
كشفت منظمة "مشروع الشفافية التقنية" (TTP) في الولايات المتحدة عن تورط مليشيا الحوثي في إدارة شبكة تجارة أسلحة واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي تشمل بيع أسلحة أمريكية وروسية، مستغلة "إكس" و"واتساب" في الترويج العلني للأسلحة في مناطق سيطرتها بصنعاء.
التحقيق الأمريكي، الذي اطلع عليه "الصحوة نت" وترجمه للعربية، أشار إلى أن هذه السوق الرقمية للسلاح باتت أداة حوثية للترويج والدعاية والتسليح، وأنها تُدار من حسابات تابعة للجماعة، في وقت تستهدف فيه هذه المليشيا السفن الدولية في البحر الأحمر، وتوسّع عملياتها بدعم إيراني مباشر.
ورصد التحقيق 130 حسابًا على منصة "إكس" مقرها اليمن، تعرض أسلحة خفيفة وثقيلة للبيع، منها بنادق هجومية وقاذفات قنابل، وتبين أن أكثر من نصف هذه الحسابات حدّدت موقعها الجغرافي في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي منذ ما يزيد عن عشر سنوات.
- توظيف "إكس" لنشر دعاية السلاح الحوثية:
ذكرت منظمة TTP الأميركية أن الحسابات المرتبطة بالمليشيا عرضت صورًا لصناديق أسلحة موسومة بشعار الجماعة المعروف: "الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام"، ما يكشف بوضوح أن هذه التجارة مرتبطة مباشرة بالبنية الدعائية والعسكرية للجماعة.
الحسابات التي رصدها التحقيق أظهرت ولاءً صريحًا للحوثيين من خلال نشر مقاطع تلفزيونية من قناة "المسيرة" الحوثية، ومواد مصوّرة للهجمات البحرية على السفن التجارية، وخطابات لقادة الجماعة مثل نصر الدين عامر، المتحدث الرسمي باسم المليشيا والمدافع عن أنشطتها العدائية.
ولفت التحقيق إلى أنه من بين الحسابات البارزة، حساب عرّف نفسه بعبارة "بيع وشراء السلاح"، وحدد موقعه في صنعاء، ونشر بانتظام صورًا لأسلحة مختلفة منها بنادق AK-47، ووصف بعضها بأنها "فخر الصناعة العسكرية اليمنية"، في إشارة إلى مشاريع التسليح المحلية للمليشيات.
التحقيق أظهر أن 61% من هذه الحسابات أُنشئت بعد استحواذ إيلون ماسك على منصة "إكس" في أكتوبر 2022، وأن نحو 77 حسابًا شاركت بنشاط في بيع السلاح خلال الأشهر الستة الماضية، ما يعكس ازدهار هذا النشاط بالتزامن مع التصعيد الحوثي في البحر الأحمر.
- أسلحة أمريكية في قبضة الحوثيين:
وكشف تحقيق TTP عن حسابات حوثية تعرض بنادق أمريكية الصنع موسومة بعبارات "ملكية حكومة الولايات المتحدة"، إلى جانب أسلحة من طراز "M4 كاربين" مزودة بقاذفات قنابل "M203"، وأكد أن بعضها يحمل شعارات "Colt"، وهي الشركة المصنعة للجيش الأمريكي.
بعض الحسابات التي تُروج لهذه الأسلحة توجه المستخدمين إلى تطبيق "واتساب" عبر أرقام مسجلة كحسابات تجارية، تعرض كتالوجات كاملة تتضمن بنادق هجومية، قذائف، خوذًا عسكرية، ونظارات رؤية ليلية، وتُظهر المواقع الجغرافية للحسابات أنها تدار من قلب العاصمة صنعاء.
أحد هذه الحسابات نشر صورة للقيادي الحوثي مهدي المشاط وهو يستخدم بندقية أمريكية، بينما أظهر حساب آخر كتالوجًا يحوي عشرات البنادق، بعضها موسوم بعبارات "صنع في أميركا" أو "Property of U.S. Govt"، في تحدٍ واضح للقيود والرقابة التقنية والدولية المفروضة على الحوثيين.
التحقيق أكد أن هناك ما لا يقل عن 35 حسابًا حوثيًا على "إكس" عرضت أسلحة تحمل شعارات الناتو أو الحكومة الأمريكية، وشمل ذلك بنادق M4، M6، وقاذفات RPG، إضافة إلى بنادق قنص من طراز SVD، بعضها جديد كليًا، وبعضها عُرض للبيع بمبالغ تصل إلى 10 آلاف دولار.
- تسويق رقمي للأسلحة بغطاء تجاري رقمي:
ذكر التحقيق أن أحد الحسابات الحوثية على منصة X عرض أربع بنادق M4 مزودة بقاذفات قنابل، ونشر صورًا تُظهر بوضوح عبارة "ملكية حكومة الولايات المتحدة"، مشيرًا إلى التواصل عبر "واتساب"، بينما عرض حساب ثانٍ خوذة عسكرية ونظارات رؤية ليلية مع بندقية أمريكية مقابل 10 آلاف دولار.
التحقيق رصد كذلك ترويج أسلحة روسية من طراز AK-47 وقاذفات RPG-7، وذكر أن أحد الحسابات وصف قاذف RPG بأنه "نموذج روسي"، وقدّر سعره بحوالي 7,000 ريال سعودي (1800 دولار)، في حين عُرضت بنادق AK-47 على أنها "صفر استخدام" وبأسعار مرتفعة.
وأشار إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية فرضت هذا العام عقوبات على شبكة حوثية مرتبطة بشراء الأسلحة من روسيا، ما يعزز فرضية أن هذه الأسلحة يتم استيرادها بطرق غير شرعية عبر قنوات دولية لتغذية أنشطة المليشيا وتوسيع ترسانتها العسكرية.
وعلى الرغم من أن منصة "إكس" تحظر صراحة بيع الأسلحة أو الترويج لجماعات إرهابية، أظهر التحقيق أن الحسابات الحوثية تواصل أنشطتها دون أي تدخل أو إجراءات حظر، بل إن بعضها فعّل خدمات مدفوعة مثل "إكس بريميوم" ونشر مقاطع فيديو طويلة تتضمن شرحًا للأسلحة المعروضة.
- تواطؤ تقني وتقصير رقابي أمريكي:
نشر حساب حوثي مقطع فيديو يستعرض فيه رشاش أمريكي من طراز "M249 SAW"، فيما تفاعل عدد من هذه الحسابات مع منشورات لإيلون ماسك نفسه، حيث رد أحدهم بصورة لسلاح Barrett، وآخر نشر صورًا لبنادق من نوع AR-15 وبندقية خفيفة أخرى.
منظمة TTP أكدت أن شركة "إكس" عرضت إعلانات في بعض الردود على منشورات بيع السلاح، منها إعلان لمؤتمر CPAC المحافظ، وإعلان عن سياسة ترامب، بل وحتى إعلان لإكسسوارات سيارات "تسلا"، ما يثبت أن المنصة تجني أرباحًا من منشورات خاضعة للانتهاكات.
أما على "واتساب"، فأظهر التحقيق أن 69 من حسابات الحوثيين المحسوبة على "إكس" وجّهت المستخدمين إلى حسابات تجارية موثقة على "واتساب"، تعرض كتالوجات أسلحة وتعرّف نفسها كمتاجر لبيع السلاح، وبعضها يرتبط بصفحات على فيسبوك وإنستغرام تنشر صورًا مشابهة.
واختتم التحقيق بالدعوة إلى محاسبة "إكس" و"ميتا" على تمكين المليشيا الحوثية من إدارة سوق سلاح مفتوحة عبر الإنترنت، بما يشكله ذلك من تهديد مباشر للأمن القومي ، واعتداء على قوانين التجارة الدولية، وأداة تمويل علنية لأعمال العنف والتصعيد ضد المصالح العالمية.