
ضاقت بنا الحياة، وعصفت بنا الازمات المتتالية، ولم يعد لدينا عدو واضح غير التحالف العربي والرباعية وادواتهم، الذين استثمروا تناقضاتنا من الاختلاف والتضارب بالأفكار والعقائد ، والاهداف والمصالح والقناعات، واستدعوا كل ماسي الماضي، ليثيروا كل هذا الصراع المنهك للقوى ذاتها المستخدمة ، وللمجتمع والوطن.
والتناقض والاختلاف هو امر طبيعي اذا تسلح بالوعي والعلم والمعرفة، يمكن ان يصير مصدر اثراء وتطور ورقي، وما يميزنا نحن اليمنيين اننا مجتمع متنوع فكريا وعقائديا، تعايشنا منذ قرون ولنا حضارة وتاريخ في التوافق وادارة الازمات والحروب، وارثنا التاريخي والحضاري ومقومات النهضة والتطور متوفرة، لكن ما يعيق توافقنا على وطن هي الفتن والدسائس، والارتهان للخارج هو المصدر الاساسي لهذه الفتن، الخارج الاستعماري وادواته في الاقليم، استطاع استخدم ثارات واحقاد ماضينا، وتمكن من الاستحكام بإدارة الصراع ،وتشكيل ادواته ومكوناته، واغرقهم فسادا و جشعا بالسلطة والثروة، و افرغ ما فيهم من وطنية وضمير، ليماسوا الانتهاكات الجسيمة، تلك الادوات هي التي تحكمنا اليوم، بعد ان تم التخلص من كل وطني حر يرفض الارتهان والتبعية.
هذه السلطة التي تشكلت خلال العشر السنوات هي المسؤولة عن ما حدث ويحدث، مدعومة بقوى من الخارج، والاقليم هو الأسوأ، لأنهم عبارة عن دول وظيفية تحكمها اسر، عاشت صراع السلطة والولاء للخارج ومشاريعه التدميرية، تتسابق بل تتقاتل من اجل هذا الولاء للصهيونية والامبريالية، ونقلت صراعها بكل وساخته للداخل اليمني، ولدينا اليوم قوى تتشدق بالولاء للخارج والتطبيع مع الصهاينة، وتقاتل من اجل ان تكون رقم واحد في العمالة والارتهان.
وبالتالي من يحكمنا اليوم ليسوا سوى مجموعة ممن باعوا ضمائرهم ويبيعون الوطن بكل نذاله واحتقار، سلطة تحكم وتتحكم في مصيرنا، تمتلك القوة، تهدد و تتوعد، نراها على شكل صنم علقت صوره على واجهات الشوارع والجولات، وقادة يتمخطرون على الاطقم العسكرية، وامن ينتشر لحراسة تحركاته، او لقمع أي تظاهرات شعبية ، واعلاميين وناشطين يقرعون الطبول للتشجيع، في مخاض اختلطت فيه المعايير، ولكن معيار النظر كان كافيا لنشاهد ان هناك من تحسنت احوالهم حينما سات احوالنا ، بل التجربة كانت كافية عشر سنوات ونحن نسمع ضجيج الشعارات والحماس، ولا نرى أي فعل حقيقي على الارض، غير الخذلان والقهر والجوع والفقر، نرى من فرقنا لجماعات متناحرة ، ليعيش هو بذخ الحياة والجاه والحظوة، و نعيش نحن الذل والمهانة الفقر والعوز, فسيطر علينا التشاؤم لان الادوات رديئة، والرهان سقط وانهار من عقولنا ونفوسنا.
وكلما خرج الناس تصرخ كلما اشتد القمع واشتدت القبضة الامنية، وتسويق اوهام العدو المتربص لنا، عدونا هو من يذبحنا على الواقع، وهو من يحكمنا، خرج الشباب فاصطادوهم واحدا تلو الاخر، وكانت السجون السرية والغير سرية والتعذيب مشاهد يندي لها الجبين، فاضطرت النساء للخروج فارسلوا لهم نساء يحملون الهراوات، واي خروج اصبح الشعب يواجه ابنائه من العسكر و الاستخبارات المنتشرة في المنتديات واللقاءات بل في الاحتجاجات، و اذا بهم ورثة الانظمة المستبدة، والعقلية المتخلفة والاصطفاف المناطقي الطائفي الجهوي القذر بل القروي ، انه نفس النظام بل اسوأ، نظام منتقم من شعب قرر ان يتحرر، فارسل له اقبح الادوات و اكثرها نذاله، بدعم مال مدنس وسلاح ملطخ بالعار وفكر رجعي قروي تافه، وكراهية وعنصرية غير مسبوقة.
ضاع الوطن وضاعت القضية يوم ضُيّعت العقول، ونرى من يطبع مع عدونا ويتحدث بلسانه، ويروج لمشاريعه، ويؤمن بديانته الابراهيمية ، الكذبة التي انطلت على الاغبياء والتافهين، وفجأة يظهر من حضرموت اشعاع امل ونور يضئ في نهاية النفق المظلم، ولكن عبيد السلطان و مشروعه التافه، يحاولون اطفاء هذا النور وقتل التفاؤل، وتشويه الاحرار الذين خرجوا ولن يعودوا الا بتصحيح واصلاح وتغيير حقيقي لواقعهم، وسينتصرون مهما كانت الهجمة الشرسة ضدهم من اعدا التغيير واعداء الوطن
وها هو الريال يستعيد عافيته، بجرعات منشطة محكومة من تلك الادوات خوفا من السقوط، والناس تعيش في صدمة مما يدور، حيث عجز المهنيين من توصيف الانهيار والتعافي، فهو انهيار مخطط له والتعافي هو تراجع عن المخطط نفسه، والحل سيبقى بيد الجماهير، ان تستعيد ارادتها الوطنية، وتعيد للدولة القرار الوطني، وحينها ستقط كل اوهام الانهاك والتعافي ، الناس تحتاج قرار يخاطبهم بكل شفافية عن ما يدور ويشركهم في العملية السياسية ويسهم بالدفع معهم للتغيير والتحول الحقيقي لحكم رشيد ودولة محترمة تحترم حق الناس وارادتهم في وطن يستوعب الجميع ليتعايش فيه الجميع بحرية وكرامة، النصر للشعب الحر الابي وللوطن وللامة ولا نامت اعين الجبناء والمنخرطين مع قوى الارتهان والتبعية للمشروع الصهيوني والرجعية العربية .
The post عدونا هو من يحكم ويتحكم بأزماتنا appeared first on يمن مونيتور.
Related News
