في الوقت الذي لم تجف فيه دماء 19 ضحية - أغلبهن من الفتيات الصغيرات - لقين مصرعهن في حادث مأساوي على الطريق الإقليمي بمحافظة المنوفية، صباح أمس الجمعة، شارك وزير النقل والصناعة المصري، الفريق كامل الوزير، في فعاليات منتدى الترابط العالمي في مجال النقل 2025 المقام بمدينة إسطنبول التركية، مستعرضاً ما وصفها بـ"ملامح النهضة التي تشهدها مصر في مختلف المجالات، وعلى رأسها قطاع النقل".

ورغم الحادث المروع الذي خلّف حالة من الغضب الشعبي بسبب تكرار الكوارث على الطرق السريعة، لم تصدر وزارة النقل حتى الآن أي بيان رسمي بشأن الحادث، في تجاهل لافت من المسؤولين المعنيين بملف البنية التحتية وسلامة النقل، ما اعتبره مراقبون دليلاً على غياب المساءلة وتقديم الصورة الترويجية على حساب الواقع.

وأمام المشاركين في المنتدى الدولي، تحدث الوزير - بحسب بيان لوزارته - عما وصفه بـ"خطة غير مسبوقة لتطوير البنية التحتية لقطاع النقل في مصر خلال أقل من 10 سنوات"، مشيراً إلى استثمارات تتجاوز تريليوني جنيه مصري، تشمل إنشاء 7 ممرات لوجستية دولية لربط مناطق الإنتاج بالموانئ البحرية بوسائل نقل "سريعة وآمنة"، مروراً بالموانئ الجافة والمناطق اللوجستية. وأشار الوزير أيضاً إلى ما وصفها بإنجازات في قطاعات النقل كافة، بدءًا من الطرق والكباري، مروراً بالجر الكهربائي والسكك الحديدية، وصولاً إلى النقل البحري والنهري، مؤكداً العمل على إنشاء شبكة للقطار الكهربائي السريع والتوسع في النقل الحضري الأخضر المستدام صديق البيئة، بالإضافة إلى جهود توطين الصناعات المرتبطة بالنقل.

وأعادت تصريحات الوزير في ظل الحادث الأخير إلى الواجهة التساؤلات حول مدى واقعية الأرقام المُعلنة عن تطوير البنية التحتية، ومدى فاعلية خطط السلامة المرورية في بلد ما زالت حوادث الطرق فيه تحصد الأرواح بشكل شبه يومي.

وبحسب التحريات الأولية، فإن حادث الطريق الإقليمي، صباح أمس الجمعة، وقع نتيجة تصادم مباشر بين سيارة نقل ثقيل وحافلة صغيرة (ميكروباص)، بسبب السرعة الزائدة. وأسفر الحادث عن تحطم السيارتين بالكامل. وباشرت النيابة العامة التحقيق، وقررت انتداب الطب الشرعي لمناظرة الجثامين، كما جرى تحرير محضر بالواقعة، وبدأت جهات التحقيق في الاستماع إلى أقوال شهود العيان والناجين من الحادث. حيث كان الضحايا يستقلون سيارة ميكروباص في طريق عودتهم من عزاء بقرية مجاورة، عندما اصطدمت المركبة بشاحنة نقل تسير بسرعة جنونية في الاتجاه المعاكس. وأكد شهود عيان أن المنطقة التي وقع فيها الحادث تفتقر إلى أي فواصل خرسانية أو إنارة، كما تغيب عنها دوريات المرور ونقاط الإسعاف.