مرضى السرطان في تل أبيض السورية... إهمال وحصار
Arab
1 week ago
share
يواجه مرضى السرطان في منطقة تل أبيض بمحافظة الرقة، حيث يسيطر الجيش السوري شمالي البلاد، أزمات صحية عديدة إن لجهة الحصول على العلاج في الداخل أو لجهة تأمين التكاليف الخاصة بدخول تركيا والإقامة فيها وتلقي العلاج، كونها تقع عند الحدود. ولم يبقَ بوسع المرضى من الرجال والنساء والأطفال سوى مناشدة الحكومة السورية ووزارة الصحة إيجاد حل ينهي معاناتهم. يجد المريض مصطفى طاهر نفسه في مواجهة مشاكل عدة، وفقاً لقوله لـ"العربي الجديد"، منها صعوبة تحويله إلى المستشفيات التركية، وصعوبة تلقي العلاج، إضافة إلى إشكالية تأمين ثمن جرعات العلاج الكيميائي والأدوية المناعية ومصاريف الإقامة في تركيا. ويواجه طاهر ضغوطاً مادية حيث تُرهقه مصاريف التنقل، إلى جانب الضغوط النفسية باعتبار أن مريض السرطان يحتاج إلى دعم من الدائرة المحيطة به، خصوصاً عند اضطراره إلى تلقي العلاج وحيداً، كما هي حالته. ويوضح أن فريق "بذرة خير وتعاونوا" التطوعي يحرص منذ أربع سنوات على الوقوف بجانب مرضى السرطان في منطقة تل أبيض وريفها، وتقديم الدعم النفسي والمادي، رغم الحصار المفروض على المنطقة. ويلفت إلى أن الفريق ساعدهم في تأمين الأدوية وثمن بعض الحقن، وما زال يتابع أوضاعهم الصحية. ويطالب طاهر بإقامة مركز متخصص لعلاج السرطان في تل أبيض، يوفر جرعات العلاج الكيميائي والتخصصات الطبية اللازمة لمرضى السرطان، حيث سيساهم حينها في الكشف المبكر عن المرض، وهو أمر في غاية الأهمية". وتعيش أمل الحسين في ظروف صعبة، وهي مصابة بمرض السرطان منذ أكثر من ست سنوات، وتقول لـ"العربي الجديد" إنها خضعت للعلاج لفترة ضمن مستشفيات العاصمة دمشق، لكنها منذ سنوات عدة تقيم في منطقة تل أبيض، وتعاني من ظروف قاسية، رغم أن فريق "بذرة خير وتعاونوا" يساعدها في تحمل جزء من تكاليف العلاج وتأمين أجرة تنقلها، حالها حال العديد من المرضى. وتضيف: "توجهت سابقاً إلى تركيا، وعانيتُ كثيراً قبل الوصول، كما أن العلاج كان مختلفاً وصعباً، والدواء ليس متاحاً بشكل مجاني. لكن بعد عودتي حظيت بمساعدة فريق "بذرة خير وتعاونوا"، ما ساهم في تخطي الصعوبات". وتطالب الحسين بوجود جهة متخصصة تهتم بمرضى السرطان في المنطقة، وتكشف أن الكثير من المصابين توفوا نتيجة الإهمال الطبي وضعف الرعاية الصحية، وأن أعداد المرضى ارتفعت. وتشير إلى أنها أُصيبت كذلك بتضخم الكبد ولم تجد سبيلاً للعلاج، آملةً أن تفتح الطرقات ويُتاح لهم الوصول إلى المستشفى. يروي جاسم الجهود معاناة زوجته مع المرض منذ أكثر من سنة، ويقول لـ"العربي الجديد": "الدواء مكلف جداً وغير متوفر في سورية، وإن توفر نضطر إلى شرائه بسعر 500 دولار أميركي. وفي حال قررنا التوجه نحو تركيا، نجد أنفسنا أمام صعوبة تأمين تكاليف الإقامة ومعاناة الانتظار لتلقي العلاج". وإذ يشكر الفريق التطوعي على دعمه المرضى وفق إمكانياته المتاحة، يؤكد أن المعاناة الأكبر تتعلق بالتأخر في تشخيص المرض والعلاج، وفي توفير الأدوية ومتابعة الفحوص. ويتحدث مؤسس فريق "بذرة خير وتعاونوا" ومديره خليل حسن الحمادي، عن الدور التطوعي للفريق في دعم مرضى السرطان الذين بلغ عددهم 159 مريضاً، بحسب قوله لـ"العربي الجديد". ويشير إلى أن الفريق الذي تأسس قبل نحو أربع سنوات، يركز على الاهتمام بمرضى السرطان عبر جمع التبرعات من أهل الخير، ويقدم خدمات إغاثية للمرضى، منها توزيع سلال غذائية وأدوات نظافة شخصية، إضافة إلى توفير جرعات العلاج الكيميائي أو بدائلها أو تأمين ثمنها، إلى جانب شراء الأدوية المصاحبة بناء على الوصفات الطبية. ويعزز الفريق عمله مع المرضى بجلسات الدعم النفسي والمعنوي، بحسب الحمادي، إضافة إلى استشارة الأطباء لتقييم الفحوصات. ويضم الفريق ممرضين متطوعين يوفرون العلاج للمرضى في المنزل أو المستوصف أو المستشفى، ويتابعونهم قبل العلاج وبعده، إلى جانب زيارات ميدانية للمرضى ودعمهم بمبالغ نقدية. ويرى الحمادي أن تحسين واقع مرضى السرطان في المنطقة يتطلب إنشاء مراكز متخصصة ومختبرات للأورام، بالإضافة إلى إنشاء قسم خاص يقدم خدمات مجانية، وتأمين الأدوية وعلاج الأشعة مجاناً، وإيجاد بدائل في حال تعذر نقل المرضى إلى العاصمة عبر تركيا. ويضيف: "داخل منطقة تل أبيض لا يوجد أي مركز متخصص، ولا حتى أي خدمات حكومية للمرضى، فيضطرون إلى الذهاب نحو تركيا بموجب تحويلة من المستشفى الحكومي. ويتكبدون نسبة كبيرة من تكاليف العلاج، فيما تقدم بعض المستشفيات التركية قسماً من العلاجات مجاناً بعد أن كانت توفر كامل العلاج مجاناً، لكن بعد أزمة اللاجئين السوريين وتشدد الاتحاد الأوروبي بهذه المسألة، تغيّر الوضع وصار لزاماً على المرضى أن يتحملوا جزءاً كبيراً من التكلفة، نتيجة عدم وجود بطاقة حماية مؤقتة (كيملك)". ويضطر بعض المرضى إلى التوجه نحو دمشق عبر معابر تهريب غير شرعية، وفق ما يؤكد الحمادي، في طرقات ترابية خطرة مليئة بالألغام والابتزاز المالي، حيث تصل تكلفة العبور إلى 100 دولار، وأحياناً أكثر. ويتحدث عن الوعود الرسمية الأخيرة بشأن دعم مرضى السرطان، بعد الضغوط الشعبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولا سيما بعد تسجيل ثلاث حالات وفاة مؤخراً، بينهم طفلان. يُشار إلى أن الجيش التركي إلى جانب الجيش الوطني السوري أطلق عملية عسكرية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، سيطر خلالها على منطقة تل أبيض، إضافة إلى منطقة رأس العين شمال غربي محافظة الحسكة. ولا تزال تلك المناطق معزولة ومطوّقة بمناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الأمر الذي يعيق تنقل المرضى ووصولهم إلى المستشفيات في مناطق سيطرة الحكومة السورية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows