أعلنت السلطات في الجزائر  شروعها في تسوية وضعية آلاف المهاجرين غير النظاميين المقيمين في الخارج، من خلال السماح بتسجيلهم في القنصليات ومنحهم جوازات سفر، من دون اشتراط تقديم وثائق تثبت إقامتهم القانونية في البلدان المستضيفة. وتُعد هذه الخطوة بمثابة انفراج طال انتظاره، من شأنه أن يضع حداً لمعاناة آلاف الشباب المهاجرين غير النظاميين.

وأفاد ردٌّ مكتوب صادر عن وزارة الخارجية الجزائرية، اليوم الجمعة، في إطار استجواب نيابي، بأنها شرعت في اتخاذ إجراءات تهدف إلى تسوية وضعية جوازات سفر جميع المغتربين الجزائريين، بغضّ النظر عن طبيعة إقامتهم في الخارج. وأوضح المصدر ذاته أنه يتم حالياً تحيين التشريعات القانونية، ولا سيما تعديل المرسوم الرئاسي الساري منذ عام 2002 والمتعلق بالوظيفة القنصلية، وذلك بهدف تمكين كل مواطن جزائري مقيم خارج الوطن من الحصول على جواز سفر بيومتري، من دون اشتراط حيازة وثائق إقامة قانونية في البلد المضيف.

وتأتي هذه الخطوة لإلغاء القيود التي كانت تحول دون إصدار جوازات السفر البيومترية لآلاف المهاجرين الجزائريين غير النظاميين، ما يشكل تحوّلًا بارزاً في تعاطي الدولة مع ملف الهجرة. كما أكدت الخارجية أنه تقرر في الأثناء، لتسهيل عملية إصدار جوازات سفر استعجالية، لفائدة المعنيين، وذلك قصد تمكينهم من تسوية وضعيتهم الإدارية، في بلد الإقامة والقيام بكل المعاملات، التي تستلزم تقديم جواز سفر ساري المفعول، على غرار إبرام عقود زواج وفتح حسابات بنكية.

وكانت القنصليات الجزائرية تمتنع عن إصدار جوازات سفر أو تجديدها للمهاجرين غير نظاميين، الذين لا يثبتون تسوية وضعية إقامتهم في البلدان المعنية، بسبب خروجهم من الجزائر بطريقة غير قانونية، وقد عقّد ذلك من وضعية الآلاف منهم، خاصة ممن يرغبون في زيارة عائلاتهم في  الجزائر، بعد حصولهم على تسويات لوضعيتهم في الدول التي وصلوا إليها بطريقة غير قانونية.

وفي غضون العامين الماضيين، كان الآلاف من المهاجرين غير النظاميين المقيمين بطريقة غير قانونية في دول أوروبية، قد طالبوا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتسوية وضعيتهم وإعطاء أوامر للقنصليات الجزائرية في الخارج، إصدار جوازات سفر لهؤلاء المهاجرين.

وردت الخارجية الجزائرية على استجواب وجهه النائب عن كتلة حركة "مجتمع السلم" الممثل للجالية في الخارج، عبد الوهاب يعقوبي، بشأن استمرار أزمة تسليم جوازات السفر للمهاجرين الجزائريين غير النظاميين المقيمين في الخارج، برغم مرور سنة منذ إعلان تبون في مارس/ آذار 2024، تسوية نهائية لهذه المعضلة في غضون شهرين، لتسهيل استيعاب جميع المواطنين الجزائريين في الخارج غير المسجلين، من خلال تسليمهم جواز السفر البيومتري لمدة عشر سنوات بعد إدراجهم في السجل القنصلي، وتوفير الحماية لهم، من دون شرط الإقامة القانونية في بلد المهجر.

كان النائب أكد استمرار "إكراهات تنظيمية لا تزال تشكل عائقاً أمام التطبيق الفعلي لتعليمات السيد رئيس الجمهورية، وبإجراءات ميسّرة خالية من التعقيدات والعراقيل غير المبرّرة"، ما يؤدي "إلى حرمان آلاف المواطنين، أفراداً وعائلات وأطفالاً، من حقوقهم الدستورية، ويعرضهم لمشاكل قانونية وإدارية تمس استقرارهم الاجتماعي والمهني".

في نهاية مارس/ آذار 2024، أعلن تبون إنهاء أزمة جوازات سفر المهاجرين غير النظاميين في الخارج، خاصة في أوروبا، واتخذ خطوة لتمكينهم من تسوية أوضاعهم والحصول على جوازات سفر، وتمكين جميع المواطنين الجزائريين المقيمين في الخارج من الحق في الحصول على جوازات السفر في غضون شهرين.

وقد لاقى هذا التصريح ارتياحاً كبيراً لدى آلاف من المهاجرين الجزائريين المحرومين من حقوقهم الأساسية في وثائق الهوية. وقال حينها إنه "ملتزم بتسويتها على مدى شهرين على أقصى تقدير، بعد هذه الفترة لن تكون لهذه المشكلة وجود"، غير أن المشكلة لم تنته حتى بعد مرور أكثر من عام كامل على إعلان تبون تعهداته، ما دفع النائب عن الجالية في الخارج، عبد الوهاب يعقوبي إلى استجواب الحكومة بهذا الشأن.