية، وعضوية ممثلين عن كلٍّ من: وزارة الخارجية، وزارة العدل، وزارة التنمية الإدارية، وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين العرب.
ووفقاً للقرار، ستتولى اللجنة دراسة الحالة والضرورة لإصدار تعميم يوجّه إلى جميع الجهات العامة يقضي بإدراج "مَن في حكمهم" ضمن نطاق القوانين والمراسيم النافذة المطبَّقة على المواطنين السوريين. وجاء القرار بعد احتجاجات أثارها ناشطون فلسطينيون في سورية نتيجة عدم وجود هذه العبارة "ومَن في حكمهم" في مسابقة القضاة التي أطلقتها وزارة العدل مطلع الشهر الجاري، ما اعتبر استثناء للفلسطينيين من التقدم للمسابقة، خلافاً لما جرت عليه العادة طيلة العقود الماضية.

Related News

لجنة التحقيق الدولية تختتم زيارتها الأولى إلى السويداء
aawsat
15 minutes ago

«أبطال أوروبا للسيدات»: يوفنتوس يهزم بنفيكا بثنائية
aawsat
20 minutes ago