اليمن: هجمات الحوثيين على سفن الشحن جرائم حرب مفترضة
Society
10 hours ago
share
Click to expand Image The Eternity C sinks after it was struck by a Houthi missile on July 8, 2025, on the Red Sea. © 2025 Houthi Media Center/Getty Images

(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن جماعة الحوثيين المسلحة في اليمن هاجمت سفينتي شحن تجاريتين في البحر الأحمر بين 6 و9 يوليو/تموز 2025، ما يشكل انتهاكات لقوانين الحرب ترقى إلى جرائم حرب. أغرق الحوثيون السفينتين، مما أسفر عن مقتل وجرح عدة أفراد من طاقمهما، ويُفترض أنهم يحتجزون بشكل غير قانوني ستة من أفراد الطاقم الذين تم إنقاذهم.

سعى الحوثيون، الذين يسيطرون على معظم اليمن منذ 2015، إلى تبرير الهجمات على أنها جزء من أعمالهم العدائية ضد إسرائيل التي بدأت في أكتوبر/تشرين الأول 2023. لم تجد هيومن رايتس ووتش أي دليل على أن السفينتين كانتا هدفا عسكريا بموجب قوانين النزاع المسلح ذات الصلة. بالإضافة إلى ذلك، لم تكن أي من السفينتين على صلة بإسرائيل ولم تكن متجهة إليها. كانت إحداهما قد سلمت مؤخرا مساعدات إنسانية إلى الصومال.

قالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "يسعى الحوثيون إلى تبرير هجماتهم غير القانونية بالإشارة إلى الانتهاكات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. على الحوثيين إنهاء جميع الهجمات على السفن التي لا تشارك في النزاع والإفراج فورا عن أفراد الطاقم المحتجزين لديهم".

في 6 يوليو/تموز، هاجمت قوات البحرية الحوثية السفينة "إم في ماجيك سيز" (MV Magic Seas)، وهي سفينة شحن ترفع علم ليبيريا وتشغلها شركة يونانية، على بعد حوالي 51 ميلا بحرياً جنوب غرب ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون. أفاد "برنامج عمليات التجارة البحرية التابع للمملكة المتحدة"  ، وهو برنامج تطوعي للإبلاغ بين السفن التجارية والقوات العسكرية في منطقة البحر الأحمر والمحيط الهندي، أن عدة زوارق صغيرة أطلقت قذائف صاروخية على السفينة ماجيك سيز، مما تسبب في اندلاع حريق على متنها. أنقذت سفينة تجارية عابرة 22 من أفراد طاقم السفينة الذين تركوا السفينة. غرقت السفينة في اليوم التالي.

في 7 يوليو/تموز، هاجمت قوات البحرية الحوثية سفينة تملكها شركة يونانية وترفع علم ليبيريا، "إم في إيترنتي سي" (MV Eternity C)، غرب الحديدة. أفاد  مركز عمليات التجارة البحرية أن زوارق صغيرة أطلقت عدة قذائف صاروخية على السفينة غرب الحديدة. أصدر الحوثيون بيانا قالوا فيه إن زوارق مسيرة تابعة للبحرية وستة صواريخ مجنحة وصواريخ باليستية هاجمت السفينة. استمرت الهجمات في 8 يوليو/تموز وغرقت السفينة في 9 يوليو/تموز.

كان على متن السفينة إيترنتي سي طاقم من 25 فردا. أفادت "رويترز" أن أربعة من أفراد الطاقم ربما لقوا مصرعهم. أفاد مشغل السفينة اليوناني في 10 يوليو/تموز أن 10 من أفراد الطاقم تم إنقاذهم في البحر. من بين 11 فردا في عداد المفقودين، يُعتقد أن ستة منهم في عهدة الحوثيين. صرح المتحدث باسم الحوثيين، يحيى سريع، أن قوات الحوثيين أنقذت عدة أفراد من طاقم السفينة وقدمت لهم الرعاية الطبية ونقلتهم إلى مكان آمن. مع ذلك، يُفترض أن الحوثيين لا يزالون يحتجزونهم بشكل غير قانوني.

قال الحوثيون إن السفن التي تعرضت للهجوم والشركة المشغلة لها انتهكت حظر الحوثيين على التعامل مع المرافئ الإسرائيلية ورفضت النداءات إلى التوقف. لكن ماجيك سيز كانت في طريقها من الصين إلى ميناء كارديك في تركيا وكانت تحمل أسمدة وقضبان فولاذية، بينما كانت إيترنتي سي في طريقها من الصومال إلى السعودية بعد أن سلمت مساعدات إنسانية لـ"برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة". قالت هيومن رايتس ووتش إن الحوثيين استوفوا متطلبات القانون الدولي لفرض حصار بحري قانوني.

راجعت هيومن رايتس ووتش فيديوهات وصور نشرها الحوثيون على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر قواتهم وهي تُهاجم وتُغرق السفينتين. يتضمن أحد الفيديوهات تسجيلا صوتيا لمحادثة لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق من صحتها، يطلب فيها الحوثيون من طاقم ماجيك سي إيقاف السفينة. يظهر في الفيديو قوات الحوثيون وهم بحسب الافتراض يصعدون على متن السفينة، ثم عدة انفجارات في أنحاء السفينة قبل غرقها. يُفترض أن فيديو آخر يظهر هجمات على إيترنتي سي وغرقها بعد ذلك.

منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، هاجم الحوثيون عشرات السفن التجارية في البحر الأحمر، وهي أعمال وجدت هيومن رايتس ووتش في تقرير سابق أنها تُشكل جرائم حرب. سبق أن احتجز الحوثيون 25 من أفراد طاقم السفينة "غالاكسي ليدر"، وهي ناقلة سيارات تملكها شركة بريطانية وتشغلها شركة يابانية ومسجلة في البهاما، واستولوا على السفينة. احتجزوا الطاقم لمدة 14 شهرا وما زالوا يحتجزون السفينة.

"دليل سان ريمو لعام 1994 بشأن القانون الدولي المطبق في النزاعات المسلحة في البحار"، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه يعكس قوانين الحرب العرفية، يحصر بصرامة الهجمات بالأهداف العسكرية. السفن التجارية هي أعيان مدنية لا يجوز مهاجمتها ما لم تشارك في أعمال عسكرية عدائية لصالح العدو، أو تنقل قوات أو مواد عسكرية، أو تشكل تهديدا مباشرا للسفينة المهاجمة. جميع السفن التي تشارك في مهمات إنسانية لا يجوز مهاجمتها. 

انتهكت قوات الحوثيين المسؤولة عن هذين الهجومين قوانين الحرب السارية على النزاع المسلح بين الحوثيين وإسرائيل. هاجمت هذه القوات عمدا سفنا تجارية يمكن تمييزها بوضوح على أنها مدنية، ولم تكن تشارك في أعمال عدائية، ولم تشكل أي تهديد عسكري لقوات الحوثيين. يُحظر أيضا احتجاز أفراد الطاقم الذين تم إنقاذهم. والقادة الذين يأمرون عمدا بهذه الهجمات غير المشروعة أو ينفذونها، أو يسيئون معاملة المحتجزين، أو يتحملون المسؤولية بموجب مسؤولية القيادة، مسؤولون عن جرائم حرب. 

قالت هيومن رايتس ووتش إن الهجمات تُشكل تهديدات بيئية طويلة الأمد للمنطقة. قال ويم زوينينبورغ، محلل في منظمة "باكس" الهولندية غير الحكومية، إن صور الأقمار الصناعية تظهر بقعا نفطية كبيرة تنساب من المناطق التي غرقت فيها السفينتان. قال إن بقع النفط تهدد الحياة البرية في بيرا إيزولي، وهي محمية طبيعية على ساحل إريتريا وموطن لمجتمع صيد. قال إن باكس رصدت أيضا، حتى 22 يوليو/تموز، "بقعا نفطية تنجرف إلى شواطئ مجتمع الصيد الصغير في إيدي".

قال الدكتور عبد القادر الخراز، خبير بيئي سابق لدى الحكومة اليمنية، إن اليمن لا تزال تعاني من المخاطر البيئية والمعيشية والصحية الناجمة عن الهجمات السابقة للحوثيين، مثل غرق السفينة "إم في روبيمار" (MV Rubymar)، وهي سفينة شحن ضخمة ترفع علم بليز غرقت في 2 مارس/أذار 2024. كانت السفينة تحمل 21 ألف طن من الأسمدة الكيماوية الخطرة. قال إن غرق السفينة أدى إلى خسائر كبيرة في الحياة البحرية: "وجدنا أن نفوق الأسماك نتج عن التسرب والتلوث الناجمين عن حطام السفينة روبيمار، الذي وصل إلى السواحل اليمنية في المخا والخوخة"، على بعد حوالي 16-20 ميلا بحريا من حطام السفينة.

قال الدكتور الخراز: "سيكون من الصعب احتواء هذه الأزمة الآن، خاصة بسبب طبيعة الأسمدة التي كانت تحملها ماجيك سيز، والتي تذوب بسرعة ويصعب تعقبها". قال إن الاستجابة اللازمة لتخفيف التلوث الناجم عن السفينة "مكلفة للغاية بالنسبة لبلد نامٍ مثل اليمن". 

ينص القانون الدولي الإنساني العرفي على أن الأطراف المتحاربة يجب أن تحترم حماية البيئة الطبيعية والحفاظ عليها. ينبغي اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتقليل الأضرار البيئية إلى أدنى حد. ويحظر استخدام أساليب أو وسائل الحرب التي تهدف أو يُتوقع أن تتسبب في أضرار واسعة النطاق وطويلة الأمد وخطيرة للبيئة الطبيعية.  

هاجمت القوات الإسرائيلية البنية التحتية الحيوية في اليمن عمدا، بما في ذلك ميناء الحديدة، الذي يعد نقطة دخول معظم المساعدات الإنسانية إلى اليمن، ومطار صنعاء. كما هاجم الحوثيون عمدا وبشكل عشوائي مناطق مدنية وبنية تحتية مدنية في إسرائيل، بما في ذلك مطار تل أبيب. وجدت هيومن رايتس ووتش سابقا أن هجمات الحوثيين والإسرائيليين قد ترقى إلى جرائم حرب.

قالت جعفرنيا: "من الأهمية بمكان أن تعترف الحكومات المعنية بجرائم الحرب، بغضّ النظر عن الطرف المسؤول عنها. على الحكومات أن تعالج على وجه السرعة الآثار الإنسانية للانتهاكات وأن تنظف بسرعة التسربات النفطية والكيميائية الناتجة عن غرق السفن للتخفيف من حدة الكارثة البيئية". 

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows