موسم اصطياف ليبيا ينطلق وسط تحذيرات من تلوّث الشواطئ
Arab
8 hours ago
share

تبرز في بداية فصل الصيف أزمة تلوّث شواطئ ليبيا في ظلّ إهمال مشترك؛ من المواطنين الذين لا يكترثون لسلامتهم فلا يلتزمون التحذيرات، ومن السلطات المعنية التي لا تبذل ما يكفي من جهود للحؤول دون تضرّر المصطافين.

مع انطلاق موسم الاصطياف وتوجّه الليبيين إلى الشواطئ هرباً من الحرّ، نشرت وزارة الحكم المحلي في حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا قائمة بأسماء شواطئ في تسع بلديات ساحلية كبرى عدّتها "غير صالحة للسباحة"، وذلك استناداً إلى نتائج تحاليل بيئية أجرتها الإدارة العامة لشؤون الإصحاح البيئي على امتداد الساحل الليبي. وحدّدت الوزارة المناطق المحظورة في بلديات طرابلس المركز وحيّ الأندلس وتاجوراء وسوق الجمعة من ضمن العاصمة، بالإضافة إلى بلديات مصراتة وزليتن وصبراتة وسوق الخميس في غرب البلاد، وبلدية طبرق في أقصى الشرق. وطالبت سلطات هذه البلديات بضرورة اتّخاذ إجراءات عملية لمنع السباحة في المواقع الخطرة ووضع لوحات تحذير واضحة عند الشواطئ الملوّثة.

يقول المسؤول في إدارة الإصحاح البيئي يحيى حمزة لـ"العربي الجديد" إنّ الأزمة البيئية المرتبطة بشواطئ ليبيا "قديمة، لكنّ خطرها يتزايد في كلّ عام"، لافتاً إلى أنّ السبب الرئيسي يتعلّق بتوقّف أكثر من سبعين محطة لمعالجة مياه الصرف الصحي عن العمل على طول الساحل الليبي، الأمر الذي جعل خطوط المحطات تصبّ في مياه البحر مباشرة من دون أيّ معالجة. يضيف حمزة أنّ "الحرب والأزمات السياسية والاقتصادية المتتالية حالت دون إنشاء محطات جديدة أو صيانة أخرى قديمة"، وأنّ ثمّة أعمال صيانة تجري بين الحين والآخر، واصفاً إيّاها بأنّها "احترازية"، الهدف منها "الحؤول دون تفاقم الوضع في محطات محدودة، لكنّ المحطات بمعظمها خارجة عن الخدمة".

ومنذ عام 2016 على أقلّ تقدير، راحت بلدية طرابلس تدقّ ناقوس الخطر على خلفية اكتشافها أنّ نسب البكتيريا في مياه البحر بلغت مستويات خطرة وصلت إلى 500% من الحدود المسموح بها، الأمر الذي يعرّض بالتالي صحة المصطافين لمخاطر حقيقية. وعلى الرغم من تكرار بلدية طرابلس تحذيراتها، كذلك الأمر بالنسبة إلى بلديات أخرى، فإنّ وزارة الحكم المحلي نفسها لم تبدِ أيّ اهتمام بتلوّث الشواطئ إلا منذ عامَين فقط. ونشرت في عام 2023 أولى خرائط المصايف الآمنة على طول الساحل الليبي، علماً أنّ التحذير في العام الماضي شمل أكثر من ثلث المصايف المعتمدة والشواطئ من أصل 168 مصيفاً وقرية سياحية على طول الساحل الليبي.

لكنّ الوضع على الأرض يُظهر تجاوباً ضعيفاً مع التحذيرات، فالصور وتسجيلات الفيديو المتداولة تظهر لوحات إرشادية وضعتها السلطات للتحذير من خطورة السباحة في مواقع محدّدة، فيما تزدحم تلك المواقع بالعائلات، بما في ذلك الأطفال، في تجاهل واضح لما تتضمّنه. ويصف الناشط البيئي رافع التكبالي الأمر بأنّه "دليل على قصور آخر في سياسة السلطات"، شارحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "فيما تطلق (السلطات المعنية) التحذيرات في بيانات وتنصب لوحات تحذيرية، فإنّها لا تنفّذ أيّ إجراءات فعلية لمنع المواطنين فعلياً من الوصول إلى هذه الشواطئ الخطرة أو السباحة فيها". ويشدّد على أنّ "السلطات تتحمّل مسؤولية حماية المواطنين من أنفسهم في مثل هذه الحالات".

وينتقد التكبالي البيان الوزاري نفسه، متسائلاً عن سبب استثناء مدن رئيسية في شرق ليبيا مثل بنغازي، مشيراً إلى أنّ الرأي العام يعرف أنّها تعاني من مشكلات تلوّث حادة عند شواطئها. ويقول: "لا شكّ في أنّ عدم استثناء بنغازي ومدن أخرى في شرق البلاد من التحذيرات يعود إلى الانقسام الحكومي، وإلى عدم قدرة الإصحاح البيئي التابع لحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا على الوصول إلى تلك المناطق وإجراء الفحوصات اللازمة".

ويلفت الناشط البيئي الانتباه إلى حالة درنة شمال شرقي ليبيا والمناطق المجاورة لها التي تعرّضت لكارثة عاصفة دانيال والفيضانات المدمّرة التي تبعتها، ويسأل: "وماذا عن شواطئ درنة التي جرفت سيول العاصفة أطناناً من ركام المباني والمخلفات الصلبة إلى البحر؟". ويتابع قائلاً إنّ "في البحر مئات من الجثث التي بقي مصيرها مجهولاً وتحلّلت، وهي قد تمثّل مصدر تلوّث إضافياً يهدّد صحة المصطافين في تلك المناطق".

ويذهب التكبالي إلى أبعد من ذلك في تشخيص الأزمة، إذ يرى أنّ "المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في تحديد الشواطئ الملوّثة والتحذير منها، بل في عجز الحكومات المتعاقبة عن معالجة أسباب هذا التلوّث"، مشيراً إلى أنّ "هذا العجز يترك المواطن العادي أمام خيارَين مرَّين: إمّا تحمّل تكاليف باهظة للاصطياف في قرى سياحية ومصايف خاصة آمنة أنشأها مستثمرون في مناطق بعيدة عن المدن، وإمّا المخاطرة بالسباحة عند الشواطئ العامة الملوّثة والمجانية". ويؤكد الناشط البيئي أنّ "السلطات لا توفّر الحدّ الأدنى من السلامة حتى عند الشواطئ التي لم تصدر تحذيرات بشأنها من خلال توفير فرق إنقاذ بحري، بل تكتفي بالتحذير من المخاطر في مناطق محدّدة فقط".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows