
بقلم – مازن حكمي
منذ انطلاقة ثورة ال26 من سبتمبر عام 1962، لم تكن هذه اللحظة التاريخية مجرد انتفاضة على نظام رجعي كهنوتي، بل كانت بداية عهد جديد رسم ملامح الحرية والكرامة والمواطنة في اليمن. وقد مثّلت هذه الثورة تحولًا جوهريًا في بنية الدولة والمجتمع، ووضعت أسسًا راسخة للجمهورية كخيار وطني جامع لا يقبل الارتداد أو المساومة. في هذا السياق، برز حزب الرشاد اليمني كواحد من أكثر الكيانات السياسية تمسكًا بأهداف الثورة، والتزامًا صادقًا بمبادئها التحررية والوطنية.
منذ تأسيسه، أظهر حزب الرشاد وضوحًا في الرؤية وصلابة في الموقف، إذ انطلق من قناعة راسخة بأن ثورة سبتمبر ليست حدثًا عابرًا في التاريخ، بل مشروعًا مستمرًا لبناء دولة عادلة تستوعب الجميع وتحمي حقوق الإنسان وتصون كرامته. وفي كل خطاب سياسي أو موقف وطني، يحرص الحزب على استحضار هذه الثورة كمرجعية مركزية تعكس روح الجمهورية وتفضح كل المشاريع التي تسعى لإعادة إنتاج الإمامة تحت أي لافتة أو غطاء.
لقد أدرك الحزب أن معركة اليوم هي امتداد لمعركة الأمس، وأن الانقلاب الحوثي لم يكن سوى محاولة مكشوفة لإحياء النظام الإمامي بصيغة سلالية طائفية تستهدف تقويض مفهوم الدولة الحديثة، ولهذا وقف حزب الرشاد بقوة إلى جانب الشرعية، وقدم مواقف واضحة في دعم الجيش الوطني والمقاومة، إيمانًا منه بأن الحفاظ على الجمهورية مسؤولية وطنية لا تقبل التأجيل أو التخاذل.
كما عمل الحزب على مواجهة الخطابات العنصرية والسلالية التي تهدد النسيج الوطني، مؤمنًا بأن المساواة التامة بين اليمنيين هي من أعظم مكاسب الثورة، وأن أي انحراف عن هذا المسار يمثل طعنًا في جوهر الجمهورية ومبادئها. وقد تجلّى هذا الالتزام أيضًا في حرص الحزب على ترسيخ ثقافة سبتمبر في خطابه الإعلامي ، وفي توعية الأجيال الجديدة بماهية الإمامة وجرائمها، حتى لا يقع الوطن مجددًا في فخ الجهل والتضليل.
وفي خضم التحديات المعقدة التي تعيشها الجمهورية اليمنية اليوم، يطرح حزب الرشاد رؤية شاملة تتجاوز حدود الشعارات إلى ميدان الفعل والبناء، إذ يؤمن أن الوفاء الحقيقي لثورة سبتمبر يقتضي العمل من أجل قيام دولة مدنية حديثة قائمة على الحكم الرشيد، والتعددية السياسية، والمواطنة المتساوية، والتنمية الشاملة، والدستور العادل، بعيدًا عن التهميش والإقصاء والصراعات الضيقة. فالثورة بالنسبة للرشاد ليست لحظة تاريخية نحتفي بها في المناسبات، بل هي مشروع دائم لبناء وطن يليق بتضحيات الشهداء ويضمن كرامة المواطن في حاضره ومستقبله.
وفي ظل واقع متغير يختلط فيه المشروع الوطني بالمشاريع الضيقة، يبقى حزب الرشاد اليمني صوتًا جمهوريًا نقيًا يعيد التذكير بأصالة سبتمبر واهمية مبادئه، ويجسد التزامًا عمليًا بالمضي على درب التحرير والحرية والعدالة، محافظًا على جوهر الثورة وحاملًا رايتها في ميادين السياسة والفكر والميدان.
Related News

