تعمّق الأزمة الإسرائيلية: الحرب في غزة وإيران فتحت جبهة استنزاف
Arab
4 hours ago
share

فتح العدوان على غزة الذي اندلع في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 وما تبعه من تصعيد مع حزب الله في الشمال والمواجهة مع إيران، جبهة استنزاف اقتصادي عميق في إسرائيل، ما ينذر بتداعيات قاسية على الناتج المحلي الإجمالي في الحاضر والمستقبل.

وذكر موقع "فيرجيليو" الإيطالي في تقرير صدر بتاريخ 21 يونيو/ حزيران تحت عنوان "الحرب ضد حماس وإيران، التكلفة بالنسبة لإسرائيل ونتنياهو: مشكلات لاقتصاد البلاد" أنه مع ارتفاع وتيرة القتال، تتصاعد التساؤلات حول التكلفة الحقيقية لهذه الحروب، خاصة بعد صدور تقديرات اقتصادية أولية تنبّه إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي قد يواجه أزمة حادة إذا استمرت هذه النفقات بالوتيرة نفسها.

وفي هذا السياق، أشار تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن التكلفة اليومية للحروب التي تشنها إسرائيل تقدر بمئات ملايين الدولارات. بينما أفاد "معهد أهارون للسياسات الاقتصادية" التابع لجامعة رايخمان بأن تكلفة شهر واحد فقط من الحرب قد تصل إلى نحو 12 مليار دولار. وثمة مفارقة لافتة كشفها تقرير صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، إذ تبين أن اعتراض صاروخ يكلف ما لا يقل عن عشرة أضعاف سعر الصاروخ ذاته.

ووفقًا للباحث يشوعا كاليزكي من "معهد الدراسات الأمنية القومية"، فإن استخدام منظومة "مقلاع داوود" لاعتراض صاروخ واحد يكلف حوالي 700 ألف دولار، بينما ترتفع الكلفة إلى 3 ملايين دولار مع منظومة "أرو 2" وتصل إلى 4 ملايين مع "أرو 3". وبحسب المعطيات الرسمية الإسرائيلية، فإن إيران أطلقت أكثر من 400 صاروخ خلال الأيام التي سبقت وقف إطلاق النار، ما يجعل كلفة التصدي لها باهظة للغاية.

وأضاف الموقع أن التكاليف العسكرية تتجاوز حدود الدفاع الجوي، لتشمل أيضًا أعباء كبيرة على صعيد البنية التحتية وتكاليف تشغيل سلاح الجو: تشغيل مقاتلة مثل "إف-35" يتطلب ما يصل إلى عشرة آلاف دولار للساعة، هذا فضلًا عن استخدام قنابل موجهة عالية الدقة مثل JDAM وMK84، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف بشكل غير مسبوق مقارنة بالحروب السابقة ضد حزب الله أو حماس في غزة.

وأشار إلى أن هذه النفقات تضاف إليها كلفة إعادة بناء البنية التحتية المدنية المتضررة. ووفق الهيئة الإسرائيلية للدبلوماسية العامة، فقد تم تدمير مئات المباني، وتم إجلاء آلاف الأشخاص. وتقدر وكالة الأنباء الإيطالية الرسمية "أنسا" وصول النفقات العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى أكثر من 67 مليار دولار حتى نهاية عام 2024، تشمل نفقات القتال والدعم المدني وخسائر الإيرادات من دون احتساب انخفاض الإنتاجية والاضطرابات في سلاسل التوريد.

كلفة الحرب

أما ضد إيران، فتشير التقديرات إلى أن إسرائيل كانت أنفقت نحو 735 مليون دولار يوميًا: 300 مليون لوقود الطائرات والأسلحة و200 مليون لاعتراض الصواريخ الإيرانية ما ينعكس أيضًا على الإنتاجية نتيجة استدعاء الاحتياط. وتابع التقرير أن الإنفاق الحربي يمثل حوالي 7% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل، في وقت بلغ العجز المالي 4.9% من الناتج المحلي، أي ما يعادل 27.6 مليار دولار، ما يضع الميزانية العامة تحت ضغط شديد، بحسب "أنسا".

كما تم خفض توقعات النمو الاقتصادي لعام 2025 من 4.3% إلى 3.6%. من جهته، ذكر المنسق العلمي لمرصد البحر المتوسط التابع لمعهد بيوس الخامس للدراسات السياسية، الدكتور فرنشيسكو أنغيلوني، أن "الحرب في غزة وقرار إسرائيل ضرب إيران يمثلان لحظة محورية للتوازن الجيوسياسي والاقتصادي الأوسع نطاقاً في الشرق الأوسط".

وأوضح أنغيلوني، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أن إسرائيل ترزح، من الناحية الاقتصادية، تحت ضغوط قاسية ومستمرة، إذ تستنزف العمليات العسكرية المستمرة منذ ما يقرب من عامين موارد الدولة بمعدلات باهظة، حيث تُقدَّر الكلفة اليومية للحرب بين 700 و790 مليون دولار، فيما بلغت النفقات العسكرية خلال الـ 48 ساعة الأولى من الهجمات على إيران نحو 1.45 مليار دولار". وتابع أن "هذا التدهور تعكسه المؤشرات الاقتصادية؛ فقد تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي من +6.5% في عام 2022 إلى نحو +2% في عام 2023. فيما انخفضت معدلات الاستهلاك الخاص بنسبة 26.9% والاستثمارات بنسبة 67.8% والصادرات بـ18.3% والواردات بـ42%، بينما قفز الإنفاق العام بنسبة 88%، ما زاد من حدة الاختلالات المالية.

كما شهدت المناطق الجنوبية والشمالية الانكماشات الاقتصادية الأشد، لا سيما في القطاعات كثيفة العمالة". أما الخدمات اللوجستية والتجارة البحرية فقد تأثرت بشدة أيضًا، وفقاً للخبير الإيطالي، فقد أجبر التوتر المستمر في البحر الأحمر ومضيق باب المندب العديد من شركات الشحن على تغيير مساراتها لتسلك طريق رأس الرجاء الصالح، ما أدى إلى إطالة زمن الرحلات البحرية بنحو 10 إلى 14 يومًا، وارتفاع كلفة شحن الحاويات من 1,975 دولارًا إلى أكثر من 2,300 دولار.

كما ارتفعت أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب للسفن التي ترسو في الموانئ الإسرائيلية من 0.2% إلى 1.0% من قيمة السفينة". ورأى أن "التدهور الاقتصادي على الصعيد الداخلي، يفاقم الاستقطاب السياسي والاجتماعي الذي تعاني منه إسرائيل بالفعل.

ويهدد تصاعد الضغوط المعيشية بتعميق حالة السخط الشعبي في مجتمع منقسم بالفعل حول قيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والتوازن بين الأمن القومي والحوكمة الديمقراطية"، مضيفاً أن "هذه التطورات قد تؤدي إلى تآكل مركز إسرائيل، على الساحة الدولية، شريكاً اقتصادياً مستقراً وموثوقاً به. فقد ألقى الغموض الجيوسياسي وهشاشة البنى التحتية بظلال من الشك على تموضع إسرائيل الاستراتيجي".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows