تراجع العملة الوطنية : أزمة نقدية تهدد الأمن المعيشي لملايين اليمنيين
Party
2 weeks ago
share

الرشادبرس- تقرير
يشهد الريال اليمني في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية تدهورًا حادًا وغير مسبوق، متجاوزًا حاجز 2,895 ريالًا للدولار الواحد، في أسوأ انهيار للعملة الوطنية منذ اندلاع الحرب في 2015. هذا الانهيار لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج مباشر لتراكم أزمات سياسية ونقدية وإدارية حادة، انعكست بشكل مباشر على معيشة المواطنين، وفاقمت مؤشرات الفقر وانعدام الأمن الغذائي في البلاد.
📉 تدهور قياسي: بالأرقام والوقائع
شهد الريال اليمني تراجعًا تدريجيًا خلال العامين الماضيين، بلغت ذروته في النصف الأول من عام 2025. ووفق البيانات:
من منتصف 2023 إلى منتصف 2024، فقد الريال نحو 38% من قيمته.
بحلول مارس 2025، وصل سعر الصرف إلى 2,340 ريالًا/دولار.
وفي يونيو 2025، سجّل مستوى قياسيًا بلغ 2,760 ريالًا/دولار.
أما اليوم، في 22 يوليو 2025، فقد وصل إلى 2,895 ريالًا للشراء، و2,914 ريالًا للبيع.
الريال السعودي أيضًا شهد قفزات، ليصل إلى 761 ريالًا للشراء و764 ريالًا للبيع. وبهذا، تكون العملة المحلية قد فقدت أكثر من 1,200% من قيمتها مقارنة بسعرها عام 2015 (215 ريالًا للدولار)، ما يعكس عمق الانهيار النقدي.
*الجذور العميقة للأزمة:
أولًا: الانقسام المالي والمصرفي
أدى الانقسام بين البنك المركزي في عدن ونظيره في صنعاء إلى شلل فعلي في السياسة النقدية، حيث تُطبع كميات ضخمة من العملة في الجنوب دون غطاء حقيقي، مقابل تجميد شبه كامل للسيولة في الشمال، حيث تُمارس سلطات الأمر الواقع (المليشيا الحوثية ) رقابة قسرية على التداول النقدي.
ثانيًا: ضعف الإيرادات وتراجع النقد الأجنبي
توقف تصدير النفط والغاز – وهما المصدران الأساسيان للنقد الأجنبي – أضعف من قدرة الحكومة على دعم الريال أو تغطية الواردات الأساسية. كذلك تراجعت الودائع والتحويلات الخارجية والدعم الدولي، مما ضاعف من أزمة السيولة.
ثالثًا: فوضى سوق الصرف
غياب الرقابة الفاعلة على محال وشركات الصرافة، والمضاربة العشوائية، ساهم في ارتفاع سعر الدولار بشكل متسارع، وسط شكاوى من تلاعب واسع بأسعار البيع والشراء دون رقابة حقيقية.
رابعًا: فقدان الثقة الشعبية
مع استمرار التدهور، فقد المواطنون ثقتهم في الريال اليمني، واتجه كثيرون إلى التحوّط عبر شراء الدولار والريال السعودي، أو الذهب، مما زاد الطلب على العملات الأجنبية، وأدى إلى مزيد من الضغط على السوق.
تداعيات اقتصادية واجتماعية مقلقة
الواقع المعيشي تدهور بشكل كبير. فقد ارتفعت أسعار الغذاء، والدواء، والمشتقات النفطية بنسب تجاوزت 300% في بعض الحالات، في حين بقيت الرواتب كما هي، ما يعني تآكلًا حقيقيًا في القدرة الشرائية، وتضاعف كلفة المعيشة.
تشير تقديرات منظمات إنسانية إلى أن أكثر من 80% من اليمنيين باتوا بحاجة لمساعدات إنسانية، فيما يعيش ملايين تحت خط الفقر المدقع، في ظل انعدام الأمن الغذائي وارتفاع البطالة.
*رؤية الخبراء:
يرى الباحث الاقتصادي- صادق المحيا -أن ما يُعرف بـ”استقرار الصرف” في مناطق الحوثيين هو استقرار قسري وغير واقعي، نتج عن سياسات أمنية صارمة لا تعبّر عن توازن العرض والطلب.
وقال المحيا:
“الميليشيات تجمع الأموال من المواطنين دون ضخّها مجددًا في السوق، وتفرض أسعارًا غير واقعية، ما يُربك التجارة ويزيد من معاناة المواطن”.
في المقابل، يرى أن ما يحدث في مناطق الحكومة الشرعية يعكس حركة سوق حقيقية تتأثر بعوامل اقتصادية واقعية، رغم غياب أدوات التدخل الكافية لدى البنك المركزي في عدن.
ويؤكد الأستاذ -عبدالرحمن النقيب- أن اليمن على أعتاب انهيار اقتصادي شامل إذا استمرت الحكومة في غيابها عن المشهد النقدي. وقال:
“الأزمة لم تعد تتعلق بسعر صرف، بل تهدد الأمن الاجتماعي لملايين اليمنيين. لا بد من تفعيل دور البنك المركزي، وقف طباعة العملة، وتوحيد السياسة المالية”.
واقترح النقيب جملة من الإجراءات العاجلة، أبرزها:
وقف فوري لطباعة العملة دون غطاء.
إعادة تفعيل الرقابة على سوق الصرف.
توحيد السياسة المالية والنقدية بين عدن وصنعاء.
تحفيز تحويلات المغتربين.
استئناف صادرات النفط والغاز كأولوية وطنية.
طلب ودائع نقدية من دول مانحة لدعم الاحتياطي الأجنبي.
*الطريق إلى التعافي: هل ما زال ممكنًا؟
الأزمة الحالية ليست مجرد تدهور في قيمة العملة، بل هي مؤشر على فشل شامل في إدارة الدولة اقتصاديًا ونقديًا. وإذا لم يتم اتخاذ خطوات إصلاحية عاجلة ومدروسة، فقد تصل البلاد إلى مرحلة الانهيار النقدي الكامل، ما سيقود إلى اضطرابات اقتصادية واجتماعية يصعب السيطرة عليها.
خاتمة: هل من أمل؟
إنقاذ الريال اليمني لم يعد مجرد مطلب اقتصادي، بل ضرورة وطنية عاجلة. فاستمرار الانهيار يعني توسّع رقعة الفقر، وزيادة الاعتماد على المساعدات الإنسانية، وانهيار آخر ما تبقى من مظاهر الدولة. لا بد من تدخل محلي شجاع ودعم دولي منسق، يعيد الثقة بالمؤسسات، ويمنح المواطن اليمني أملًا في غدٍ أفضل.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows