
ما إن يقع حادث صغير في مارب حتى تشتعل الحملات ضدها وتنهال السهام الإعلامية وتتحوّل إلى ساحة للتشويه والتجريح وكأنها وحدها من يجب أن تكون بلا أخطاء.
لماذا تُهاجَم مأرب بالذات باستمرار؟؟ ولماذا يُراد لها أن تسقط أو تصمت؟! هل لأنها ما زالت صامدة؟!
مأرب.. المدينة التي لم تركع لمليشيات الحوثي الارهابية ولم تنكسر .
وفي وقت سقطت فيه كثير من المدن، صمدت مأرب وواجهت الزحف الحوثي بكل ثبات.
لم تكن مجرد جبهة أو ساحة معركة بل تحولت إلى قلعة للشرعية ومأوى لليمنيين، وبارقة أمل في قلب وطن ممزق.
من مأرب انطلقت نواة الجيش والمقاومة متشكلة من أبناء اليمن كافة ، لتكون سداً منيعاً في وجه مليشيا الحوثي وامتدادها الدموي.
وفي الوقت نفسه ، فتحت المدينة ذراعيها لمئات الآلاف من النازحين من مختلف المحافظات ، وواصلت تقديم الخدمات ، رغم القصف وقلة الموارد.
لم تكتف مأرب بالمقاومة بل شهدت في السنوات الأخيرة نهضة خدمية وتنموية لافتة.
فُتحت الطرقات و توسعت شبكات الكهرباء والمياه و أُنشئت الجامعات والمستشفيات، وتحولت من مدينة صغيرة إلى نموذج إداري وخدمي في زمن الانهيار.
في وقت كان اليمنيون يفقدون الأمل ، كانت مأرب تصنع شيئاً من الحياة.
ولم تكن مأرب مجرد ساحة للمقاومة و قلعة للصمود ومأوى للنازحين فحسب ، بل كانت شريان حياة نابضاً لليمن بأسره.
فمنها ظلّت أنابيب الغاز والنفط تتدفق لتغذي مدن الجمهورية في وقت كانت فيه مليشيا الحوثي تخنق المناطق الأخرى وتستخدم سلاح الحصار وتهديد الموارد كورقة ابتزاز سياسي واقتصادي.
ورغم التهديدات المستمرة والتحديات الأمنية والاقتصادية، واصلت مأرب أداء هذا الدور الحيوي لا منّةً ولا مساومة، بل بوعي الدولة ومسؤولية الجمهورية.
مأرب اليوم ليست جديدة على هذه المواجهة فعدو الأمس هو نفسه عدو اليوم وإن اختلفت الراية وتغيّر الشعار والوسيلة.
فمنذ ثورة 26 سبتمبر كانت حاضرة في مواجهة الإمامة، وقدّمت أبناءها دفاعاً عن الجمهورية، وما زالت على العهد.
مأرب ليست مدينة بلا أخطاء ، لكنها مدينة تحاول أن تصمد ، تبني وتدفع الثمن.
مأرب ليست مجرد مدينة، إنها فكرة ، فكرة أن هناك من لا يزال يقاوم ، ويبني ويؤمن بالجمهورية، رغم الخذلان والجراح.
ومن يهاجم مأرب اليوم، هم أنفسهم الذين هاجموا الشهيد اللواء حميد القشيبي ، ووقفوا ضد صمود مدينة عمران قبل أن تسقط. الوجوه ذاتها والخطاب ذاته وإن اختلفت الشعارات واليافطات.
فلتتوقفوا عن جلدها، لأن من يقف على خط النار لا يُحاسَب كمن يكتب من خلف الشاشات.
وكما قاومت مأرب ببسالة في الماضي ستبقى واقفة صلبة عصية على الانكسار.
فمأرب تُعلمنا الصبر والبسالة والصمود و المقاومة، ومنها ستنطلق شعلة التحرير بإذن الله.
Related News

