الحفر العشوائي يهدد بنضوب ينابيع دمت الكبريتية ويهدد عمود السياحة العلاجية في اليمن
Civil
1 day ago
share

أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” فوزي المريسي: تواجه مدينة دمت السياحية، الواقعة شمال محافظة الضالع (جنوب اليمن)، خطرا بيئيا وسياحيا متفاقماً، نتيجة الحفر العشوائي للآبار الارتوازية خلال السنوات العشر الأخيرة، ما أدى إلى نضوب وجفاف عدد من ينابيع المياه الحارة، التي تمثل العمود الفقري للسياحة العلاجية في المنطقة.

وفي تطور لاحق بدأت مؤخراً أعمال حفر بئر ارتوازية في محيط ” الحرضة “، وهي واحدة من أبرز المعالم السياحية والعلاجية في اليمن، ما أثار مخاوف واسعة من تأثير حفر هذا البئر على المياه الكبريتية التي تعاني من النضوب بفعل تأثير الحفر العشوائي للآبار الأرتوازية خلال السنوات الأخيرة.

حفر البئر بدأت مطلع يوليو/تموز الماضي، باستخدام معدات ثقيلة في الطبقات الرسوبية المحيطة بالفوهة البركانية، المعروفة محلياً بـ”حرضة دمت”، ما اعتبر انتهاكاً صريحاً لخصوصية الموقع المحمي قانوناً وتهديدًا لاستمرارية الينابيع الكبريتية الساخنة.

مخالفة قانونية واضحة

وبحسب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم (135) لسنة 2004، فإن المادة (2) من القرار تنص على تحديد نطاق التنمية السياحية العلاجية في دمت داخل دائرة نصف قطرها 10 كيلومترات، مركزها الحرضة الأم.

كما تحظر المادة (6) من القرار ذاته استخدام الأراضي ضمن هذا النطاق لأي أغراض تتعارض مع الاستثمار السياحي والعلاجي، مثل أعمال الحفر والاستكشاف العشوائي.

معجزة جيولوجية

وفقاً لتقرير نشره موقع “حلم أخضر” المتخصص بالشأن البيئي، فإن “حرضة دمت” تعتبر ظاهرة جيولوجية نادرة وفريدة، حيث تتميز بشكل “الفوهة المقلوبة”، أي أنها تتسع من الأعلى وتضيق في العمق، على عكس الفوهات البركانية التقليدية.

وتُعد هذه الفوهة الأكبر بين سبع فوهات بركانية أخرى (تُعرف محليا بـ”الحرضات”)، وتغلي مياهها الكبريتية باستمرار، ما يجعلها وجهة علاجية وسياحية يقصدها الزوار من مختلف أنحاء اليمن.

تبريرات الحوثيين

بررت هيئة المساحة الجيولوجية في صنعاء، التابعة لوزارة النفط والمعادن المعينة من حكومة جماعة الحوثي الغير معترف بها، أن الحفر القائم هو جزء من دراسة جيولوجية لاستكشاف مكونات الصخور المحيطة بالفوهات البركانية، في حين نشر المحامي عبد الجليل الغرباني وثيقة في 16 يونيو/حزيران 2025 تؤكد أن المشروع يهدف إلى “دراسة التأثيرات الكبريتية على المياه الحارة”.

مع ذلك، كتب الغرباني في منشور لاحق بتاريخ 8 يوليو/تموز 2025، أن الهدف الحقيقي من الحفر هو مد أحد الفنادق بالمياه الكبريتية، واصفاً الأمر بـ”التحايل على القانون”.

استياء شعبي

المشروع أثار استياءً واسعاً في أوساط المجتمع المحلي. حيث وصف نصر المسعدي (صحفي) ما يجري بـ”العبث المنظّم”، محمّلا سلطة الأمر الواقع في دمت المسؤولية الكاملة، وداعيا إلى كشف تفاصيل المشروع الغامض للرأي العام.

وقال في منشور له: “الصمت عما يجري في الحرضة يعتبر تخليا عن المسؤولية، وتمكينا لتماسيح المال العام من التهام هذا المعلم الطبيعي.”

أما الناشط سليم حاتم فقد أشار إلى أن ما يجري هو محاولة لطمس هوية دمت السياحية. فيما علّق ،وليد المريسي الراشدي، قائلاً: “مليشيا الحوثي تعمل على تخصيب اليورانيوم من مياه الحرضة الساخنة”، داعيا أبناء المدينة للوقوف صفا واحدا لمطالبة السلطات بكشف حقيقة المشروع.

تجاوزات أخرى

ورغم حظر القانون حفر الآبار داخل دائرة نصف قطرها 10 كيلومترات، مركزها حرضة دمت الأم، إلا أن جماعة الحوثي منحت تراخيص حفر آبار على مقربة من مركز الحرضة.

ففي مايو الماضي: أصدر الحوثيون ترخيصاً جديداً لحفر بئر ارتوازية قرب حرضة دمت، ما اعتبره الناشط زمام الجبلي “كارثة جديدة” تضاف إلى سلسلة الانتهاكات، خصوصًا أن الموقع يقع أسفل جسر عامر بن عبدالوهاب، أحد أبرز المعالم التاريخية في المدينة.

ووفق سكان محليون تحدثوا لـ”يمن ديلي نيوز” فإن منسوب المياه في الفوهات البركانية تراجع بشكل ملحوظ مع الحفر العشوائي للآبار بمحيط حرضة دمت.

تحذير رسمي

وفي حديث خاص لـ”يمن ديلي نيوز”، حذّر الشيخ ،ريدان الوقزة، مدير عام مديرية دمت المعيّن من الحكومة اليمنية، من التأثيرات الخطيرة للحفر على الحوض الحراري لحرضة دمت.

وقال إن غاز ثاني أكسيد الكربون المصاحب للمياه الكبريتية يساعد في حفظ ضغط الطبقات الأرضية، وأن تسربه قد يؤدي إلى جفاف الينابيع بشكل نهائي.

وأضاف: “قدّمنا عشرات التحذيرات والبلاغات بضرورة حماية الموقع من أي عبث، لكن المشكلة الحقيقية في هذا البلد ليست في غياب القوانين، بل في تغول المتنفذين، والجهل الكارثي، والهمجية التي تعبث بالثروات دون حسيب أو رقيب.”

ودعا أبناء المدينة إلى التكاتف ومنع أعمال التشويه والتجريف التي تطال المعالم الأثرية والطبيعية في دمت، محذرًا من استمرار ما وصفه بـ “العبث الممنهج” في واحدة من أهم المحميات السياحية الطبيعية في اليمن.

كنز سياحي مهدد

تُعد دمت واحدة من أبرز الوجهات العلاجية والسياحية في البلاد، بفضل ينابيعها الحارة ومعالمها الطبيعية، مثل جسر عامر عبدالوهاب التاريخي، و “الحرضات الثلاث”، إضافة إلى المنتجعات العلاجية الطبيعية التي تشتهر بعلاج أمراض المفاصل والجلد والجهاز التنفسي.

غير أن مستقبل هذه المدينة بات اليوم على المحك، بفعل مشاريع غير واضحة، وتجاوزات متكررة، وسط تجاهل رسمي وتحذيرات متصاعدة من كارثة بيئية وسياحية تلوح في الأفق.

ظهرت المقالة الحفر العشوائي يهدد بنضوب ينابيع دمت الكبريتية ويهدد عمود السياحة العلاجية في اليمن أولاً على يمن ديلي نيوز Yemen Daily News.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows