
Arab
يفترض بالتعليم العالي فتح آفاق للمتخرج تجعله مختلفاً عمن لم يتسنّ له التحصيل الجامعي، وخصوصاً بعد أن باتت كل المجالات تتطلب تأهيلاً نوعياً بخلاف ما ساد في مراحل العمل والإنتاج التقليدي السابقة. وارتفاع مستوى التحصيل التعليمي يعني القدرة على الاستعمال الأمثل للموارد المتاحة للإفادة من سائر المنجزات التي تحققت في المجتمعات، وهو يفتح الطريق نحو المساهمة في تلك المنجزات من خلال التجارب التي يمكن القيام بها، والتي تتلاءم مخرجاتها مع الخصائص المحلية، زراعياً وصناعياً وبيئياً. ويبقى الأهم هو الدخول في صميم الحداثة، والمساهمة في تقدم العلوم والصناعات.
وتختلف المرحلة الجامعية التي تتوج بالشهادة عما سبقها من مراحل التعليم. فالطالب يستطيع خلالها أن يحدد توجهاته ومجال تخصصه، وبالتالي يستطيع بواسطتها وضع نفسه على طريق المهنة أو الوظيفة التي ينوي العمل بها في المستقبل، والقيام بدوره في الارتقاء بموقعه الاجتماعي والثقافي، وبالعلاقة مع مجتمعه.
ومما لاشك فيه، أن التعليم العالي بات يقدم للطالب مروحة واسعة من الاختصاصات، وكلما تنوعت الاختصاصات تضاعفت القدرة على تحقيق التقدم والتطور، وبالتالي تتحقق القدرة التنافسية. من هنا تأتي أهمية ابتكار الجامعات والمعاهد العليا المزيد من الاختصاصات التي يحتاجها سوق العمل، الذي لم يعد وطنياً أو إقليمياً بعد أن باتت الكثير من الأعمال والوظائف تمارس عن بُعد، وهو أمر سابق على وباء كورونا، وتضاعف بعده.
باتت مؤسسات التعليم العالي إذن مسؤولة عن تقديم مؤهلات للمتخرج تمكنه من ولوج سوق عمل معولم زاخر بالكفاءات من مختلف الجنسيات. لكن الأصل يبقى في تحقيق التنمية البشرية القادرة على تطوير المؤسسات، وعليه، يتطلب الأمر من المؤسسة التعليمية الدمج بين البرامج التي تقدمها، ومشروع التنمية المطلوب، المحلي أو الإقليمي أو الدولي، باعتبار أن سوق العمل لم يعد محصوراً أمام الخريج المؤهل، وهو سوق في حال من التغير المستمر بالنظر إلى ما تواجهه البشرية من مشكلات تتطلب جهود عشرات ألوف العلماء والباحثين والخبراء، ما يوجب ضخ موارد بشرية مؤهلة باستمرار تستطيع تجاوز المتحقق إلى تأمين كشوفات قادرة على الوصول حيث لم يصل العلماء السابقون.
وهنا تصبح المهمة الملقاة على عاتق الجامعة هي التعرف إلى مشكلات الكوكب، والمساهمة في تجهيز الخطط اللازمة لحلها بالتشارك مع المجتمعات العلمية، بما أن المشكلات باتت كونية، وتتطلب تضافر الجهود لمواجهتها. فإذا كانت جهود التصدي لوباء كورونا قد تطلبت طاقة ملايين العاملين في مجال الفيروسات والجراثيم والأوبئة والمختبرات والباحثين الكيمائيين، فالباقي من المشكلات يتطلب جهوداً مضاعفة لحل مشكلات كالاحترار، وتلوث البحار والمحيطات، وتوفير المياه النظيفة، وتأمين المنتجات الغذائية، بعدما أصبحت حياة الملايين مهددة.

Related News

مستقبل اقتصاد إسرائيل بعيداً عن دعم أوروبا
alaraby ALjadeed
39 minutes ago

عندما تتوقّف الحرب في مقبرة الغزاة
alaraby ALjadeed
47 minutes ago

سؤال إلى فتح وحماس: ما خطّتكم الآن؟
alaraby ALjadeed
47 minutes ago

لماذا أخفق حراك تشرين العراقي؟
alaraby ALjadeed
48 minutes ago

عن "مجلس الشعب" السوري ومسار "الانتقال" العتيد
alaraby ALjadeed
48 minutes ago