
في تطوّر لافت بعد أسابيع من التوتر الجوي الناتج عن التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل، بدأت ملامح استئناف النشاط الجوي بالظهور تدريجياً، وإن على نحوٍ حذِر وغير موحّد بين شركات طيران الإقليمية والدولية.
ففي الوقت الذي أعلنت فيه الخطوط الجوية التركية استئناف رحلاتها إلى إيران، قرّرت شركة طيران الإمارات تمديد إيقاف رحلاتها إلى طهران حتى الخامس من يوليو/تموز القادم، فيما أكدت السلطات الإيرانية فتح المجال الجوي وسط وغرب البلاد فحسب لعبور الرحلات الدولية، مع استمرار إغلاق الأجواء في الشمال والجنوب.
في التفاصيل، أعلنت شركة طيران الإمارات، ومقرّها دبي، في بيان رسمي اليوم السبت، أنها قررت تمديد إلغاء جميع الرحلات الجوية من وإلى العاصمة الإيرانية طهران حتى الخامس من يوليو، مرجعةً القرار إلى "الوضع في المنطقة"، وأضاف البيان أن الشركة ستبدأ استئناف رحلاتها إلى العراق خلال الأيام المقبلة، إذ تعود الرحلات إلى بغداد في الأول من يوليو، والبصرة في الثاني منه، ما يعكس تقييماً تدريجياً ومدروساً للمخاطر الجوية الإقليمية.
في المقابل، أعلنت الخطوط الجوية التركية (Turkish Airlines)، على لسان مديرها العام بلال أكشي عبر منصة "إكس"، أنها ستستأنف رحلاتها إلى طهران ومدينة مشهد بدءاً من الاثنين المقبل.
وتُعد هذه العودة من بين أولى الخطوات الدولية نحو استئناف الطيران المباشر إلى إيران بعد الإغلاق الكامل للمجال الجوي الإيراني الذي أُعلن يوم 13 يونيو/حزيران الجاري، نتيجة العدوان الإسرائيلي الذي استمر 12 يوماً واستهدف منشآت عسكرية ومدنية في إيران.
من جانبها، أعلنت وزارة الطرق الإيرانية اليوم، عبر وكالة مهر للأنباء، فتح المجال الجوي في المناطق الوسطى والغربية من البلاد فحسب، وذلك أمام الرحلات الجوية الدولية العابرة. لكن الوزارة شدّدت في بيانها أن تعليق الرحلات الجوية الداخلية والخارجية لا يزال سارياً في شمال وجنوب البلاد حتى ظهر يوم غد الأحد، ما يعني استمرار المخاوف الأمنية في تلك المناطق القريبة من النقاط الساخنة.
وتكشف التغييرات في قرارات شركات الطيران عن انقسام في التقييمات الأمنية من جهة، وعن استمرار التعقيد في تشغيل الرحلات الجوية التجارية في الأجواء الإيرانية من جهة أخرى. ويبدو أن شركات مثل الخطوط التركية تتحرك وفق تطمينات إيرانية رسمية، بينما تفضّل طيران الإمارات اتباع مقاربات أكثر تحفظاً إلى حين وضوح الصورة الأمنية بالكامل.
وأتى هذا الاضطراب في حركة الطيران نتيجة موجة تصعيد عنيفة بين إسرائيل وإيران، بدأت مطلع يونيو وترافقت مع هجمات إسرائيلية-أميركية مشتركة استهدفت بنى تحتية ومواقع عسكرية في طهران ومدن أخرى، وردّت عليها إيران بسلسلة هجمات صاروخية وطائرات مسيّرة على قواعد إسرائيلية في الجولان والنقب.
وأدى ذلك إلى إغلاق الأجواء الإيرانية بالكامل في 13 يونيو، وتعليق معظم شركات الطيران لرحلاتها عبر المجال الجوي الإيراني والعراقي، وهو ما أدى إلى ارتفاع التكاليف التشغيلية وتمدّد أوقات الرحلات، خصوصاً للرحلات المتّجهة من آسيا إلى أوروبا والخليج.
بالإجمال، تبدو العودة إلى التشغيل الكامل للمجال الجوي الإيراني مرهونة بمدى استقرار الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، وبينما تتحرك بعض شركات الطيران سريعاً نحو استئناف الرحلات، تفضل شركات أُخرى الالتزام بنهج تدريجي متأنٍ، فيما لا تزال البيئة الجوية تنطوي على مخاطر محتملة في أي لحظة، كما لا يزال ملف الأمن الإقليمي مفتوحاً، ما يعني أنّ قرارات شركات الطيران ستظل مرتبطة بمستوى المخاطرة والضمانات الأمنية المقدّمة من إيران والجهات الدولية.

Related News
