
أفاد وزير الخارجية المجري، بيتر سيارتو، بأن الولايات المتحدة رفعت حزمة من العقوبات كانت مفروضة على مشروع محطة "باكش-2" للطاقة النووية في المجر، وهو المشروع الذي تنفذه روسيا بشكل رئيسي. جاء هذا الإعلان تطوراً مهمّاً ينظر إليه على أنه انعكاس لتحسن العلاقات الثنائية بين بودابست وواشنطن. وأوضح سيارتو في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء المجرية (MTI)، اليوم الأحد، أن القرار الأميركي جاء بفضل "وجود رئيس في البيت الأبيض منذ يناير/كانون الثاني يعامل المجر صديقاً"، في إشارة واضحة إلى عودة الرئيس دونالد ترامب للسلطة. وأضاف الوزير: "لذلك رفعَت حكومة الولايات المتحدة العقوبات المتعلقة باستثمارات محطة باكش النووية".
وكشف وزير الخارجية المجري أن العقوبات، التي فُرضت في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي تحت إدارة الرئيس جو بايدن، جعلت تنفيذ المشروع شبه مستحيل. وكانت هذه الإجراءات التقييدية قد عرقلت بشكل كبير تقدم العمل، مما أدى إلى تأجيل موعد صب "الخرسانة الأولى" للمفاعل الخامس، الذي كان مقرراً في مارس من هذا العام. ومع رفع هذه العقوبات، يتوقع سيارتو أن يحصل المشروع على "زخم جديد". وأكد أن تصنيع المعدات الكبيرة الحاسمة للمحطة، والذي كان يجري بالفعل في كل من روسيا وفرنسا، سيتمكن الآن من المضي قدماً من دون عوائق، كما أن أعمال البناء في موقع المحطة بمدينة باكش ستتسارع.
من جهته قال الباحث في الشأن الروسي، فاديم ميكيف، لـ"العربي الجديد": "رفع الولايات المتحدة للعقوبات المفروضة على مشروع المحطة النووية المجرية يمثل منفعة استراتيجية متعددة الأبعاد لروسيا. حيث يحمي هذا القرار استثمارات مالية ضخمة، ويضمن استمرار تدفق الإيرادات لشركات الطاقة الروسية. كما يعيد الثقة للمستثمرين الدوليين في قدرة روسيا على تنفيذ مشاريع كبرى رغم العقوبات". وأضاف ميكيف: "يثبت القرار، برغم العقوبات السابقة، فشل محاولات عزل روسيا تقنياً. كما يكشف الانقسام في الموقف الغربي، خاصة مع تغيير السياسة الأميركية تحت الإدارة الحالية، ما يفتح الباب لتفاوض حول استثناءات مماثلة في مشاريع أخرى بمناطق النفوذ التقليدية لروسيا". وأوضح أن"نجاح هذا النموذج قد يحفز دولاً أوروبية أخرى إلى التعاون مع موسكو في مشاريع طاقة مماثلة، مُضعفاً بذلك جبهة العقوبات الأوروبية الموحدة ومرسخاً الدبلوماسية النووية أداةً روسية فعالة لاختراق الحصار الغربي".
يعد مشروع "باكش-2" ذا أهمية حيوية لأمن الطاقة المجري. وتقوم المحطة النووية الحالية في باكش، الواقعة على بعد 100 كيلومتر من العاصمة بودابست، بتوليد ما يقارب نصف احتياجات البلاد من الكهرباء حالياً. ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الإسهام في مزيج الطاقة الوطني مع دخول المفاعلين الجديدين (المفاعل الخامس والسادس) الخدمة. جاء المشروع نتيجة اتفاقية وقعتها المجر وروسيا في نهاية عام 2014، حيث تتولى روسيا بناء وحدتي طاقة جديدتين باستخدام مفاعلات متطورة من نوع VVER-1200.
ووفقا لوكالة الأنباء الروسية: "ريا نوفوستي"تقدر التكلفة الإجمالية للمشروع بنحو 12.5 مليار يورو، حيث تقدم موسكو قرضاً لبودابست بقيمة تصل إلى 10 مليارات يورو لتمويله. وقد حصل المشروع بالفعل على الترخيص اللازم للبناء". ويمثل رفع العقوبات الأميركية استجابة لنداءات متكررة من الحكومة المجرية، التي كانت تصر على أن مشروع "باكش-2" حيوي لأمنها الطاقي ويجب استثناؤه من أي إجراءات عقابية مرتبطة بالنزاع في أوكرانيا. ويعكس القرار الأميركي تحولاً في النهج تجاه المجر تحت الإدارة الحالية.

Related News


