
حذّر مرصد العراق الأخضر المتخصّص في الشؤون البيئية من تحدّ وجودي جديد تواجهه البلاد في الأشهر المقبلة، نتيجة تدهور الوضع المائي، مبيّناً أنّ نسب التلوّث صارت مقلقة وسط غياب المعالجات الحكومية. وأفاد المرصد، في بيان، بأنّ العراق في عام 2014 كان أمام تحدّ وجودي، بسبب احتلال تنظيم داعش ثلاث محافظات فيه، أمّا الآن فإنّ التحدي الأكبر في البلاد هو الجفاف الذي أصاب معظم محافظات إقليم كردستان والوسط والجنوب من دون استثناء.
أضاف المرصد العراقي، في بيان أخير، أنّ "الجفاف وصل إلى 80% في مناطق الأهوار، ما أدّى إلى نفوق كثير من الكائنات الحيّة"، ولا سيّما "الجواميس التي تُعَدّ مصدر عيش لسكان هذه المناطق"، كذلك أدّى إلى "هجرة الفلاحين لأراضيهم، فضلاً عن الجفاف الذي أصاب كثيراً من المناطق السياحية في الإقليم التي كان يقصدها أبناء محافظات الوسط والجنوب في فصل الصيف من أجل الاستمتاع بالأجواء".
وتابع مرصد العراق الأخضر أنّ "درجات الحرارة باتت في تلك المناطق أعلى ما يُسجَّل في المناطق الجنوبية"، محذّراً من أنّ "الوضع في مناطق الأهوار على حافة الانهيار ما لم تتدخّل وزارة الموارد المائية وتنظّم (...) المياه في البلاد وتقضي على التجاوزات والحصص المائية من قبل بعض المحافظات والدول الخارجية". وشدّد على "الالتزام بالاتفاقيات التي تؤمّن تدفّق حصة مائية أكبر للعراق، من أجل إعادة الحياة إلى مناطق الأهوار والمناطق الزراعية الأخرى".
وأوضح المرصد أنّ "نسبة الملوحة في كرمة علي في البصرة (أقصى الجنوب) وصلت إلى 6300 جزء/المليون"، الأمر الذي "ينذر بكارثة بيئية ويجعل من هذه المياه غير صالحة للاستهلاك البشري كما الحيواني"، خصوصاً أنّ "كلّ هذه المعاناة من الوضع المائي السيّئ (تأتي) وفصل الصيف لم يدخل ذروته حتى الآن". ورجّح أن تكون الأشهر المقبلة في العراق "قاسية على جميع سكان المحافظات بسبب قلّة المياه، ما لم تتدخّل الحكومة وتجد صيغة لحلّ هذه المسألة مع الدول المجاورة بزيادة الإطلاقات المائية وإمكانية الاتفاق على حصة ثابتة".
في سياق متصل، يقول الناشط البيئي، عدنان الربيعي، لـ"العربي الجديد" إنّ "التلوث يمثّل تهديداً خطراً تواجهه المحافظات العراقية نتيجة انخفاض مستوى المياه"، مبيّناً أنّ "نسبة الجفاف وصلت في كلّ أنهر محافظة ديالى (شمال شرق) والمحافظات الجنوبية إلى 90%، وهي نسبة خطرة رفعت من مستوى التلوّث". ويؤكد أنّ "مياه تلك الأنهر بمعظمها لم تعد صالحة للاستهلاك البشري ولا الحيواني". ويشير الربيعي إلى أنّ "حكومة العراق اليوم عاجزة عن توفير الحلول"، مشدّداً على أنّ "لا حلّ إلا مع إبرام اتفاقات مع الدول المتشاطئة مع العراق، وأنّ التحرّكات في هذا الجانب ضعيفة". ويتابع أنّ "الأعوام المقبلة سوف تشهد تفاقماً يزداد خطورة في حال لم تتوفّر معالجات لهذا الملف".
وتجدر الإشارة إلى أنّ مخزون المياه في العراق يُعَدّ في أدنى مستوياته منذ 80 عاماً، بسبب موسم الأمطار الذي أتى ضعيفاً جداً، إلى جانب انخفاض تدفّق نهرَي دجلة والفرات اللذَين يمثّلان المصدرَين الأساسيَّين للمياه في البلاد. وكانت وزارة الموارد المائية قد أكدت أخيراً أنّ النقص في المياه أسوأ من العام الماضي.

Related News

