
منذ انقلابهم على الدولة ومصادرة ونهب مقدراتها في العام 2014م وحتى من قبل ذلك عمل الحوثيون على التنكيل بكل من يرتبط بالقرآن الكريم حفظاً أو تعلمياً ، وفي كل منطقة سيطرت هذه المليشيات الأرهابية اتجهت إلى مدارس ودور التحفيظ وفجرتها ثم رقصت على أطلاطها في سابقة لم يشهدها تاريخنا الحديث ، ولم تكتفِ بذلك بل قتلت واختطفت وشردت حفاظه ومعلميه ومشائخه في كل مناطق سيطرتها إبتداءً من العاصمة المختطفة صنعاء والتي نهبت فيها الكليا العليا القرآن الكريم ، ثم حولت مبناها لاحقاً إلى جامعة طائفية تنشر الفكر الاثنا عشري المستورد من إيران ، واضحى القرآن الكريم وحفظه وتعليمه تهمة تستحق التنكيل في عرف هذه الجماعة الإرهابية التي تدعي زوراً وبهتاناً أنها "مسيرة قرآنية!" وحاشا وكلا أن لها من القرآن وهديه نصيب .
إن الاستهداف الحوثي لدور ومؤسسات ومدارس تحفيظ القرآن الكريم والعاملين فيها ليست حالة عداء عابرة بل رغبة عميقة في اقتلاع القيم القرآنية التي أرستها هذه المحاضن ، وأصَّلها هؤلاء المعلمون ، وأهم هذه القيم المساواة والعدالة وتحريم الاستعباد ، وهو ما يتصادم كلياً مع المشروع الحوثي القائم على خرافة "الولاية" وتفضيل السلالة ، ومنحها حقاً إلهياً مزعوماً بالحكم والتحكم والسيطرة والتملك ، وهو تصور فاسد يصطدم مع المنهج السماوي الذي يرسيه القرآن الكريم بالمفاضلة بين الناس بالتقوى لا بالنسب ، أضف إلى ذلك أن الذين ينهلون من مؤسسات تعليم القرآن بمختلف تسمياتها ينشأون على التمييز بين الحق الناصع والباطل الزاهق ، وبين مبادئ الشريعة واصطناع الخرافة ، ولا تنطلي عليهم أساليب الدعاية الطائفية وهرقطاتها ، بينما يريد الانقلابيون الحوثيون جيلاً خاضعاً لـ"الملازم" و"الصرخة" لا يفقه سواهما .
اجتماعياً يمثل تعليم القرآن الكريم جزءً أصيلاً من الهُوية اليمنية التي تناقلتها الأجيال منذ 14 قرناً ظل فيها تعليم القرآن في المساجد والكتاتيب مفتاح العلوم لدى الناشئة ، وهو ما تأصل جيلاً بعد جيل وانتقل إلى المدارس والجامعات ، وأضحى جزءً من هُويتنا اليمنية في بعدها الإسلامي ، وخاصة أن القرآن الكريم مرتبط باللغة العربية ، وهو ما يعزز ارتباط الأجيال بجذورها العربية والإسلامية ، وهذا ما لا يروق للحوثية التي تحمل مشروعاً دخيلاً على اليمنيين يسعون فيه لاستنساخ التجربة الإيرانية بهويتها الإثنا عشرية الفارسية ، وفي سبيل ذلك يبذلون كل جهودهم لتجريف هويتنا اليمنية الجامعة والمرتبطة بجذورنا الضاربة في عمق العروبة والمتزينة بقيم الاسلام العادلة .
المؤكد أن ما ارتكبته ولازالت ترتكبه هذه الجماعة الإرهابية من جرائم بحق مؤسسات تعليم القرآن الكريم ومعلميه ومشائخه وحفاضه يعرّي حقيقة مشروعها الطائفي الذي لا يتورع عن إزهاق الارواح ونشر الرعب والخوف دون وازع من ضمير أو رادع من دين ، ولن يتنازل اليمنيون عن شرف مقاومة هذا المشروع الدخيل ، ولا مناص بالمطلق لانقاذ البلد إلا باستكمال إسقاط الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة اليمنية الجامعة .
دمتم سالمين ..
Related News


