النقابات المهنية في سورية تواجه سلطة "معطّلة"
Arab
4 hours ago
share

تواجه النقابات المهنية في سورية فوضى إدارية وتشتتاً وضياعاً، في غياب قرار حكومي يوضح آلية عملها ومصيرها بعد سقوط نظام الأسد. وتتحدث تقارير أصدرتها هذه النقابات عن "فشل حكومي أو تجاهل متعمد لتفعيل عملها الذي يرتكز على تشريعات وقوانين تقضي بإشراك الكوادر في اختيار الإدارة والمجالس الإدارية من خلال انتخابات حرة ومباشرة".

وظهر هذا بوضوح في أول تعامل للسلطة مع انتخابات النقابات المركزية للمحامين والمهندسين والأطباء في دمشق ومحافظات أخرى، إذ سارعت إلى فرض تعيينات إدارية، وتأجيل أي عمل انتخابي بذريعة المرحلة الانتقالية والإعلان الدستوري والانتخابات البرلمانية، كما أجّلت البت في تعيينات اتحادات الفلاحين والعمال والحرفيين لأجل غير مسمى. وخلق هذا التعامل هواجس لدى معظم كوادر النقابات والاتحادات، وأثار تساؤلات حول موقف السلطة من العمل الانتخابي الديمقراطي، ومن وجود هذه الكيانات بحد ذاتها.

قال المحامي منيب المصري لـ"العربي الجديد": "تعاملت السلطة الحاكمة مع النقابات والاتحادات كمؤسسات استهلاكية يمكن الاستغناء عنها ودمجها لاحقاً في الوزارات العاملة والخدماتية في سبيل تحقيق غايتين، الأولى تخفيف الأعباء الإدارية والمادية على ميزانية الدولة، والثانية لجم الحريات العامة وضبط القوانين والتشريعات الداعية لممارسة الديمقراطية والفعل الانتخابي، لما تمثله هذه التشريعات والقوانين من عبء أيديولوجي على فكر ومعتقدات السلطة، حيث إن القوانين الناظمة لهذه النقابات والاتحادات تؤكد ضرورة تشكيل إدارات ومجالس إدارية عبر انتخابات حرة في عملية ديمقراطية. واضطر ذلك السلطة للإسراع في تعيين إدارات لبعض هذه النقابات، مثل نقابات المهندسين والمحامين، وأيضاً إلى التدخل للحفاظ على الوضع الراهن للنقابات والاتحادات من خلال التحكم بالتعيينات وعمليات النقل، طالما أن السلطة هي المورد المالي الأهم لهذه الوحدات". وتابع: "اصطدمت هذه المحاولات من جانب الحكومة بواقع مختلف في محافظة السويداء جنوب سورية، حيث سارعت اللجان المهنية والشعبية إلى إنجاز تعيينات إدارية عبر الاستفتاء والانتخاب الحر المباشر، أو بالتوافق بين أغلبية الكوادر العاملة، ما دفع السلطات إلى التعامل مع بعض هذه الإدارات باعتبارها أمراً واقعاً، أو التدخل مباشرة عبر التعيين وتأجيل العمل الانتخابي".

وبعدما قدم مجلس نقابة المهندسين في السويداء طلب استقالة للمرة الثالثة في 22 يونيو الماضي، رفضته النقابة المركزية في دمشق بحجة أن الظروف غير مناسبة لإجراء انتخابات نقابية، وضرورة انتظار تشكيل مجلس الشعب الجديد، ما يجعل ملف الانتخابات النقابية معلّقاً حتى صدور تشريعات جديدة، ما يشير إلى أن النقابة المركزية لا تريد إجراء انتخابات وفق الأنظمة النافذة، وتلوّح دائماً باللجوء للتعيين المباشر في حال أصر المجلس على الاستقالة.

في المقابل، تتعاظم ضغوط النقابات المهنية المطالبة بانتخابات شاملة، تضع حداً لنهج التعيين وتفتح الباب أمام تمثيل فعلي. ولجأت كوادر المهندسين إلى استفتاء داخلي أثمر عن مطالبة أكثر من 91% من المشاركين بإجراء انتخابات شاملة بدلاً من التعيينات، وبناء على هذا الاستفتاء قدمت مجموعة من المهندسين عريضة طالبت المجلس بالاستقالة.

وأوضح مصدر من نقابة المهندسين في السويداء لـ"العربي الجديد" أن "النقيب وأمين السر في فرع السويداء استدعيا إلى النقابة المركزية بدمشق حيث أبلغا بأن إجراء الانتخابات غير ممكن حالياً، لأن الظروف التشريعية والوضع العام غير ملائمين، وإن النقابة المركزية ستضطر إلى تعيين نقيب وأعضاء مجلس بشكل توافقي، وإلا يجب أن تستمر النقابة في وضعها الحالي حتى تنظيم انتخابات مجلس الشعب وإصداره تشريعات جديدة".

وأشار المهندس وجيه عبد المولى، في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى معاناة مجمل النقابات من تدخلات المركز في عمل الفروع، وفرض التعيينات والتحكم باستقلاليتها الإدارية والمالية، وأكد أن النقابات المركزية تجاهلت النصوص القانونية بحجج الوضع السياسي والفترة الانتقالية، علماً أن المرسوم 80 الصادر عام 2010 واضح في منح استقلال إداري ومالي للفروع، ومن بينها صلاحية إجراء الانتخابات، بينما يقتصر دور النقابة المركزية على الإشراف وليس التعطيل".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows