مصر: عودة الغاز تدريجياً للمصانع ومخاوف من زيادة أسعار الكهرباء
Arab
6 hours ago
share

بدأت شركات الأسمدة والبتروكيماويات والصناعات الثقيلة ومواد البناء تتنفس الصعداء بعد أسابيع من التوتر في سوق الطاقة، مع إعلان وزارة البترول والثروة المعدنية عن عودة تدريجية لإمدادات الغاز الطبيعي إلى القطاعات التي تضررت من تراجع إمدادات الغاز الطبيعي، منذ 13 يونيو/ حزيران الجاري. جاء ذلك عقب استئناف الكيان الإسرائيلي، ضخ كميات محدودة من الغاز عبر حقل ليفياثان البحري إلى الشبكة الوطنية للغاز. تأتي الخطوة بعد انقطاع استمر قرابة أسبوعين، تسبب في توقف مصانع الأسمدة عن العمل، وارتباك كبير لعدد من الصناعات الحيوية، خاصة قطاعات الحديد، والبتروكيماويات ومواد البناء.

وفق تصريحات وزير البترول المهندس كريم بدوي، فإن استئناف الضخ بدأ بكميات محدودة لا تتجاوز 200 مليون قدم مكعبة يومياً، مقارنة بنحو 800 مليون قدم مكعبة كانت تصل يومياً قبل العدوان الإسرائيلي على إيران، على أن ترتفع تدريجياً إلى 850 مليون قدم مكعبة في شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، في حال استقرار الأوضاع الأمنية بمنطقة شرق المتوسط. ويؤكد الوزير أن الحكومة المصرية وضعت سيناريوهات تشغيل مرنة بالتنسيق مع وزارة الكهرباء والشركة القابضة للغاز التابعة لوزارة البترول، من أجل إعادة التوازن بين تلبية احتياجات إنتاج الكهرباء وتغذية الصناعات الحيوية بالدولة.

وأضاف الوزير في تصريحات صحافية أن الأولوية القصوى لتدبير كميات الغاز خلال الصيف الحالي تستهدف تأمين إمدادات الغاز المحلي، مع تقليص الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال المستورد، نظراً لارتفاع أسعاره عالمياً. وتبدو كلمات الوزير متخطية اتفاق سبق أن أبرمته الشركات المصرية مع نظيرتها في تل أبيب تقضي بزيادة ضخ الغاز من الحقول الإسرائيلية إلى نحو 1.2 مليار قدم مكعبة بحلول يوليو المقبل، ترتفع إلى 1.5 مليار قدم مكعبة في شهر أغسطس القادم، وهو ما لا ترغب الشركات الإسرائيلية فيه دون التزام مصر بتعديل اتفاقية طويلة الأمد لشراء الغاز، مستهدفة زيادة سعر توريد الغاز بنسبة تصل إلى نحو 40%، وفق مصادر بهيئة البترول تحدثت لـ"العربي الجديد".

ويعتبر مستثمرون باتحاد الصناعات المصرية عودة ضخ الغاز بمثابة "قبلة حياة" لبعض الصناعات الثقيلة التي تعتمد على الغاز كمادة خام أو مصدر للطاقة، مشيرين إلى أن أبرز القطاعات المتضررة خلال فترة التوقف هي الأسمدة، حيث اضطرت شركات كبرى مثل "موبكو" و"أبو قير للأسمدة" إلى تعليق عمليات الإنتاج جزئياً أو كلياً، في ظل نقص الإمدادات. وبحسب تصريح مدير اتحاد الصناعات المصرية محمد البهي لـ"العربي الجديد" فقد بدأت الحكومة نهاية الأسبوع الماضي في إعادة ضخ الغاز إلى المصانع تدريجياً، مع إعطاء الأولوية لمصانع الأسمدة والحديد، لتفادي مزيد من التأثير على الأسواق المحلية وسلاسل التوريد.

وتشير التقديرات إلى أن معظم المصانع ستعود إلى طاقتها التشغيلية الكاملة مع بداية يوليو/ تموز، إذا ما واصلت الإمدادات الإسرائيلية الارتفاع واستقرت الأحوال الإقليمية. ويبدو اتحاد الصناعات متفائلاً بانتهاء أزمة تسعير منتجات الأسمدة التي ارتفعت في السوق المحلية بنسب تتراوح ما بين 20% إلى 40% خلال الأسبوع الماضي، مؤكداً أن أحد أبرز التأثيرات السريعة لأزمة الغاز كان الارتفاع الكبير في أسعار الأسمدة بالسوق المحلي، خاصة الأسمدة غير المدعومة، والتي سجلت زيادة بلغت نحو 40% خلال الأسبوع الماضي فقط.

ويخشى مزارعون من لجوء الحكومة إلى رفع أسعار الأسمدة المدعمة لتعويض الفجوة في تكلفة الإنتاج والاستيراد من الأسواق العالمية، خاصة مع تذبذب أسعار الغاز LNG وارتفاعها عالمياً، وهو الأمر الذي دفع رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي إلى إصدار قرار بشكل مفاجئ، الأسبوع الماضي، يقضي بإنهاء العمل بالتخفيضات الممنوحة للقطاعات الصناعية على مبيعات الكهرباء من محطات وشركات توزيع الكهرباء، مبرراً ذلك لمساعدة الحكومة في مواجهة أعباء تكلفة شراء الغاز والمازوت والسولار التي تأثرت بالزيادة الكبيرة في أسعار النفط والغاز المسال بالأسواق الدولية، عقب اندلاع الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

وتخطط الحكومة لزيادة أسعار الكهرباء لجميع المستهلكين، اعتباراً من شهر يوليو المقبل في تراجع عن نوايا طرحها برلمانيون الشهر الماضي عن رغبة الحكومة في مد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لتحرير أسعار الطاقة المقرر بنهاية العام الجاري لتنفذ عام 2026. وأرجع نقيب الفلاحين صدام أبو حسين زيادة أسعار الأسمدة إلى توقف الإنتاج المحلي، واضطرار الموزعين للاعتماد على المخزون أو شراء المنتج من السوق الحرة بأسعار مرتفعة، مع وجود صعوبة لتدبير بدائل من الجمعيات الزراعية، مع ارتفاع الطلب المرتبط بموسم الزراعة الصيفي واحتياجات المزارعين من النترات واليوريا.

وأضاف أن تعطيل تشغيل المصانع كان سيدفع السوق إلى مرحلة أشد عنفاً في المضاربة ورفع الأسعار بشكل غير مبرر، لكن بدء إعادة الإنتاج بالشركات يبعث الأمل في تراجع الأسعار عند مستوياتها المرتفعة منذ بداية موسم الزراعة الصيفي عند متوسط 20 ألف جنيه لطن اليوريا. في المقابل، توقعت مصادر حكومية أن تبدأ الأسعار في التراجع التدريجي خلال الأسبوعين المقبلين، مع استعادة المصانع جزءاً كبيراً من طاقتها الإنتاجية، مما سيزيد المعروض في السوق المحلي، ويخفض الضغط على المزارعين الذين واجهوا زيادات مفاجئة في تكاليف مدخلات الإنتاج.

تأتي البشرى الحكومية مدعومة بأنباء حول تسريع وزارة البترول عدداً من الخطوات لتعزيز أمن الطاقة، من بينها، دعم الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي عبر آبار جديدة، منها بئر "ظهر 6" الذي أضاف 60 مليون قدم مكعبة يومياً، والتخطيط لحفر بئر إضافية "ظهر 13" بقدرة إنتاجية تقدر بـ55 مليون قدم مكعبة يومياً، وتنويع مصادر الغاز عبر توقيع اتفاقات استكشاف جديدة مع شركات عالمية مثل شيفرون وشل وإني. كما أشارت وزارة البترول إلى أنها تسعى لتقليل الاعتماد على الاستيراد المكلف للغاز المسال، من خلال زيادة الاستثمارات في إنتاج الغاز المحلي، وتنظيم الاستخدام بين القطاعات المختلفة.

وقال عضو اتحاد جمعيات المستثمرين محسن الحبالي لـ"العربي الجديد" إنه رغم أن تدفقات الغاز لم تعد بعد إلى طاقتها الكاملة، فإن العودة التدريجية تمثل انفراجة كبيرة للأسواق المصرية، لا سيما للقطاع الصناعي الذي يشكل عماد الاقتصاد المحلي، مبيناً أن التراجع المتوقع في أسعار الأسمدة خلال الأسابيع المقبلة سيخفف من الأعباء الواقعة على كاهل المزارعين، الذين بدأوا بالفعل في التضرر من موجة الغلاء الطارئة في الوقت الذي لا تزال فيه التوترات الإقليمية تلقي بظلالها على إمدادات الطاقة، ويبقى الاستقرار النسبي لإنتاج الغاز المحلي هو العنصر الأهم في ضمان استمرار الإنتاج الصناعي الزراعي، وتحقيق توازن بين متطلبات السوق والاستقرار الاقتصادي.

وكان "العربي الجديد" قد رصد ارتفاعاً حاداً بأسعار الأسمدة في السوق المصرية خلال الأسبوع الماضي، مع تفاقم أزمة الغاز وانقطاع التوريد للمصانع، حيث بلغت عبوة اليوريا وزن 50 كجم ما بين 1600–1700 جنيه، مقارنة بـ 1200 جنيه مطلع يونيو الجاري وبلغت عبوة النترات ما بين 1100–1200 جنيه، بينما كان سعرها للمزارعين في حدود 264 جنيهاً لعبوة اليوريا و259 جنيهاً لعبوة النترات.

وتأثرت الأسعار بتوقف مصانع الأسمدة الكبرى عن الإنتاج مؤقتاً بما قلّص إنتاج الأسمدة المدعمة إلى نحو 40–50% من الكمية المتعاقد عليها، مع وزارة الزراعة لحساب الجمعيات الزراعية بالمحافظات، مع تراجع المخزون المدعوم إلى نحو 160 ألف طن مقابل 300 ألف طن أول الموسم مع انتشار المضاربات على البيع والتسعير بالسوق الحرة، وحرص السماسرة والموزعين على جنى الأرباح وسط ندرة العرض، مع قيام البعض بحجب الكميات لزيادة الربح.

وفي تقرير لمركز المعلومات بمجلس الوزراء أصدرته الحكومة مؤخراً، يقدر دعم الأسمدة الزراعية بنحو 30 مليار جنيه سنوياً، ونوهت الحكومة برغبتها في ضبط منظومة التوزيع لضمان وصول الدعم لمستحقيه، وتعزيز الرقابة على توزيع الأسمدة المدعمة من المصنع وحتى المزارع عبر "كارت الفلاح ونظام ميكنة كامل"، لمتابعة التوريد وحماية النظام من التلاعب والتهريب. وتشترط الحكومة على شركات الأسمدة ضخ 10% من إنتاجها في السوق الحر لتلبية احتياجات التجار والمزارعين ذوي المساحات الكبيرة.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows