العراقيون في تركيا يواجهون خطر الترحيل جراء تعقيدات شروط الإقامة
Arab
5 hours ago
share

يواجه نحو 700 ألف عراقي في تركيا خطر الترحيل أو عدم تجديد الإقامات وسط حديث عن انتفاء مبررات بقائهم، حتى الطلبة ومالكو العقارات، وعاد الآلاف منهم إلى بغداد وأربيل.

تشدّد السلطات التركية شروطها وإجراءاتها وتزيد من رفض طلبات الحصول على الإقامة للعراقيين، سواء من المتقدمين الجدد أو الذين يسكنون في تركيا منذ سنوات. وأدى التوجه التركي الجديد إلى عودة عشرات آلاف العراقيين إلى بلادهم خلال العام الماضي، فيما تضيق السبل بمَن تبقّى من العراقيين الذين يرتبطون بالبلاد عائلياً أو دراسياً وحتى علاجياً، والذين باتت لديهم مشاريعهم التجارية والاقتصادية واستقروا في تركيا منذ أعوام، ناهيك بالعراقيين الذين يملكون المنازل والعقارات.

تُقدّر الجالية العراقية في تركيا، بحسب بيانات سابقة لوزارة الهجرة والمهجرين في العراق بنحو 700 ألف عراقي يتوزّعون على 12 ولاية تركية من أصل 81، وهي بحسب الترتيب: إسطنبول وأنقرة وسامسون وسكاريا ويالوفا وبورصا وأسكي شهير وغازي عنتاب وألانيا وجورم وبولو وكوتاهيا. ووفق القانون التركي، تحقّ للعراقيين خيارات متنوعة للإقامة في تركيا، بما في ذلك الإقامة السياحية والعقارية والطلابية، وإقامة العمل والإقامة العائلية، ويحصلون عليها عبر تلبية شروط من ضمنها توفير دخل ثابت وتأمين صحي.

لكن خلال العامين الماضيين، برزت تعقيدات كثيرة أمام العراقيين واشتدت أكثر خلال العام 2025، ووصل الحال إلى اعتقال بعض رافضي الترحيل من تركيا، وإجبارهم على الخروج. وسجّل العراقيون في تركيا حالات عديدة حصلت لرجال ونساء أُجبروا على الرحيل والعودة، وسط مناشدات ممثلي تجمعات العراقيين في إسطنبول وأنقرة، للحكومة العراقية من أجل التدخل.

وأفاد أكرم سلمان (39 عاماً) وهو عراقي يسكن في أنقرة منذ نحو أربع سنوات، بأن تجديد إقامته السياحية رُفض أكثر من مرة، ولم يشفع توكيله محامياً تركياً بحل المشكلة. وقد أُبلغ عبر مسؤولين في البلديات والشرطة التركية بضرورة رحيله مع أسرته والعودة إلى العراق، لأن الحكومة قررت عدم تجديد إقامته السياحية، مبيّناً لـ"العربي الجديد"، أنه لا يريد العودة بسبب التزاماته في تركيا، ومن ضمنها العمل ومدارس أولاده.

ورأى سلمان أن "وجهة نظر السلطات التركية تتلخص بترحيل الأجانب، وتحديداً الجنسيات من البلدان المستقرة أمنياً واقتصادياً، بمن فيها العراقيون، وحتى السوريون"، مشيراً إلى أن "سوق العمل في تركيا مليئة بالأجانب، ويبدو أن الحكومة التركية تسعى لإنهاء العمالة الأجنبية وتقليص معدلات البطالة. ورغم أن في ذلك حقّاً للأتراك، لكن قرارات تركيا واللجوء إلى دفع الأجانب للرحيل بهذه الطريقة تنطوي على ظلم كبير بحق الأجانب".

وتحدث سلمان عن "اعتقال عدد من العراقيين خلال الفترات السابقة، حيث أودعوا في السجون ووضعتهم السلطات التركية أمام خيارين، إما البقاء في السجن أو الترحيل القسري. وبالفعل جرى ترحيل الكثير من العراقيين، لكن بعض المرحّلين عادوا لطلب الإقامة في تركيا، غير أنهم رُفضوا جميعاً". وتابع: "خلال الأشهر الماضية غادر الكثير من العراقيين تركيا، بمَن فيهم الذين يملكون عقارات في البلاد ويحملون إقامات دائمة".

وفي اتصال بـ"العربي الجديد"، كشف مسؤول في وزارة الخارجية العراقية أن "العراق لا يستطيع التأثير في القرارات التركية"، عازياً الأمر إلى أن "الحكومة التركية لديها مبرّراتها في اتّخاذ الإجراءات التي تتناسب وطبيعة وضعها الداخلي والاقتصادي، لكننا نعلم أن تركيا تسعى إلى تخفيف أعداد اللاجئين والمقيمين لديها من العرب أو غيرهم، ممّن يؤثرون على فرص العمل، لا سيما مع تصاعد معدلات البطالة داخل تركيا، ما تسبّب بزيادة شروط منح الإقامات المؤقتة أو الدائمة على الجميع".

ورجّح أن "أكثر من 30 ألف عراقي عادوا إلى العراق خلال العام الجاري، بسبب رفض تجديد إقاماتهم أو صدور أوامر قضائية بترحيلهم. كما أن العائدين من المواطنين لا يذهبون إلى مدنهم الأصلية، إنما يقصدون المدن الكبرى، مثل بغداد وأربيل، باعتبار أنها قد توفّر لهم الحد الأدنى من مستوى المعيشة الذي كانوا يحصلون عليه في تركيا، مثل خدمات المياه والكهرباء والمدارس". وأعلن المسؤول نفسه أن "طلبات كثيرة وردت إلى السفارة العراقية في أنقرة، وحتى إلى وزارة الخارجية في بغداد، من أجل التدخل، لكن مثل هذه القرارات السيادية لا يجوز للعراق التدخل فيها أو مناقشتها مع الدول الأخرى، وينحصر دور السلطات بحل مشاكل العراقيين هناك ومساعدتهم باتّخاذ القرارات التي يرونها مفيدة".

وسبق لوزارة الداخلية التركية أن حدّدت ضوابط صارمة ووضعت مزيداً من الشروط بخصوص الحصول على الإقامة السياحية والتي يصعب توفيرها في أحيان كثيرة، وكذلك تحديد مدن وأحياء لإقامة الأجانب لحين قبول طلبات إقامتهم، وإغلاق عدد كبير من المدن والأحياء، خصوصاً في إسطنبول. تجدر الإشارة إلى أنّ معظم العراقيين الذين يعيشون في تركيا، اضطروا إلى مغادرة العراق خلال فترات العنف التي أعقبت الاحتلال الأميركي في عام 2003، فضلاً عن النزوح الكبير من المناطق التي احتلّها تنظيم "داعش" عام 2014.

ويُعامَل المواطن العراقي في تركيا بحسب بنود القانون التركي الخاص بالأجانب عموماً، في حال دخوله إلى الأراضي التركية بطريقة نظامية. لكن الوضع اختلف في منتصف عام 2023، حيث تعهد وكيل وزير الداخلية التركي طيب صبري أرديل، بإعادة النظر في تسهيل إجراءات منح تأشيرات الدخول وتجديد إقامات العراقيين في تركيا. وجاء ذلك في لقاء جمعه مع وكيل وزارة الخارجية العراقية لشؤون التخطيط السياسي هشام العلوي، الذي تحدث عن "مشكلات تواجه العراقيين المقيمين في تركيا". ومنذ ذلك الحين، عراقيون كثر ينتظرون ويترقبون، غير أن التعهدات التركية لم تنفَّذ حتى الساعة.

من جانبها، أشارت أم عمر (44 عاماً) المقيمة في أنقرة منذ أكثر من خمس سنوات، إلى أن "معظم العراقيين في تركيا باتوا جزءاً من المجتمع التركي، كما أن أغلبهم لا يؤثر في الاقتصاد التركي كونهم يعتمدون على مرتباتهم التقاعدية من العراق"، موضحة لـ"العربي الجديد" أن "العائلات العراقية مرتبطة بتركيا ارتباطاً استراتيجيّاً وليس وقتياً، إذ إن فصل الأطفال العراقيين بطريقة تعسفية من المدارس التركية سيؤثر على مستقبلهم الدراسي".

ولفتت إلى أن "الطلبات المقدمة إلى دوائر الهجرة التركية تتعرض للرفض في أغلب الأحيان، ويقول المسؤولون إن مبررات بقاء العراقيين في تركيا لم تعد موجودة، خصوصاً بعد انتهاء خطر الإرهاب وتحرير المناطق التي سقطت بيد تنظيم داعش. لكن في الحقيقة باتت للعراقيين في تركيا مصالح وحياة كاملة وارتباطات اجتماعية ومعيشية" داعية الحكومة العراقية إلى التدخل، كون "وضع العراقيين في المدن التركية بات صعباً، ويتعرّض من تبقى منهم للملاحقة الأمنية والقانونية"، بحسب تعبيرها.

أما علي المحمدي، وهو طالب عراقي في إحدى جامعات إسطنبول، فأشار إلى أنّ "العراقيين يأتون في المرتبة الرابعة بشراء العقارات في تركيا، لكن للأسف حتى هذه الخدمة للاقتصاد التركي لم تشفع للحصول على تصريح الإقامة، ولا سيما لمن يتقدم لأول مرة"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أنّ "الطلبة الجامعيين بدورهم يعانون من حصولهم على الإقامات أو تجديدها. وعاد بعضهم إلى العراق بعدما أصبحت البيئة التركية "طاردة"، ورغم ذلك فإن جهود السفارة والقنصليات العراقية في تركيا ضعيفة لا تساعد العراقيين في حلّ مشاكل الإقامة".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows