
في مؤشر على وجود تقارب اقتصادي متسارع بين أنقرة وواشنطن، ألغت تركيا، أمس الاثنين، الرسوم الجمركية الإضافية علي الواردات الأميركية، التي فرضتها في 2018، ردا على الحرب الاقتصادية التي اعلنها دونالد ترامب في ذلك الوقت، بينما تبحث الخطوط الجوية التركية إبرام صفقة كبيرة مع بوينغ، عملاق الطيران، قد تصل إلى 250 طائرة من طرازي 737 ماكس و787 دريملاينر. وتزامنت الخطوتان مع زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان للولايات المتحدة، فيما أكدت الخطوط التركية أن القرار النهائي لم يحسم بعد. ونشرت الجريدة الرسمية قرار إلغاء الرسوم التي تشمل السيارات وسط توقعات بهبوط أسعار الماركات الأميركية في السوق المحلية.
وتأتي الخطوتان بالتزامن مع زيارة أردوغان إلى الولايات المتحدة للمشاركة في اجتماعات الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وسط رصد لانعكاسات سريعة على ملفات الطاقة والتجارة والطيران. وقالت مصادر إعلامية إن شركتي بوينغ ولوكهيد مارتن تقتربان من الفوز بطلبات تركية هذا الأسبوع، تشمل طائرات تجارية ومباحثات دفاعية حول F-16، مع احتمال تسوية الخلاف الممتد بشأن برنامج F-35. وقال مدير الاتصال في الخطوط الجوية التركية، يحيى أوستن: "إن الشركة لم تتخذ قرارا نهائيا بخصوص شراء طائرات بوينغ الأميركية، ولكن لم يتم اتخاذ القرار النهائي بعد. وترجح معطيات أن يجري الإعلان عن إطار أولي للاتفاق خلال زيارة رفيعة أو في لقاء بالبيت الأبيض خلال أكتوبر/تشرين الأول، إذا اكتملت التفاصيل الفنية والتمويلية.
وتستهدف شركة الطيران التركية مضاعفة قدرات الأسطول الجوي خلال العقد المقبل وترسيخ موقع إسطنبول مركزا عالميا للطيران ينافس مطارات المنطقة. ووفق أحدث بيانات الشركة، يضم أسطول الخطوط التركية 491 طائرة، فيما نقلت خلال الأشهر السبعة الأولى من العام 51.2 مليون مسافر. وتعني أي طلبية بهذا الحجم الحاجة إلى برامج موازية لتدريب الطيارين والكوادر الفنية وتوسيع الطاقة الأرضية للمطارات، إلى جانب ترتيبات تمويل تجمع بين قروض وتأجير تشغيلي وجداول تسليمات تمتد لسنوات. ونشرت الجريدة الرسمية قرارا رئاسيا بإلغاء الرسوم الإضافية على بعض السلع ذات المنشأ الأميركي. وبموجبه انتهت الزيادة البالغة 60% المفروضة منذ عام 2018 على السيارات الأميركية، إلى جانب رسوم كانت قد طاولت سلعا مثل الكحول الإيثيلي والمشروبات الكحولية (70%) وبعض المنتجات التجميلية والغذائية والورقية.
ويرجح مراقبون أن ينعكس القرار هبوطا في أسعار الماركات الأميركية داخل السوق التركية (بينها فورد وشيفروليه وجيب وكاديلاك وجي إم سي ودودج ورام وهامر) مع احتمال امتداد الأثر إلى السيارات الكهربائية مثل تسلا. وتقدر آراء سوقية أن يصل انخفاض الأسعار إلى 30 - 40% تبعا لمسار سعر الصرف والضرائب المحلية ورسوم التسجيل. وقال الخبير التركي أوزجان أويصال إن الجهود التركية الأميركية (التي قادها السفير توم براك) بدأت تظهر على الأرض، متوقعا إتمام صفقة شراء 250 طائرة بوينغ قبل نهاية العام الجاري.
ويضيف لـ"العربي الجديد" أن الفرصة سانحة لرفع التبادل إلى 100 مليار دولار كما طرح أردوغان، لأن لتركيا ميزات خاصة تتعلق بانخفاض الرسوم الأميركية على بضائعها نحو 10%، وبقدرتها (خصوصا في المنتجات الزراعية ثم الصناعية) على تلبية جزء من الطلب الأميركي، بينما تتجه دول أخرى إلى رفع الرسوم على واشنطن. وفي المقابل، يشير إلى أن أنقرة تزيد تسهيل وصول السلع والمنتجات الأميركية، خاصة التكنولوجية والمركبات، مستشهدا بقرار إلغاء الرسوم الإضافية على المنتجات ذات المنشأ الأميركي. وتراهن الأوساط الصناعية على أن خفض الكلفة الجمركية يعيد تموضع الماركات الأميركية في شرائح سعرية أكثر تنافسية أمام الطرازات الأوروبية والآسيوية، مع اتساع العروض التمويلية للمستهلكين، ولا سيما في فئات SUV والبيك-أب والسيارات الفاخرة. أما في الطيران المدني، فينتظر أن تظهر النتائج تدريجيا بحكم دورات التسليم (توسيع شبكة الوجهات، وتحسين معامل الامتلاء، ورفع العائد لكل كيلومتر مقعد متاح، إلى جانب طلبات لاحقة في الخدمات الأرضية والصيانة والتدريب وسلاسل التوريد). ويكشف إلغاء الرسوم الإضافية ومفاوضات طلبية بوينغ عن مسار عملي لتقوية الشراكة الاقتصادية التركية - الأميركية.

Related News

