بعد يومين حافلين بالمحاضرات، النقاشات، والمقاهي الأدبية، أسدل أحد أبرز المواعيد الثقافية في مدينة الأنوار الستار على فعالياته. وقد اختارت جمعية "ضربة شمس"، الجهة المنظمة للمعرض، الجزائر ضيف شرف دورته الحادية والثلاثين، التي تميّزت بحضور نوعي وواسع لأدباء وباحثين من دول شمال إفريقيا، وأيضًا من منطقة الشرق الأوسط، وذلك في ظل الأحداث المتسارعة التي تشهدها المنطقة. زارت فائزة مصطفى المعرض وحضرت ندواته، وعادت بهذا الروبورتاج.
تحت سقف مزيّن باللوحات الفنية التي لا تُقدَّر بثمن في مقر بلدية باريس، عرضت عشرات دور النشر المغاربية والفرنسية أحدث إصداراتها في مجالات السياسة، الأدب، الفنون، القصص المصورة، وأدب الطفل. الموعد كان "المعرض المغاربي للكتاب"، الذي وجّه دعوة لأكثر من مئة كاتب وناشر من دول شمال إفريقيا وفرنسا، وأيضًا من شرق المتوسط مثل فلسطين وتركيا وسوريا.
وبالإضافة إلى جلسات التوقيع والمقاهي الأدبية، احتضن المعرض أكثر من خمسة عشر نقاشًا تناولت قضايا الهجرة، والهوية، ومكانة المرأة. لكن السياسة فرضت نفسها بقوة، نظرًا لما تشهده المنطقة العربية من نزاعات، كما يوضح مدير المعرض، جورج موران:
تأثرنا بشدة بالنزاعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، فقررنا تسليط الضوء على شرق البحر المتوسط. ما يحدث في فلسطين وخاصة غزة غير مقبول على الإطلاق. وعليه نظمنا ندوة كبيرة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعن الأوضاع في سوريا ولبنان، مما جذب جمهورًا واسعًا، وكُتّابًا بارزين أصرّوا على المشاركة في المعرض المغاربي للكتاب، تأكيدًا على أهمية مواصلة النضال ضد العنصرية التي تغزو العالم
شهدت الدورة حضورًا استثنائيًا للأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية، العربية، والأمازيغية، لكون الجزائر ضيف شرف الدورة، التي اختارت الروائية ماسية باي لتكون عرّابتها. وقالت باي:
اختياري كعرابة لمعرض يحتفي بالأدب الجزائري الفرنكفوني، وأيضًا المترجم من العربية إلى الفرنسية، أمر أعتبره مصدر فخر لي. بالنسبة لاختيار الجزائر ضيف شرف الطبعة، فهذا يتكرر كل ثلاث سنوات بالتناوب مع المغرب وتونس. الجزائر حاضرة بقوة عبر مشاركة كبيرة للكُتاب والناشرين، وهي طريقة لتكريم الأدب الجزائري والتعريف به خارج حدودنا، وهذا شيء رائع
شكلت التظاهرة الثقافية الباريسية فرصة نادرة للقاء الكتّاب المغاربيين، من خلال موائد مستديرة تبادلوا خلالها وجهات النظر حول قضايا تهم منطقتهم. وقد عبّر الروائي الجزائري أمين الزاوي عن أسفه لغياب مثل هذه المبادرات في بلاده وتونس والمغرب، إذ قال:
أصبح المعرض المغاربي للكتاب في باريس هو الوحيد الذي يجتمع فيه الكُتاب من الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا وغيرها، وهذا مؤسف، لأنه بدلا من لقائنا في أحد بلداننا نلتقي في بلد آخر. وأعتقد أننا كنخب علينا التفكير في أسباب ظاهرة الابتعاد عن بعضنا البعض، وغربة الواحد منّا عن الآخر، رغم أننا نكتب في خندق واحد في نهاية الأمر
ورغم العراقيل المادية التي يواجهها المنظمون، يصرون على مواصلة هذا الموعد السنوي الراسخ في الأجندة الثقافية الفرنسية. فالتظاهرة لا تروّج للكتب فحسب، بل تسهم أيضًا في تعزيز الحوار بين شعوب ضفتي المتوسط.
Related News


